الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مصـير إمبراطوريـة السـويركـى الحـرام

محلات التوحيد والنور تواجه الإغلاق فى أكثر من فرع
محلات التوحيد والنور تواجه الإغلاق فى أكثر من فرع

بيزنس الجماعات الإرهابية عالم خفى تحقق منه أرباحًا كبيرة، ما يخفى منه أضعاف المعلن، حيث تعتمد تلك الجماعات على التجارة العشوائية بصفة رئيسية حتى لا يتم رصدها أو تتبع مصادر إنفاقها.



وترتكز أغلب مشروعات واستثمارات الجماعات الإسلامية على التجارة، فهى من أهم وسائل التمويل سواء فى شركات توظيف الأموال، وتجارة العملات المشفرة، التى تحقق المكاسب السريعة، ويسهل فيها عمليات المراوغة فى الأوراق والمستندات، وإتاحة المساحة للقيام بأنشطة أخرى.

 

وتضم الدائرة استثمارات المتأسلمين، والذين يظهرون انضباطهم والتزامهم الدينى فى التعاملات التجارية، بينما فى الحقيقة هناك تساؤلات كثيرة حول مزيد من أنشطتهم الخفية.

ويأتى على رأس هؤلاء «رجب السويركى» صاحب سلسلة محلات «التوحيد والنور» والتى تعمل فى مجال استيراد السلع والملابس الجاهزة بفروعها الـ65 المنتشرة فى محافظات مصر. وبعد سقوط القيادى الإخوانى الإرهابى محمود عزت وبناء على ما سمعته أجهزة الأمن منه، تم القبض على رجل الأعمال صفوان ثابت, مروراً بمالك محلات التوحيد والنور سيد رجب السويركى, ثم القبض بعدها على وزير القوى العاملة الأسبق خالد الأزهرى.

ومؤخرًا، ألقت وزارة الداخلية القبض على عدد من رجال الأعمال المتورطين فى أنشطة معادية للدولة المصرية، ومن بينهم «السويركى» بتهمة إدارة أنشطة لتمويل الإرهاب، حيث تم التحفظ على أمواله، من قبل اللجنة القضائية للتحفظ على أموال الإخوان والجماعات الإرهابية.

«السويركى» والإرهابية

أطلق على «السويركى» «شهريار الغامض» وارتبط اسمه بالغموض، تزامنًا مع بدء مشواره فى العمل بالتجارة منذ السبعينيات من القرن الماضى، وأصبحت سلسلته التجارية أكثر انتشارًا على مستوى الجمهورية، حتى تم الحكم عليه عام 2002 فى قضية تعدد الزوجات، بالسجن 7 سنوات وتم تخفيض المدة بعد الاستئناف قضائيًا فى 2003 إلى 3 سنوات.

وتم إدراج اسم «السويركى» وأنشطته الاستثمارية ضمن مصادر تمويل الإرهاب، حيث انضم للإخوان الإرهابية وأمدهم بالدعم اللوجيستى والأموال، والتى تم توجيهها للتدريب والقيام بعمليات إرهابية فى أماكن مختلفة، حسب المعلومات المتوافرة حول تلك القضية.

وضخ ملايين الجنيهات فى حسابات قيادات الإرهابيين، لتحقيق أجنداتهم التخريبية، واستهداف رجال القوات المسلحة والشرطة، والمنشآت العامة والعسكرية، والإضرار بالاقتصاد القومى للدولة.

وتوجه أرباح استثمارات إمبراطورية «السويركى» إلى إحداث توسعات اقتصادية جديدة، تضاف لممتلكاته، وإحكام القبضة على مقاليد السوق المصرية، فى مجال استثماره من خلال العروض والتخفيضات التى كان يطبقها فى تعاملاته مع رواد سلسلته التجارية، قبل أن تتكشف الأدلة على انتمائه للإخوان.

وأكد اللواء فاروق المقرحى، الخبير الأمنى مساعد وزير الداخلية الأسبق، على ضرورة مصادرة جميع أموال الجماعات الإرهابية لصالح الشعب وشهدائه، وإصلاح ما خربوه خلال أعمال العنف وإزهاق أرواح الأبرياء خلال الفترة الماضية، وخاصة فى الفترة بين عامى 2013 و2015.

وقال إن هناك إدارة مختصة لحصر أموال الإخوان وإدارتها، تضم أكفأ المستشارين، والمتخصصين فى إدارة الأموال، وهناك عدد من الشركات التابعة للعناصر المتطرفة والإرهابية خاضعة لهذا القانون، ويتم إدارتها بمعرفة اللجان المختصة، على أن تدار هذه الأموال سواء كانت أصولا ثابتة أو عقارات أو شركات أو نقدية لمدة 5 سنوات لحين صدور الحكم بمصادرتها وتؤول ملكيتها للدولة.

