الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الحب المزيف على «السوشيال ميديا»

فى ظاهرة مُلفتة، وعلى هامش عدد من جرائم العنف الزوجى الفترة الأخيرة، كشفت صفحات السوشيال ميديا الخاصة بالضحايا عن ملامح علاقات مثالية مليئة بالحب والود مع شركائهم لم تكن تنذر أبدًا بوقوع وقائع العنف إلى هذه الدرجة بين نفس الشريكين.



 اللحظات الأخيرة قبل وقوع الجرائم كانت «بروفيلات» هؤلاء الضحايا، عبارة عن وصلات مَدح ووفاء وحُب بين زوجين أو صديقين، الأمْرُ الذى أثبت تأكيدات خبراء على أن أغلب مَظاهر الود على الوسشيال ميديا مزيفة. 

ليس كل ما يلمع  ذهبًا، والأمور ليست كما تبدو خصوصًا فيما يظهر من ملامح علاقات على السوشيال.. يقول د.جمال فرويز استشارى الطب النفسى لمجلة «صباح الخير»، إن ليس كل ما يكتب على مواقع التواصل الاجتماعى كلامًا حقيقيًا، فتلك المواقع الافتراضية أكذوبة والبعض يستخدمها  للكذب على الآخر، وهناك من يستخدمها كمحاولة للظهور بالمثالية الشديدة على خلاف الواقع  حبيب مخلص أو صديق مثالى أو المتدين أو خلافه. 

وتابع «فرويز» إن علاقات الحب على السوشيال ميديا أغلبها عاطفية اندفاعية وانفعالية لحظية سرعان ما تختفى، بينما هناك من يتعمد التباهى بصداقاته كسبًا للمنفعة، لذلك فالعالم الافتراضى  لا يرقى مطلقًا إلى الواقع  الفعلى وأن هذا الواقع الافتراضى لا تزيد نســــبة الحقيقة فيــــه على 5 % من الواقع. 

 وأضاف: «بعض الشخصيات متواجدة على السوشيال ميديا طوال الوقت، وهى انطوائية لا تحب الممارسة الفعلية للحياة وتميل إلى الاختفاء خلف شاشة لتعبر عن نفسها، وهناك من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعى فى إفشاء أسرار الحياة الشخصية الخاصة «الأمر الذى يتسبب فى مشكلات كثيرة». 

 وتقول د.هالة منصور أستاذ علم الاجتماع: «عالم السوشيال ميديا» افتراضى غير حقيقى يحتوى على رغبات يصعب تلبيتها فى الواقع وفيه شخصيات كثيرة متخفية يتم التواصل  خلال كلمات أو صور من دون معايشة لتفاصيل الواقع التى لا غنى عنها فى حقيقية الطرف الآخر، لكن فى الواقع الافتراضى كثير من الخداع والمشاعر المزيفة.

وعن بوستات الغرام على الفيس بوك بين شركاء ربما تقع منهم جرائم عنف ضد بعض.. قالت  منصور: «أرى أنه نوع من التمثيل وفقدان الخصوصية أو من المنظرة والوجاهة غير حقيقية، والعلم يرى أن أى شىء يتم التنويه عنه أكثر من اللازم يعنى الرغبة فى إخفاء شىء آخر، فالمبالغة تؤدى إلى نتيجة عكسية، فهناك مثل يقول «الشىء اللى يزيد عن حدّه ينقلب ضدّه».

وتضيف: عندما نجد بوستات عن علاقات الصداقة فكثير منها غرضه المنفعة أو الوهم.

من جانبها قالت د.إيمان سرور إخصائى الأمراض النفسية والعصبية، إن المعلومات أو الصفات الموجودة عن بعض الأشخاص خلال الفيس بوك خاطئة أغلب الأحيان؛ خصوصًا أنه من السهل لأى شخص أن يتصنع ويضع «الماكياج» الذى يريده لشخصيته ليقدمها للآخرين رغم أنها مختلفة عن شخصيته الحقيقية. 

 وتابعت سرور: «الحديث عن العلاقات الأسرية أو الصداقة أو غيرهما على السوشيال ميديا ظاهرة غير صحية؛ حيث إنه كان من الأولى أن تتم مشاعر الود تلك بالتواصل المباشر بدلاً من الحديث عنه افتراضيًا.

تقول سرار: «كان للسوشيال ميديا تأثير كبير فى حياة الأشخاص، وللأسف كثيرون تعلموا مهارات خاطئة فى بناء علاقاتهم الاجتماعية من خلالها، وفقدوا كل المهارات الاجتماعية التى تمكن من التواصل الصحى والصحيح مع الآخرين. 

وتابعت «سرور»: بعضهم أصبح مشغولاً بإبهار  الآخرين بدلاً من البحث عن سعادته الحقيقية، والسعيد ليس لديه وقت للتعبير عن سعادته أمام الآخرين لأنه مشغول بحياة سعيدة فعليًا، أمّا معظم الأشخاص الذين يتحدثون عن علاقاتهم بغيرهم عبر السوشيال ميديا فأرى أنهم غير سعداء فى الحقيقة وهم فقط يحاولون رسم السعادة  وإعطاء انطباع عنها للآخرين عندما فشلوا أن يعيشوا مشاعر السعادة فى الواقع أمام الآخرين من خلال السوشيال ميديا الوسيلة السهلة تصل للكثيرين بسهولة. 

 وعلى جانب آخر، ترى د.سهير لطفى أستاذ علم الاجتماع، أن العلاقات المزيفة موجودة فى الواقع الحقيقى كما هى موجودة فى الواقع الافتراضى على مواقع التواصل الاجتماعى .

وأوضحت أن هناك من تعرّض للنصب والخداع والزيف فى الحياة الحقيقية قبل وجود السوشيال ميديا، فالسوشيال ميديا سواء كانت موجودة أو غير موجودة فالزيف يكون موجودًا فى بعض الأحيان على أرض الواقع، لذلك أرى أنه لا يوجد فرق بين السوشيال ميديا والواقع فى مسألة «تناقض العلاقات» بين الأفراد.