الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

ظاهرة لها أضرارها

أطفـــــال فــــوق السِــن؟!

ريشة: مها أبو عمارة
ريشة: مها أبو عمارة

لكل طفل سرعة خاصة فى النمو، فهناك أطفال يكبرون قبل سنّهم وأطفال يعيشون السّن بسنّه.. لكن الشائع الآن أطفال لم يتعدوا سن الـ6 والـ7 سنوات وأحيانًا أقل، يفاجئوننا بطريقتهم وأسلوبهم فى الكلام، جميعهم أطفال، لكنهم من الداخل كبار يتناقشون ويتحدثون ويفكرون كالكبار.



يستخدمون مصطلحات ومعانى أكبر من سنّهم تعبيرًا عمّا يجول بداخلهم سواء فرح أو حزن أو غضب.. براءة أطفال زمان لم نعد نراها فى بعض أجيال اليومين دول  تلاشت وتحولت لأسئلة، كثيرًا ما يصعب الإجابة عليها.

يقف أمام تلك الأسئلة بكثير من الدهشة الآباء والأمهات مكتوفى الأيدى.. ليبقى السؤال ما الذى يجعل الطفل يكبر قبل سنّه ويعيش سنًا غير سنّه؟!!.. هل البيئة المحيطة أمْ المجتمع السبب فى تحوُّله من برىء لآخر كبير فى السّن رُغم أنه تحت السّن.؟!!!.

التنشئة الاجتماعية 

 يقول دكتور «حسن الخولى » أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: إن الألعاب الإلكترونية والسوشيال ميديا التى أصبحت شائعة الآن بين الأطفال هى السبب فى كبر الأطفال قبل الأوان.. فنادرًا ما نجد طفلاً يقضى وقتًا قليلا  مع هذه الوسائل.. فالألعاب الإلكترونية والفيديوهات التى يشاهدونها طول اليوم على التاب أو التليفون، تؤثر بشكل كبير أكثر على نموّهم وطريقة تفكيرهم؛ بل وتعطيهم قيمًا وأخلاقًا ومعانى أكثر مما تعطيها لهم الأسرة.. وبالتالى فإن هذا الانفتاح  يُعتبر سلاحًا ذا حدين.. فإذا به شىء من المنفعة فيه أيضًا أشياء كثيرة ضارة وخطيرة على تكوين شخصية الطفل.. 

شدد «الخولى» فى حديثه على التنشئة الاجتماعية قائلاً: إن التنشئة الاجتماعية عملية مهمة جدًا.. فهى العملية التربوية التى يمر بها الطفل منذ ولادته حتى سن المراهقة.. فمن خلالها تتكون شخصيته وقيمته الأخلاقية ومعايير سلوكه.. وكيفية التعامل مع الناس المحيطين به، وفهمه للأمور وكيفية التصرف بشكل صحيح فى مختلف المواقف.

هذه العملية أصبحت معقدة،الآن، وبعض الأسر لا تقوم بها على الوجه الأكمل أو كما ينبغى، مقابل ذلك فقد احتلت مواقع التواصل الاجتماعى والألعاب الإلكترونية البيوت المصرية وسيطرت على عقول الأطفال. 

 ويرى «الخولى» أن التربية قبل السوشيال ميديا والتقدم التكنولوچى والفضائيات والألعاب الإلكترونية كانت أكثر بساطة ولم يكن بها التعقيدات الموجودة حاليًا.

كانت الأسرة وحدها عليها الدور الكبير فى تربية الطفل.. وبالتالى كانت شخصية الأطفال تتكون بشكل صحى وسوى وسليم. 

وكذلك كان يشاركها فى الأمر المجتمع المحلى  القرابة والجيران والمَدرسة. 

لكن الآن التربية اختلفت إلى حد كبير جدًا.. وهناك جوانب مختلفة تتدخل وتفسد العملية، كالأفلام العنيفة والفيديوهات وأيضًا الألعاب التى  تجعله أكبر من سنّة بكثير.

