غادة حامد
ريموت كنترول القلق
الكثير مننا يتمنى لو أن ذلك النقاش المستمر الدائم فى عقله يتوقف ولو للحظات، ياخد إجازة عارضة حتى ويسيبه فى حاله، أو أن تصبح منغصات الحياة أكبر حجمًا من مسامات جسمه فلا تنفذ إلى داخله ولا تشغل قلبه بين «أمل وترجى وخوف وقلق وحيرة».
لو أن فقط تلك المنغصات لا يسمح لها بالسريان فى شراييننا؟ لو أننا فقط يمكننا أن نرش مبيدا ساما عليها كما نفعل مع الحشرات فلا تزن فى رؤوسنا وتعكر صفو أيامنا.. لو أننا نستطيع أن نغلق جفوننا بالضبة والمفتاح كما نفعل مع الأبواب والشبابيك قبل أن ننام فلا ينفذ القلق إلينا. ولا يتسرب بسمومه إلى أحلامنا لو يمكننا أن نطرده بدلا من أن يطرد هو النوم من أعيننا؟
من مننا لا يتمنى تلك الأمنيات.. من منا لا يرجو صفاء الذهن وراحة البال، ولكن يبقى القلق وتبقى الأسئلة تدور فى أذهاننا لماذا نقلق؟ هل يمكن أن نسيطر على القلق؟ كيف؟.
طبعا لأننا بشر نشعر ونفرح ونخاف ونتألم.. لكن لماذا جعلنا الله نقلق؟ ولماذا يصعب علينا السيطرة على القلق؟ وكيف تسيطر عليه؟
أما الغرض من القلق يا عزيزى فهو غرض مهم جدا وهو حمايتنا! نعم القلق فى حد ذاته هو الداء والدواء فى نفس الوقت.. والمفتاح فى إيدك!
القلق هو تماما بمثابة جهاز الإنذار الذى يلحقه البعض بسيارتهم خوفا عليها من السرقة.. كذلك القلق فى عقولنا هو جهاز الإنذار الذى يحمينا من الأخطار، فلو لم يكن بداخلنا جهاز الإنذار هذا (ويوجد فى منطقة الأميجدلا فى المخ) لما تحركنا خطوة واحدة عندما تشب نيران من حولنا مثلا أو عندما يهددنا لص ما بسكين حاد.. لو لم يكن عندنا جهاز الإنذار، لما تحركت فينا شعرة فى أى من تلك المواقف.
أما لماذا يصعب علينا السيطرة على القلق؛ فلأننا نجهل أن ريموت جهاز الإنذار فى أيدينا وأن كل ما علينا هو القيام بمجهود فقط لشحن الريموت واستعماله.. فكل شىء يحدث فى داخلك سيطرته، ريموته فى داخلك أيضًا.. لكننا نظل نبحث عن العصا السحرية التى لا نؤمن بوجودها لأننا نعتقد أنها خيال فى خيال ونؤمن أن القلق شر لا بد من التأقلم معه.
طيب كيف نسيطر عليه؟
فأؤكد لك عزيزى القارئ أن الريموت كنترول فى داخلك وأن أهم وأول خطوة فى السيطرة على القلق هى أن تقطع حبل أفكارك السلبية المقلقة يعنى تعطل الجهاز، تغير المكان الذى تجلس فيه ولو لدقيقتين، تذهب إلى غرفة مجاورة أو بلكونة، وتشغل مخك بأى فكرة أخرى (يعنى اقلب المحطة) هكذا بمنتهى البساطة يمكنك أن تخرج من تأثير القلق وتشوش عليه.. فتخرج من دائرة القلق.. طبعا مع التسليم بأن كل شىء بيد الله وأنه لا داعى لأن أشغل بالى بما ليس فى يدى، وأن تحدد وقتا أكثره ساعة مثلا للتخطيط حتى لا تظن أنى أدعوك للاتكالية.
بإيجاز؛ خطط، وإذا قلقت غادر مكانك، شوش على القلق بأفكار أخرى، وثق فى الله ولا تتدخل فى شئون إدارته لمجرى حياتك.. عندها ستسيطر على القلق وتسيطر على راحتك النفسية إلى حد كبير.. ثق فى الله ثم ثق فى كلامى.