الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

حــارس القــدس

«المطران» تجربة سورية ملهمة ومخلصة للقضية الوطنية العربية الأهم، القضية الفلسطينية.. الفيلم الذي أنجزه المخرج السورى باسل الخطيب لروح والده وملهمه الأول الشاعر السورى الكبير يوسف الخطيب، سلط الضوء على أحد أهم قصص النضال التى عرفتها القضية الفلسطينية، ألا وهى السيرة الذاتية للمطران الثائر «إيلاريون كبوجى» حارس القدس.



المطران إيلاريون كبوجى المعروف بمواقفه الوطنية المعارضة للاحتلال الإسرائيلى فى فلسطين، والذى عمل على دعم المقاومة الفلسطينية، من مواليد حلب السورية، وتم تعيينه مطرانًا لكنيسة الروم الكاثوليك فى القدس، ليصبح أحد أهم الشهود على العدوان الإسرائيلى والمجازر المرتكبة بعد نكسة 1976 وسقوط القدس، لتبدأ مرحلة جديدة من نضال المطران حين قرر مساعدة عناصر المقاومة الفلسطينية، ومدهم بكل ما يحتاجونه لمقاومة الاحتلال، إلى أن تم اعتقاله بسبب ذلك، وتعرّض لأبشع أنواع التعذيب.

ثار العالم الخارجى على محاكمته، وشهدت تدخلًا من الفاتيكان للإفراج عنه وفق شروط رفضها مرارًا، إلى أن تم العفو عنه بعد أربع سنوات مقابل شروط مجحفة، تضمنت أن يترك القدس وألا يعود إليها ولا إلى أى بلد عربى.

ركز الفيلم على مرحلة النضال فى حياة المطران، ثم الاعتقال، مرورًا بومضات من طفولته وحياته مع أمه وكفاحها من أجله هو وإخوته، فضلًا عن علاقته بأهل القدس، وكيف رأى الأطفال بطولاته منذ قدومه إلى القدس، حتى أصبح بعضهم من المقربين منه حين وصلوا مرحلة الشباب.

ألقى المخرج باسل الخطيب الضوء على جزء كبير من معاناة المطران فى سجنه، بدءًا من تعمدهم حرمانه من زيه الكهنوتى الذى رفض التخلى عنه، لكنهم سرقوه أثناء نومه، مرورًا بتعذيبه فى السجن ومشاهد محاكماته المجحفة.

خلال ذلك، قدم الفنان رشيد عساف أداءً متميزًا، لا سيما مشهد مناجاة المطران للمسيح أثناء مثوله أمام المحكمة، راويًا له ما تعانيه القدس وأهلها وما يعانيه هو فى محبسه.. مشهد رائع رغم المعاناة التى يحملها الحوار والأداء، حيث قدمه رشيد عساف بمشاعر متزنة بدون مبالغة، ليكتمل المشهد بالإضاءة التى اعتمدها المخرج على وجه المطران أثناء مناجاته، وكأنه فى خلوته يناجى الله وليس أمام محكمة وقاعة مليئة بالحضور.

يستمر الفيلم بأحداثه إلى أن يخرج المطران ويستأنف رحلته وعمله الوطنى، الذى لم ينته حتى بعد نفيه إلى الخارج، إلى أن وافته المنية فى منفاه.

فى النهاية، «المطران» عمل أرّخ به باسل الخطيب وصناع الفيلم قصة أحد أهم رموز هذا الزمن، لتعلم الأجيال القادمة التفاصيل الملحمية فى حياة مناضل عاش لنصرة القضية القومية.. ومن أجل أرض اسمها «فلسطين».