الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أمريكا.. هل تريد أن تواجه نفسها؟

أمريكا.. هل تريد أن تواجه نفسها؟

ماذا نتذكر؟ وماذا نسينا؟ هكذا اختارت صحيفة «نيويورك تايمز» عنوانا لملحقها الخاص بمرور عشرين عاما على ما حدث يوم 11 سبتمبر 2001.. والملحق تضمن مقالات رأى وتحليل مطولة تطرح أسئلة وتثير قضايا وتبحث عن زوايا مختلفة للنظر لما حدث فى هذا اليوم التاريخى.. وما حدث بعده.



ومع قرار الانسحاب من أفغانستان لم تتردد أغلب الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية فى أن تتساءل مرارا وتكرارا: «ماذا تعلمنا وماذا لم نتعلم من تجربة أفغانستان؟ ومن التدخل العسكرى هناك لعشرين عاما؟! وما يلفت انتباهى واهتمامى فى الأسابيع الأخيرة هذا النقاش الصريح والصادم والجرئ.. الدائر والمستمر فى أمريكا للأسئلة المطروحة فى السطور السابقة. وبالطبع أتابعه عن كثب ليس فقط للتعرف على إجابات قد تطرح أثناء النقاش.. ولكن للإلمام بذهنية الساعى لطرح أسئلة لم ترد بالبال من قبل وأيضا استعداده التام لتفهم وفهم الإجابات المحتملة مهما كانت مرارة الصدمة أو قسوة الاعتراف بارتكاب أخطاء سواء فى وضع السياسات أو فى تنفيذ الخطط على أرض الواقع. 

ولا شك أن قائمة اهتمامات وهموم إدارة بايدن فى التعامل مع القضايا الدولية تزداد عددا وتعقيدا. وليس هذا بالأمر الخفى لمن يتابع الأحداث والتصريحات المرتبطة بالمسئولين الأمريكيين السياسيين والعسكريين على السواء. نعم، نحن فى عام 2021. أمريكا تغيرت وتتغير. والعالم تغير ويتغير.

وهذا التغيير الذى يتم الإشارة إليه مرتبط بالتحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التى صارت تواجهها دول العالم بلا استثناء.ولا شك أن كوفيد 19 بتبعاته ساهم فى الإسراع فى كشف النقاب وفى تسليط الأضواء على التحديات القائمة ومدى قدرة الدول واستعدادها لمواجهتها واحتوائها. وهذه التحديات لمن يعنيه الأمر أكبر وأعقد من مجرد توافقات جيوسياسية أو تحالفات أمنية عسكرية أو صفقات مصالح ومناطق نفوذ نقرأ عنها ونشاهدها يوميا أو لحظيا فى وسائل الإعلام والسوشيال ميديا على امتداد العالم.

وبما أننا نتحدث عن الأسئلة وطرحها فالكاتب المختص بالشئون الدولية فريد زكريا كتب فى مقاله الأسبوعى فى صحيفة «واشنطن بوست»: نحن خسرنا الحرب فى أفغانستان منذ زمن بعيد ومن ثم فسر وحلل ما يقصده بهذه المصارحة مع تنفيذ قرار الانسحاب من أفغانستان.  

ثم جاء مقاله التالى بتاريخ 19 أغسطس فى الصحيفة ذاتها ليسلط الأضواء على ما يمكن تسميته بـ«لب المشكلة» مشيرا: هذا هو لماذا جهاز الأمن القومى الأمريكى وآلياته يواصلون إنتاج الفشل.. مضيفا.. إذا تعلق الأمر بالسياسة الخارجية فإن الحكومة الأمريكية تعد هى ذاتها أسوأ أعدائها !!

وفى بداية شهر سبتمبر كتب فريد زكريا مقالا ذكر فيه: أن العالم الإسلامى تغير خلال العشرين السنة الماضية. وحركة طالبان سوف تشعر بذلك.. وحسب رأيه فإن طالبان لن تجد السند والدعم الإسلامى كما كان من قبل.  ثم تساءل فى مقال تال: هل بايدن يقوم بتطبيع سياسة ترامب الخارجية؟ على أساس أن حلفاء أمريكا لديهم قلق بأن أمريكا أولا هو مازال المفهوم السائد لدى أهل واشنطن. 

وهو يواصل تقييمه وانتقاده لما يحدث من جانب واشنطن فى تعاملها مع العالم ومع الصين تحديدا كتب فريد زكريا مؤخرا من أجل احتواء الصين فإن الانضمام للاتفاق التجارى الباسفيكى قد يكون أكثر فاعلية من غواصات جديدة.. متسائلا: ماذا إذا كان التحدى الصينى أساسا فى الاقتصاد وفى التكنولوجيا؟

على جانب آخر الكاتب الأمريكى الشهير توماس فريدمان فى مقالاته الأخيرة فى «نيويورك تايمز» طرح السؤال إياه.. ماذا يأتى بعد الحرب ضد الإرهاب؟ الحرب ضد الصين؟ وفى مقال تال بتاريخ 14 سبتمبر كتب عن أمر أشمل: هل نحن قمنا بإعادة تشكيل السياسة فى الشرق الأوسط أم أننا صرنا نقلدها.. وهو يقصد بهذا ما تظهره أمريكا فى الفترة الراهنة من قبلية سياسية أمر تقول أمريكا أنها تتصدى له فى العالم.. ثم جاء فريدمان مؤخرا ليكتب: قادة الصين يلهون معنا.. من يستطيع أن يلومهم؟.. مشيرا إلى أن أمريكا فى حاجة إلى استراتيجية أفضل من استعمال الغواصات فى مواجهة الصين.. 

ولا بد من التذكير بأن النقاش لم يتوقف.ولا أحد يدعى بأن لديه الخبر اليقين أو الرأى السديد.. ولهذا تتجدد الأسئلة وتطرح الإجابات ويستمر الجدل.. الجدير بالمتابعة.