الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
التوتر والاكتئاب!

عصر القلق 5

التوتر والاكتئاب!

من سنوات، فى واشنطن، سعى باحثون فى مركز «بيو» للدراسات إلى معرفة ما إذا كانت مواقع «التواصل الاجتماعى» تزيد من حدة التوتر لدى المستخدمين، أم أنها تخفف منها.



ففى استطلاع أجراه المركز على شريحة من 1800 شخص، عبّرت النساء المشتركات فى الاستطلاع، عن أنهن عند استخدامهن تلك المواقع، يشعرن بتوتر وضغوط تفوق حدتها ما يحدث للرجال. واستنتج الباحثون أن موقع «تويتر» يسهم كثيرًا فى هذا الشعور، لأنه يزيد من وعى المستخدمين بحالة التوتر التى يتعرضون لها.

فى النمسا، تبين للباحثين أن المشاركين فى إحدى دراساتهم تحدثوا عن تراجع في «الحالة المزاجية» عقب استخدام موقع «فيس بوك» لمدة 20 دقيقة، مقارنة بأشخاص تصفحوا فقط، وفى الفترة الزمنية ذاتها، بعض مواقع شبكة «إنترنت». وفى تحليل تلك الظاهرة، وجد الباحثون أن الذين شعروا بهذه الحالة المزاجية المنخفضة قد رأوا أنهم أهدروا وقتهم فى استخدام موقع «فيس بوك»، وتاهوا عن فطرتهم، وفقدوا تلقائيتهم، وباتوا منعزلين، ترهقهم المشاكل الحياتية، وتقض مضاجعهم الهموم، فأصبحوا عرضة للإصابة بالأعراض النفسانية المختلفة.

ولا عجب بعد ذلك، إن بلغ عدد المرضى النفسانيين نصف العدد الكلى للمرضى المعتلين بأمراض شتى.

ولقد أفادت تلك الاستطلاعات والدراسات علماء النفس، فى دراسة وتحليل مشاعر القلق والاضطراب التى قد تتسبب بها مواقع «التواصل الاجتماعى». وقد لاحظ علماء النفس أن الشعور العارم بعدم الراحة، ومشكلات الأرق وعدم القدرة على النوم، فضلًا عن فقدان التركيز، والتمييز بين الأشياء، مرجعها ومسببها الأول هو تلك المواقع. ذلك أن الدماغ يتأثر إلى درجة الحساسية بالضوء، وخصوصًا «الضوء الأزرق» المنبعث من الأجهزة الإلكترونية الذكية. فهذا الضوء الضار يؤخر إنتاج مادة «ميلاتونين» الحيوية، ونقصانها فى الدماغ يتسبب بالسهاد والأرق، وعدم الرغبة فى الاسترخاء والخلود إلى النوم. لذلك ينصح الأطباء بالامتناع عن استخدام تلك الأجهزة فى غرف النوم من أجل الراحة الفسيولوجية والنفسانية، فى آنٍ معًا، بغية تحسين الحالة المزاجية.

لقد احتاج الإنسان إلى قرون من الكدّ والمثابرة، وإعمال العقل فى العلم ومشتقاته الكثيرة، حتى تمكن من إيجاد الآلة، وتطوير التقنيات الإلكترونية للتكيف مع البيئة الاجتماعية مثل اللعب، واللمس الحسى،    والتواصل الشخصى. وعلى الرغم من أن «التواصل الافتراضى» بات شيئًا مهما فى الحياة العصرية، إلا أنه لا بد أن يظل مُكّملًا للعلاقات الحقيقية وليس بديلًا عنها.