ركزنا على لاهوت التحرير.. ومشهد مناجاة المسيح سهل ممتنع
رشيد عساف: «المطران» هدية من ربنا

مى الوزير
بعد أن حلم به رشدى أباظة وعمر الشريف وفاروق الفيشاوى، شاء القدر أن يجسد دور المطران إيلاريون كبوجى، النجم السورى الكبير رشيد عساف، ليوثق قصة نضاله سينمائيًا، ويكشف للأجيال الجديدة معاناته لأجل القدس والقضية الفلسطينية ككل.
قدم رشيد عساف العديد من الأعمال التاريخية، وجسد العديد من الشخصيات المهمة على مدار مشواره الفنى، إلا أنه يعتبر دور المطران له وقع آخر عليه.. عن هذه التجربة وكواليسها وأصعب مشاهدها، كان للنجم السورى هذا الحوار مع مجلة «صباح الخير».
ما شعورك تجاه تجسيد شخصية المطران كبوجى التى حلم بها العديد من النجوم؟
مهنة التمثيل من أصعب المهن، لأنك تُعيد الحياة مرة ثانية للشخصية، والحقيقة «الحياة ما بتنعاد»، لذلك تناول شخصيات جيدة ومحبوكة ومبنية بشكل صحيح فى مسلسلات أو أفلام مهمة، يختلف عن تقديم عمل موثق عن شخصية أصبحت رمزًا، والمطران كان «رمزًا» فى مرحلة ما، وكان لا بد من تسجيل مواقفه الوطنية والإنسانية بشكل واضح وقوى، وهو ما سعى له كثير من النجوم، مثل رشدى أباظة وعمر الشريف وفاروق الفيشاوى، ولا أعرف لماذا تجمدت وتوقفت كل هذه المحاولات والمشاريع، ولعل هذا تمهيد من رب العالمين لأقدم أنا هذه الشخصية.. هذا قدَر.
هذا من الناحية الفنية.. ماذا عن شعور الفنان عندما تأتيه شخصية كانت حلمًا لغيره من النجوم؟
سعيد جدًا بالطبع، ولكن لم أصل لحالة الزهو أو الغرور المرضى، أنا فقط سعيد ولم أصل إلى هذه الحالة أبدًا طوال مشوارى، حتى عندما قدمت أدوارًا كانت بمثابة نقلة نوعية فى مشوارى. دور المطران له وقع إنسانى مختلف لدىّ، لا سيما أننا أكدنا من خلال العمل أهمية إعادة القضية الفلسطينية للصدارة، فالبوصلة الحقيقية دومًا هى فلسطين، وكل ما يحدث معنا من حروب ودمار وحصار اقتصادى هدفه أن ننسى القضية، ولكن هذا لن يحدث، ونحن أكدنا على ذلك فى الفيلم من خلال «المفتاح» و«الخنجر»، حيث نجد فلسطينيين كُثرًا ما زال المفتاح معهم. صحيح أن الفن قد لا يستطيع التغيير، ولكنه يهيئ المناخ ليقدم التركيبة الجمعية التى تستطيع التغيير.
ما رسالة «المطران» وأهميته فى هذا التوقيت؟
أى قضية نستطيع تناولها من خلال شخص، وأنا بالنسبة لى المطران كبوجى هو تشى جيفارا العصر، ونحن ركزنا على لاهوت التحرير، فدينى يحثنى على التسامح ويمنعنى من الغضب بعنف، ولكن هذا العدو يدفعنى أن أقاتل لكى أدافع عن وطنى وحقى.
كيف كانت استعداداتك لتجسيد الشخصية؟
فى الحقيقة ظهوره ومقابلاته الإعلامية كانت قليلة، لكننى كنت مهتمًا بمشاهدتها لأتابع حركة جسده وكيف يتصرف وكيف يرفع يده أثناء الحديث ويلوح بها، وكيف يضحك وكيف يلقى دعابة أو نكتة، وبعد قراءة السيناريو عدت إلى مذكراته التى كتبها سركيس أبوزيد وأنطوان فرنسيس، لأستعين بالتفاصيل المهمة فيها.
كيف تأثر رشيد عساف بالمطران كبوجى بعد تجسيده؟
هذه الشخصية عشقتها بالفعل، فقد أقوم بتصوير مسلسل كامل، ولكن مشهدًا واحدًا منه يؤثر فى بشدة، وفى هذا العمل قدمت مشاهد مؤثرة للغاية، لا سيما المتعلقة بالتعذيب فى السجن وجلسات المحاكمة، والتى جعلتنى أشعر بـ «غصة» تجاه هذه الوحشية التى تم تعذيبه بها، وظللت فترة كبيرة متأثرًا بالدور، وترك لدى حالة من الهدوء الداخلى.. هو فعلاً شخص مؤثر بكل المقاييس.
حدثنا عن كواليس مشهد المناجاة فى المحكمة؟
من أصعب المشاهد التى قدمتها فى الفيلم، وينطبق عليه جملة «السهل الممتنع»، لأنه كان يجب أن أكون بمنتهى البساطة والتأثر فى الوقت ذاته، لذلك اتفقت من البداية مع المخرج باسل الخطيب على الإطار العام وبالتالى أصبحت التفاصيل واضحة، ثم حضّرته فى المنزل لأيام واستعددت له بتركيز شديد، وكان لهذا المشهد تأثير كبير عليّ بشكل خاص، مما جعلنى أقدمه بهذه الطريقة التى لمست الجمهور، حيث يقوم المطران بمناجاة المسيح بمنتهى العقلانية، ثم ينتقل للقوة فى حديثه له عن الأعداء الذين سرقوا وطنه، ثم ينتقل مرة أخرى للحديث عن نفسه وما يعانيه من عذاب، ثم ليعود لقوته.. وهكذا.