الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

دراسات: المرأة أقوى وجدانيا.. واعتماد الرجل عليها سبب المشكلة

الستات سبب البلاوى؟!

ريشة: مها أبوعمارة
ريشة: مها أبوعمارة

فى المفهوم النسائى أن الست تلهث وحدها فى البيت لاستقرار أسرتها وتوفير السعادة والراحة النفسية لهم.. فرغم تحمُّلها كمًا هائلًا من المسئوليات التى تتضاعف إذا كانت تعمل لتدبير نفقات العيش إلى جانب زوجها!



لكنها دائمًا ما توضع فى محل الاتهامات، أو بمعنى أدق، هى فى نظر الجنس الآخر سبب «البلاوى»! فإذا فشل الأولاد يبقى فشلت فى مسئوليتها.. وإذا خانها زوجها تكون هى السبب أيضًا وهى من دفعته.. وإذا طلبت الطلاق تكون هى السبب فى خراب بيتها، وهى السبب فى «إفلاس» الرجل وهى السبب فى « قصف» عمره بدرى، وهى.. وهى.. وهى.. وكأن الرجل هو الحمل الوديع الذى يقاسمها الحياة، وكأنه لا علاقة له بهذه «البلاوى».

الاتهامات الدائمة لحواء هى من حوّلتها من كائن رقيق ناعم إلى بركان يحرق من يقف أمامه..فإلى متى ستظل المرأة داخل قفص الاتهامات وسبب البلاوى كلها..

مش بحب الستات..

كنت ذاهبة لدكتور بدون ذكر اسمه «استشارى قلب وباطنة» للكشف عنده، لشعورى بوعكة صحية، وبعد الانتهاء من الكشف وأثناء كتابته للروشتة.. وجدته يقول لى «خلاص ده حسن الختام.. خلاص أنتى كبرتى وعجزتي». 

أخذت الموضوع بسخرية وضحكت قائلا «مرسىه يادكتور على الأمل والتفاؤل الكبير ده».. ليرد عليَّ قائلا «أنا بتكلم بجد مش بهزر»..

ظللت أضحك وبسخرية أكثر: «طب خلاص بقى يادكتور ماتضايقش نفسك اكتب لنا حاجه تخلص علينا»..

فوجدته يخبرنى من تلقاء نفسه: أصل أنا مش بحب الستات.. رغم أنى متزوج وعندى بنت وبحبها على فكرة جدًا.

واسترسل: أصل الستات سبب كل الكوارث اللى بتحصل فى الحياة.. يكفى أنها « بتجيب أجل جوزها وبتقصف عمره بدرى بدري» بسبب ضغطها المستمر عليه وطلباتها التى لا تنتهى.. بتاخد الرجل وردة مفتحة «تجبيب له المرض والتعب لغاية ما يموت».. فمعظم المرضى فى عيادتى سيدات.. تأتى المريضة فوق السبع أو الثمانى مرات مع زوجها يدفع كشف و«يكوع كل اللى فى جيبه» عشان حست بتعب خفيف وفى الآخر يطلع مفيش حاجة عندها.

أضاف: «كل اللى عندها تعب نفسى ليس له أى علاقة بالتعب الجسمانى.. بسبب نكدها المستمر اللى بتمارسه على الراجل طول الوقت.. وفى المرة التاسعة أراها تأتى بمفردها مرتدية الزى الأسود.. وعندما أسألها عن زوجها، لماذ لم يأت معها هذه المرة؟.. تخبرنى بأنه مات!!

 طبعا لازم يموت!!

أضاف: الراجل اللى مفترض أنه طبيب «دى الست لو صباعها وجعها، تسحب جوزها على طول للدكتور، وهو يا عينى عليه محتاج لكونسولتو دكاتره عشان  الأمراض اللى عنده بسببها.. وفى الآخر يموت ويسيب لها كل حاجة.. الرجاله غلبانة بطبعها، لكن الست مفترية»..

حاولت مقاطعته، لأوضح أن وجهة نظره ليست صحيحة بالمرة.. وأخبرته بإننى فقدت صديقة عزيزة جميلة الطبع والطباع، وكان زوجها  سيئًا وخائنا وغير متحمل مسؤولية أولاده وللاسف لا يزال حى يرزق.

لكنه قاطعنى قائلا: لكل قاعده شواذ.. الوقع أمامى يقول العكس.. فقد تكررت  الوقائع معى مرارًا وتكرارًا ولذلك لا أحب المرأة.. أخذت الروشتة وخرجت مكتظمة غيظًا، لتحامل طبيبى الشديد على المرأة بشكل مبالغ فيه..

شماعة الفشل..

