الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اتهامات للمدارس الدولية: قيم مختلفة وأخلاق مغايرة.. وماجدة بكرى: إشراف كامل للتربية والتعليم على المناهج

الوجاهة فى مدرسة «إنـــترناشيونــال»!

هل حقّقت المدارس الإنترناشيونال الغرض والهدف من تعليم جيد؟!



لماذا تتهم هذه المدارس بخلق أجيال لا منتمية مضطربة الهوية؟!

هل حرْص الكثير من الأهالى على إلحاق أبنائهم بتلك المدارس ساهم فى فجوة مجتمعية وثقافية كبيرة أدت إلى شىء من الاضطراب الاجتماعى؟!

لأن الأسئلة كثيرة وعلامات الاستفهام أكثر أجمع خبراء التعليم وعلم الاجتماع والنفس على أن إصلاح منظومة التعليم الحكومى هو الحل، مؤكدين أن المدارس الدولية خلقت فجوة مجتمعية وتنتقص من انتماء الطفل وتعزله عن مجتمعه الحقيقى.

يتفق كثير من خبراء التعليم علی أن الخطة التى وضعها الوزير طارق شوقى للنهوض بالتعليم طموحة وستظهر نتيجتها بعد عشر سنوات من الآن، وأن إصلاح حال التعليم الحكومى الحائر حاليًا سيجعل الأهالى يقبلون عليه بصفته الأفضل.

مناهج مستوردة

الدكتورة سرية صدقى أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية الفنية وصاحبة تجربة كعضو ممن أسسوا مناهج لمدرسة من المدارس الإنترناشينوال فى مصر قالت: عندما بدأنا فى تأسيس المناهج لإحدى المدارس الدولية تواصلنا مع مدارس أجنبية لنتعرف على المناهج التى سوف نقوم بوضعها، ووضعنا معايير للمناهج منها الانتماء والقيم المجتمعية والأسرة والدين، وللحقيقة عندما قمنا بتحليل مناهج كامبريدج لم نجد انتماءً لمصر وهم لهم حق فى ذلك، لكنى أعترض على تطبيق المدارس الإنترناشيونال مناهج مستوردة دون رقابة.

تضيف: ثقافات ومناهج كثير من تلك المدارس مختلفة، لذلك نجد مفاهيم مخالفة لمجتمعاتنا مثل الشذوذ الجنسى باعتباره حقًا مجتمعيًا!

تؤكد الدكتورة سرية على أهمية ألا نفقد ولاء الأجيال الجديدة لثقافتهم وهويتهم الاجتماعية بأن ننشر فى مجتمعنا عادات لا نرضى بها كشرب الخمر والإلحاد، كل ذلك كان موجودًا فى مناهج هذه المدارس!

تؤكد الدكتورة سرية بقولها: لست معترضة على وجود مدارس دولية، ولكنى معترضة على قلة الرقابة على ما يتم تدريسه فيها، ما يجعل الطالب غير منتمٍ.

فالطالب فى هذه المدارس يعيش غريبًا لا يتحدث لغة البلد، ولا يدرس مواصفات البلد الاجتماعية كأنه فى كوكب آخر، فهو يدرس نظامًا مختلفًا لبلد يختلف عنا فى العادات والتقاليد، هو نوع من التعليم الراقى المتميز، لكنه لا يخرج مصريين منتمين لمجتمعهم. تقييم المنظومة

النائبة ماجدة بكرى وكيل لجنة التعليم بمجلس النواب أكدت أن إصلاح حال التعليم الحكومى هو الأساس، وهو الذى سيجعل الأهالى تلقائيًا يفضلونه على أى أنواع أخرى من التعليم الموجود فى مصر، فالأهالى يبحثون عن الأفضل لأبنائهم.

وعن رؤيتها لنظام التعليم الحالى ورؤية وزارة التعليم وإجراءاتها لتطوير المنظومة أكدت «بكرى» أن لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب أرسلت لوزارة التربية والتعليم لطلب دراسة لتقييم المنظومة وما تحقق من نجاح خاصة من مرحلة الحضانة إلى الصف الثالث الابتدائى باعتبار أن هذه مرحلة مهمة وفاصلة فى حياة الطفل.

وعن استحداث الوسائل الحديثة واستخدام التكنولوجيا فى التعليم أوضحت أنه لا تزال هناك فجوة بين المصادر المتاحة ومدى رجوع الطالب لها، وقالت: نحن لا نزال فى حاجة لآلية للرجوع لها وإقبال الطالب على استخدامها.

وأشارت بكرى إلى أن الوزارة بصدد الانتهاء من هذه الدراسة وعرضها على اللجنة بعد الاستعانة بالخبراء.

وعن إشراف الوزارة على المناهج التى تدرس فى المدارس الإنترناشيونال أكدت «بكرى» أن التربية والتعليم تشرف على مناهج تلك المدارس كاملة، نافية أن يكون فى تلك المناهج ما يخل بالوطنية، وما يقال عكس ذلك غير صحيح.

وعن تأثير اختلاف أنواع التعليم على المجتمع وتكوين شخصية الأفراد وخلق أجيال جديدة أكثر تباينًا ثقافيًا واجتماعيًا قالت الدكتورة نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان: إن هذا الاختلاف يؤدى إلى ضرر اجتماعى خصوصًا أنه لا بُد أن يكون هناك نوع من التجانس والفروق تبقى طفيفة لا تذكر، وهذا هو سر نجاح دول مثل دول إسكندنافيا، فاتساع الفجوة التعليمية له مخاطر عديدة.