قانون مكافحة الإرهاب

وتعقيبًا على تجديد حبس «السويركى» احتياطيًا، قال الدكتور مصطفى السعداوى، أستاذ القانون الجنائى بجامعة المنيا: إن تمويل الإرهاب من الجرائم الأكثر خطورة فى التشريعات المعنية بمواجهة الإرهاب، التى جاء بها القانون 94 لعام 2015 فى مصر، ونص فيه المشرع على 3 صور لتمويل العمل الإرهابى، الأول لتدريب وتجهيز الأشخاص، والثانى عمل محدد بذاته، والثالث الانضمام إلى الجماعة بشكل عام، ويضم التشريع العقوبة بالإعدام والمؤبد.

وتابع قائلا: إذا وقع التمويل للنوع الأول، فالعقوبة الإعدام أو المؤبد، وفى النوعين الثانى والثالث الحكم بالإعدام، وبموجب توجيه الاتهام يصدر النائب العام قرارًا بالتحفظ على الأموال طبقًا لقانون مكافحة الإرهاب، ولا بد من عرض القرار على محكمة الجنايات خلال أسبوع من صدوره حتى لا يسقط، والتى تقوم بدورها فى مد التحفظ لمدة 3 أشهر وتجدد، لحين صدور الحكم النهائى، وتؤول الإدارة لمن تراه المحكمة صالحا.

وأضاف: سعى المشرع المصرى كحال التشريعات المثيلة فى فرنسا وألمانيا والإمارات بموجب القانون 7 لعام 2014، لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، وقال لدينا تشريعات رادعة، ويخضع الأمر للمظلة القضائية نظرًا لخطورة جرائم الإرهاب.

مصير المحلات

حول مصير محال التوحيد والنور بعد القبض على «السويركى» قال أستاذ القانون الجنائى مصطفى السعداوى: إنه حال وجود أكثر من شريك داخل أى شركة، فإن الشخص المتحفظ على أمواله والمتهم بدعم الجماعات الإرهابية، يتم تشكيل لجنة لإدارة حصته بعيدًا عن شركائه.

وأشار إلى أن التحفظ على الأموال إجراء واجب لحين ثبوت الإدانة، ليتم إصدار قرار المصادرة، مشددًا على أن مصادر تمويل الجماعات هى وقود العمليات الإرهابية، وعليه فى حال ثبوت الاتهام من واقع الأدلة التى تقدمها أجهزة، الضبط على «السويركى» يأتى نص العقوبة بالإعدام أو المؤبد، فالمصادرة الوجوبية، سلطة للقاضى.

اقتصاد الإرهاب

من جانبه قال الخبير الاقتصادى أبوبكر الديب: إن قرار التحفظ على أموال «السويركى» أمر قضائى يخضع للأعراف والقوانين والتى تتوافق مع المعايير القضائية العالمية، مما يضفى الشفافية والنزاهة فى محاربة الدولة المصرية للإرهاب. مشيرًا إلى أن مصر تقف فى الصف الأول لتجفيف منابع ومصادر تمويلهم، والتى يصل تداولها على مستوى العالم إلى 6 تريليونات دولار، ما يهدد أمن وسلامة المنطقة العربية المستهدفة دائمًا من الإرهاب.

وأشار الديب إلى جهود مراقبة الدولة وتتبع مصادر تمويل الجماعات الإرهابية، ومنع تنقلها عبر البلدان المختلفة، والحجز عليها، وتوظيفها فى مجالات الخدمة العامة والاستثمارات وغير ذلك، هو من الأمور المهمة لحفظ الأمن مع العلم بأن ترك أو تحويل هذه الأموال إلى الدول الأخرى مثل أفغانستان والعراق وسوريا، يساهم فى مزيد من تكدير السلم الدولى ويعمل على مزيد من محاولات الإرهاب لزعزعة استقرار الدول، وهو ما يصب المزيد من النقاط فی رصيد مصر الكبير والمحورى فى محاربة الإرهاب على مستوى العالم.

وأكد الديب على الابتكارات الدائمة والمستمرة لجماعات الإرهاب بالتلاعب والتمويه فى مصادر التمويل وإخفائها ونقلها عبر الدول باستخدام العملات المشفرة مثل البتكوين، وشركات «الأوت شور» التى تؤسس فى دولة، بينما تمارس نشاطها فى دولة أخرى، أو عبر شخصيات عامة ورجال أعمال مشاهير وتحاط بهم سرية مثل حالة «السويركى» معتمدين فى ذلك على التقدم التكنولوجى لوسائل العصر الحديثة.

وفى ذات السياق، أوضح الخبير الاقتصادى سيد خضر أنه منذ عام 2012 عاصرت مصر الكثير من النشاطات التجارية، ويديرها أشخاص بشكل خفى، وأضاف خضر: مر الاقتصاد المصرى بأسوأ مراحله خلال فترة وجود الجماعات الإرهابية، التى أرادت السيطرة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وتآكل الاحتياط النقدى من العملات الأجنبية، واصفًا أموالهم بالاقتصاد الأسود القائم على أعمال مشبوهة وغسيل الأموال، وتجارة السلاح، مشيرًا إلى أن لدى هذه الجماعات اقتصادًا ضخمًا لا بد من مصادرة رأس المال وضمه إلى الاقتصاد الرسمى والرقمى للدولة، ويساعد على التنمية الاجتماعية فى المبادرات الرئاسية، مثل حياة كريمة وتطوير القرى والريف المصرى وصحة المرأة.