« الست سبب البلاوى»!!، 

هذه شماعة يعلق عليها الرجل فشله وتقصيره كثيرًا تجاه بيته وأولاده وزوجته، فقد أخبرتنى «يسرا مدحت» «مصممة ديكور» برأيها ده، مؤكدة أننا مجتمع ذكورى، لا يقبل فيه الرجل أن يحاسبه أحد أو يقلل من شأنه مهما كان مخطئًا فى حق الست.. وبالتالى يبرر لنفسه كل شىء.. يبرر لنفسه الخيانة بل ويقنع بها مراته، والحجة أنها لم تكن مهتمة به بالشكل الكافى.. ويبرر تقصيره تجاه أولاده بانشغاله دائما فى الشغل لتوفير المصاريف، وغيرها من المبررات التى يهرب إليها، سواء بسبب بخله أو أنانيته أو عدم تحمله المسؤولية.

أكملت يسرا: «إذا عامل الرجل المرأة بما يرضى الله وتشاركا المسؤولية معا من بدايتها لنهايتها سيسعد كلاهما بحياة هنية مليئة بالدفء.. لأن الحياة لا تبنى من خلال شريك واحد.. لكن للأسف المرأة هى الأثقل أحمالًا من الرجل.. وعندما تصل لمرحلة الغضب، يتهمونها بإنها سبب البلاوى..

سهام النقد

دكتور  وليد هندى استشارى الصحة النفسية، يرى أنه على الرغم من تطور المجتمع وإن المرأة اقتسمت مع الرجل الحقوق والواجبات، وأصبح لها صوت مسموع واحتلت مكانة مرموقة وتقلدت أعلى المناصب والوظائف.. وتقدمت المشهد فى أمور كثيرة.. فإن كل هذا لم يمنع أنها لم تظلم اجتماعيًا فعلق عليها قطاعات كثيرة أغلب وقائع الفشل فى الحياة مثل عدم تربية الأولاد بشكل جيد أو فشلهم فى الدراسة وإهمال البيت أو خيانة زوجها لها. يضيف: يعتبر بعضهم أنها السبب فى جعل امرأة أخرى تسطو على زوجها لأنها لم تكن مصدر  جذب أو  لأنها لم تهتم بنفسها..فدائما موجهة لها السهام بالنقد وموضوعة فى قفص الاتهام وتنعت دائمًا بأنها السبب فى كل شيء».

يضيف: «كل ده له آثار سلبية شديدة عليها، أهمها الإحباط.. لأن المرأة فعلاً تقوم بفعل كل شيء، دون مدح.. وهذا يصيبها بالإحباط المتكرر وانعدام الثقة بالنفس.. وتصاب بالوصمة الاجتماعية، بمعنى أن ينظر إليها بنظرة غير مستحبة وسلبية.. وبأنها دائمًا المسؤولة عن كثير من المشاكل والأزمات فى الأسرة.. هذا الاتهام الرجالى الجاهز يؤدى إلى مشاعر سلبية لديها ويصيبها بعدم الدافعية للإنجاز، لتصبح عصبية وتظهر لديها ما نسميه متلازمة القلق واضطرابات النوم وفرط الشهية العصبي، بالإضافة إلى أنها تكون أكثر عُرضة للتدخين وتناول المهدئات.

وأجاب الدكتور هندى عن السؤال المهم: «لديه دائمًا المرأة فى قفص الاتهام؟»

قال: «أولًا  لأنها بطبيعتها ذات ذكاء وجدانى.. يجعل لديها قدرة على قراءة المشهد وعلى الاستيعاب وعلى الاحتواء وامتصاص الأزمات، وبالتالى يعول عليها دائمًا، بأنها رمانة الميزان.. وبناءً عليه فإن أى فشل يشار إليها قبل الرجل.. لأن ذكاءها الوجدانى علميًا أعلى من الرجل».

ثانيًا،  التكوين الانفعالى للمرأة، يجعل لديها قدرة على تحمل الضغوط والآلام الحياتية بصورة أعلى من الرجل.. فتعرض المرأة لألم الحمل والولاده والرضاعة وغيرها يجعلها فعليا أكتر قدرة من الرجل على مواجهة الضغوط عكس ما هو شائع.. لذلك فإنه فى حالة حدوث انفصال يلقى المجتمع بالمسؤولية عليها، لأنها هى التى لم تتحمل ولم تصبر عندما يحدث فشل ما فى العلاقة الأسرية.

قال الدكتور هندى لأن المرأة بطبيعتها لديها قدرة الاحتواء باعتبارها تمتلك من أدوات ومفردات الأنوثة ومهاراتها، ما يجعل التوقعات فيها أكبر قدرة على الاستيعاب وعدم الفشل فى حياتها سواء مع جوزها أو أولادها.

وأشار هندى إلى أن التربية الذكورية ونمط سى السيد دفع الرجل إلى أن يعلق كل المسؤوليات فى رقبة الست ولو تربية الرجل منذ الصغر فيها تعادلية ومساواة مع أخته.. لن تترسخ الصورة الذهنية عنده فى الصغر، بأن الفشل على المرأة.

وأحيانًا كثيرة تكون المرأة نفسها مسؤولة عن أن تضع نفسها فى موقف اتهام.. بمعنى أن الأم تؤيد اتهام جوز ابنتها وتقف فى صفه لاعتقادها بأن ما تفعله يساعد على إصلاح البيت وليس العكس.