عن أسباب الاضطرابات الاجتماعية الملاحظة فى فئات مختلفة من المصريين تقول «رضوان»: بعض الأهالى لا يتحدثون مع أطفالهم إلا بالإنجليزية، يعتبرونها نوعًا من الوجاهة، ولكنها سلاح قاتل، فالأولاد عندما يكبرون يتعلمون كل ما هو غربى وبعيد عن ثقافتنا ومجتمعاتنا.

وأشارت رضوان إلى أن الحل فى إصلاح التعليم الحكومى وتقليل كثافة الفصول، فلم تكن هذه الهوة متسعة فى الأجيال السابقة نظرًا لقلة عدد التلاميذ فى الفصل واعتماد الفنون والموسيقى والرقص لتهذيب النفوس.

وأضافت: على مدار سنوات سابقة وضعنا فى مأزق انهيار التعليم؟ ما جعل الأهالى يسارعون بإنقاذ أبنائهم بتعليم أفضل، وهذا المنطق هو سلاح ذو حدين.. ولا أعتقد أننا يمكن أن نلوم الأهل.

وحسب «رضوان»، فإن الزيادة السكانية والانفتاح الاقتصادى جعلا من المظهرية أساس تعاملنا وأصبح التعليم فى الخارج وجاهة، ومن تعلم لم يرجع ولم يفد بلده.

وأوضحت رضوان قائلة: عندى أمل فى الخطة الطموحة للنهوض بالتعليم واستقطاب عدد كبير من الأهالى للعودة للتعليم الحكومى الأساس، لكن نجاح المنظومة لن يظهر فى يوم وليلة.

وعندما ينجح تطوير منظومة التعليم فالطبقة المتوسطة لن تضطر «أن تقطع من لحمها» وتتنازل عن أساسيات حياتها كى تعلم أبناءها.

الطبقة فاحشة الثراء هى قشرة رقيقة جدًا أعتقد أنها لا تتجاوز نسبة ضئيلة من تعداد السكان، لكن بقية الشرائح من الطبقة المتوسطة تلجأ للاستثمار فى أولادها وتحرم نفسها من كل متع الحياة من أجل التعليم الخاص.

بناء الإنسان

منى جابر إخصائية العلاج النفسى للأطفال تقول: رغم التنوع الواضح لأنواع التعليم فى مصر وتباينها هناك حقيقة تستدعى التفكر والتدبر والعمل على تحقيقها وهى أن اختلاف أنواع المدارس أمر طبيعى، ولكن جودة التعليم الحكومى أمر حتمى.

وبما أن جزءًا أساسيًا من أهداف التعليم هو بناء شخصية الإنسان، فإننا يمكن أن نعتبر ملف التعليم بكل ما يحمله من أهداف قضية أمن قومى فى المقام الأول لأنه يستهدف أهم ركائز الأمن القومى، وهو الإنسان وبناء شخصيته على المستوى النفسى والاجتماعى والثقافى، وفق هذا المنطق بدأ تطوير منظومة التعليم فى مصر.

حسب «منى جابر» تتداخل عوامل عديدة وتتحكم فى اختيارات الأهالى لنوع مدارس أولادها أولها العامل المادى ولسان حال الآباء «بشترى راحة ابنى»، ثم يتداخل مع عامل الوجاهة الاجتماعية ليتحدث لسان حال البعض قائلاً: «أنا ابنى فى المدرسة اللى فيها ابن فلان».

ورغم أن الكفة كانت ولاتزال راجحة لصالح المدارس غير الحكومية، فإن المحاولات الدءوبة والمخلصة لوزارة التعليم فى تطوير المنظومة التعليمية سوف تعادل الميزان لتصبح جودة التعليم مرتبطة بكونه تعليمًا مصريًا بدلاً من ارتباط الجودة بنوع المدرسة.

تنمر

السؤال المهم والأساسى هو: هل يؤثر الاختلاف والتنوع فى المدارس على تماسك المجتمع؟

تقول «منى جابر»: لم ألاحظ أن هذا التنوع أثر على تماسك المجتمع بقدر ما أثرت صورتنا الذهنية وممارستنا الذاتية لقبول هذا التنوع، الأمر الذى قد يتحول فى بعض الأحيان إلى نوع من التنمر فى النظرة الاجتماعية والتفرقة حسب نوعية المدارس، ولهذا يلجأ البعض رغم ضيق الحال إلى التسارع للالتحاق بمدارس تفوق طاقتهم المادية لحماية أبنائهم. سألتها: هل هناك فرق فى تكوين شخصية أو خصائص الطالب النفسية فى كل مدرسة؟

فأجابت: أحيانًا قد يسهم اختلاف كيف وكم المعلومات والأنشطة التى يتعرض لها الطلاب باختلاف مدارسهم فى اهتماماتهم بشكل واضح ومدى اكتسابهم لمهارات شخصية واجتماعية، ولكن ليس بالضرورة أن يتم ملاحظة هذا الاختلاف إذا ما ساهمت الأسرة فى معادلة ذلك الفارق من خلال إكساب أبنائهم مهارات موازية كلٌ حسب إمكاناته. 

تضيف منى جابر: من خلال إشرافى النفسى على العديد من المدارس لاحظت أن شخصية المُعلم هى العامل الأكثر تأثيرًا فى تكوين وتشكيل شخصية الطالب، وهى الأكثر قدرة على تحفيزه لتطوير قدراته ومهاراته، لكن فيما يخص الاضطرابات النفسية والسلوكية فلا ترتبط بنوع المدرسة، لذلك فإن دور الأسرة ومدى فهمها لاحتياجات أبنائها النفسية وكيفية إشباع هذه الاحتياجات هى الأكثر تأثيرًا فى تشكيل وتكوين شخصية آمنة أقرب للسواء النفسى مقارنة بتأثير نوع المدرسة على الشخصية.