وينصح الدكتور «الخولى» الأسَر، بأن تهتم بأطفالهم، وتراقبهم جيدًا فى طريقة حديثهم؛ لأن الطفل عندما ينطق بكلمة أو حديث غير معتاد عليه وأكبر من سنّه ، يعنى أن بداخله معانى سلبية كبيرة جدًا، وعلى الأسرة أن تستمع له وتصححها له .

والطفل لا ينطق بالتعبير إلا إذا كان بداخله ألم كبير أو خوف أو يأس أو إحساسه بعدم الإمان أو العكس.. فالمتابعة الجيدة للأطفال أمر مهم.

مؤكدًا أن فى حُسن مراقبة أطفالنا وعدم تركهم وقتًا طويلاً على مواقع التواصل الاجتماعى والألعاب الإلكترونية، وبالإضافة الأثر الطيب للاستقرار الأسَرى على نفسية الأطفال، والتربية محتاجة أن تكون الأسرة متوازنة بوعى كبير.

مضيفًا إن الإعلام أيضًا عليه دور كبير فى حفظ توازن الأسرة والوعى الاجتماعى.  سوء التنشئة..

 من جانبها ترى  دكتورة «شرين درديرى» استشارى نفسى وسلوكى، أن بعض حالات سوء التنشئة التى تدفع الطفل إلى التعبير عن نفسه بألفاظ ومصطلحات أكبر من سنّه وأحيانًا كثيرة فى حالة عقاب من الأب والأم نرى الطفل يتفوه بكلام مثل «يا رب أموت، أنا زهقت» أو فى حالة الدلع الزائد، وكلتاهما تنم عن سوء التنشئة. 

 فالعقاب المستمر على الصغيرة والكبيرة يدفع الطفل إلى اليأس والحزن المستمر..  فكثرة العقاب تؤدى إلى انقطاع حلقة الحوار بين الطفل وأبويه وابتعاده عنهما.. ما يؤدى إلى كبت نفسى، يظهر من خلال الانحرافات السلوكية التى تظهر عليه بعد ذلك.. فكثيرًا ما تستهون الأسر باكتئاب الأطفال معتقدين بأن الطفل من الصعب أن يصاب باكتئاب شديد.. مضيفة إنه وارد  جدًا أن السّن الصغيرة 7 أو 8سنوات تصاب باكتئاب.. وبالتالى عندما يعبر عن نفسه بكلمات سيئة لا بُد أن تعتبر هذا مؤشرًا بأن الطفل فى حالة غير عادية.. وعلى الأم إمّا أن تتحاور معه أو تذهب إلى استشارى نفسى.. كى يرى ما هى الأخطاء التى فى الأهل تحدث عن غير قصد لهذه الحالة. 

أشارت «درديرى» إلى أن هناك عوامل فردية لكل طفل بالنسبة للعمر العقلى.. فهناك أطفال عمرهم العقلى يساوى سنهم.. وأطفال عمرهم العقلى أو مستوى ذكائهم عالٍ جدًا وهؤلاء لديهم القدرة على الربط بين المواضيع؛ لأن عمرهم التفكيرى أعلى من سنهم وبالتالى يفهمون الموضوع بعمق شديد.. وينعكس هذا العمق على سلوكياتهم.. لكن النسبة الأكثر اكتساحًا الآن هى التنشئة التربوية الخاصة بالأب والأم والبيئة المحيطة بالطفل تجاه عمره العقلى أعلى من سنّه.. 

أضافت  «درديرى» إن الإنترنت والانفتاح تسبب فى زيادة العمر العقلى عند الأطفال كلهم.. فالبيئة المنفتحة لها مساوئها ومميزاتها.. فمن مميزاتها أنها تعمل على توسيع مدارك الأطفال.. لكن مساوئها المختلفة كثيرة وخطيرة، لذلك فالألفاظ التى يستخدمها الأطفال وفيديوهات التيك توك وأشياء هائلة تؤثر على الطفل وتجعله عدوانيًا، لذلك يجب على الأم والأب أن يراقبا المحتوى الذى يشاهده الطفل؛ لأن جلوس الأطفال على المواقع الاجتماعية فترة طويلة، تصيبهم باضطراب سلوكى.