الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
كفانا فيسبوك!؟

كفانا فيسبوك!؟

أخبار وأسرار فيسبوك تتوالى وتطاردنا صباحا ومساء.. فيسبوك وصاحبه مارك زوكربيرج فى قفص الاتهام. فيسبوك اللعين صار وظل حديث الساعة وهو المتهم بأنه وراء كل ما أصاب المجتمع الأمريكى وتربية الأجيال والحياة السياسية فى أمريكا.ولا يتردد أحد فى القول بأن التشكيك والتضليل والفبركة من نتاج فيسبوك وأيضا التواصل الاجتماعى والتدفق اللا معقول للأكاذيب والافتراءات والحقائق الملتوية.



والكل يصب اللعنات على فيسبوك ومؤسسه وصاحبه مارك (ثروته تقدر بنحو 120 مليار دولار).. وقد غير مؤخرا اسم شركته إلى «ميتا».. فى محاولة منه لاحتواء الأزمة وتبديد الاتهامات وترويج القول بأن التغيير والتصحيح قادم لما تم من قبل باسم فيسبوك.

والصخب المثار حول فيسبوك فى الفترة الأخيرة بلا شك أكثر حدة وأشد انتقادا وأقسى اتهاما لممارسات هذا الوسيط الاجتماعى الذى هيمن على حياتنا.. وأدمنه الصغار والكبار معا.. نحن نتحدث عن متوسط أربع ساعات يقضيه الأمريكى البالغ مع السوشيال ميديا.

قد يرى البعض مبالغة فى توصيف نفوذ فيسبوك وسيطرته على عقليات ونفسيات مستخدميه إلا أن ما حدث وما يحدث يفوق الوصف حسب ما تكشف من خلال المتابعات والمكاشفات الإعلامية والمواجهات الصادمة التى شهدتها جلسات بالكونجرس. الصحف الأمريكية ومنها «وول ستريت جورنال» كشفت النقاب عن تفاصيل آليات عمل فيسبوك وكيف أنها تجاهلت ما يحدث طالما يدر الأموال للشركة. لكن هل الإمبراطورية تريد أو تستطيع التصدى لوقف هذا الطوفان من الابتزاز المعلوماتى؟ والأمر الأهم هل تستطيع الشركة العملاقة أن تصحح مسارها وتقلل من الكذب أو التضليل العابر من خلالها للملايين من البشر ( 300 مليون فى أمريكا و2.89 مليار فى العالم) أم أن جهات أخرى ومنها السلطة التشريعية (الكونجرس) عليها أن تتدخل لتنظيم مرور التواصل الاجتماعى أو التدفق المعلوماتى؟!

لا شك أن نفوذ فيسبوك زاد عن حده.. وتغول بشكل صار يرعب أولياء الأمور وأصحاب القرار وأيضا المهتمين بالأجيال المقبلة وصحتهم النفسية.. وحتى لا تختلط الأمور لمن يتصدى لهذا التحدى فإن المشكلة ليست فقط فى محتوى ما يتم تداوله أو التواصل من خلاله بل أيضا فيما يحدث من تشبث به واعتماد عليه فى كل حاجة.. والأمر الأخطر بالطبع الابتعاد تدريجيا عن الحياة الطبيعية إلى الفضاء الافتراضى وما يمثله من واقع متواجد ومستمر من خلال الهاتف الذكى.. وأرجوك لا تسألنى لماذا تم توصيفه بالذكى.. هل لأنه صار بديلا لما كنا نحمله من قدرة على التذكر والتفكير والاختيار.

ويجب التنبيه خلال مناقشاتنا لـ «فيسبوك» وملفات السوشيال ميديا بشكل عام بأن القوانين الخاصة بالإنترنت واستخداماته يرجع تاريخها لعام 1996 (من ربع قرن).. والأسئلة التى تطرح نفسها ما هى الخطوات والإجراءات التى يجب اتخاذها للحد من الآثار السلبية للسوشيال ميديا؟ وهل لمستخدمى هذه الوسائل دور فى الحد من إدمان السوشيال ميديا ؟ وهل فيسبوك فقط منبع ومصدر كل هذه المصائب والبلاوى أم أن وسائل السوشيال ميديا الأخرى لها أيضًا نصيبها من الآثار النفسية والاجتماعية لاستخدامها العابر للأجيال؟ وهل التخلص من فيسبوك أو تحجيمه أو تلجيمه سيحل الأزمة أم أن البديل القادم أخطر وأشطر وبالتالى الشيطان الذى نعرفه خير من الشيطان الذى لا نعرفه.. حسب القول الشائع فى المشهد الأمريكى.

وأثناء مناقشة كل هذه الأمور الشائكة فى مجلس الشيوخ حرصت السيناتور الديمقراطى آمى كلوباشار على التأكيد بأن لا يمكن إظهار ثقة عمياء تجاه ما فعلته وما تفعله شركات تكنولوجيا المعلومات.. من أجل المزيد من جلب الأموال والأرباح.. وذكرت أيضا بأن هناك توافقًا مبدئيًا ما بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى على التصدى لمخاطر انتشار وتفشى السوشيال ميديا وخصوصا بالنسبة للأجيال الجديدة واعتمادها المطلق عليها فى كل شىء.

وأغلب من يناقش مخاطر إدمان السوشيال ميديا يدرك أن الأسئلة أكثر من الأجوبة.. ولا أحد يملك الإجابة النموذجية. ويجب التنبيه هنا أن أغلب أعضاء الكونجرس لديهم أمية تكنولوجيا معلومات.. وبالتالى استعانوا بمن لديهم المعرفة والإلمام بتفاصيل هذا التحدى الأمريكى العالمى الذى نقف أمامه اليوم حائرين.. هل من سبيل أو أكثر من سبيل للحد من شراسة فيسبوك.. وتغلغل يوتيوب وتسرب تيك توك في حياتنا؟!!