السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

عماد الدين شارع المواكب الملكية وليالى الأنس والفرفشة

 إن كنت  من أصحاب المزاج المرح والقعدات الشعبية، وإن كنت من محبى البهجة والسرور فى الأفراح والليالى الملاح.. وإن كنت ممن يستهويهم  الطرب مع رنات خلخال الراقصات بالإيقاع الموسيقى وصوت الصاجات وهن يتمايلن بالشمعدان على رؤوسهن، وصوت الضحك الممتزج بنبرة  ترقص عليها عربات الحنطور بطول الطريق.. إذا كنت أيضًا من المهتمين بالتاريخ فها أنت الآن فى شارع محمد على !



بالتأكيد لم يخطط لأن يكون شارع محمد على معملًا لإنتاج الفن والفنانين، وقلعة لفنانات الرقص الشرقى المحترفات، ومكانًا فريدًا  لمقاهى وكازينوهات أهل الفن، فلم يخطط أن يندمج أهل مصر ويصنعون عظمة أسماء وطرب وأهل مغنى  وآلاتية  ويخلقون جوًا فريدًا خاصًا بهذا الشعب الفن العجيب.

 

 لكن للزمن أحكام، فتحول شارع محمد على من أقدم شارع مصرى إلى شارع سمعته الأنس والفرفشة وانتهى لسوق كبيرة لبيع  وإصلاح الآلات الموسيقية للآن.

 كانت  هذه المنطقة قديمًا يسكنها المماليك قبل تولى محمد على الحكم وكانت حدود الدولة تصل وش البركة التى هى منطقة الأزبكية ومنطقة عماد الدين، وكان المماليك بداخلها محيطين أنفسهم بكل مظاهر  المتعة من جوارٍ، وغناء وطرب، وهو ما جذب للمنطقة السمعة الفنية. 

وظل الحال لعشرات السنوات مع الوقت بدأ يظهر بين المماليك مطربون وراقصات بفنون  جديدة فظهر ما يسمى برقص العوالم، الذى ابتدعته  شادية القبائل الغجرية وتألقت معه فيما بعد أسماء كبيرة أمثال نعيمة الكومسارية ونوسة المصرية، وأشهرهن  الراقصة التى ذاع صيتها هى زوبة الكلوباتية التى كانت ترقص بشمعدان وزنه 10 كيلو دون أن ينطفئ الشمع أو تسقط.

 بمجرد اعتلاء محمد على السلطة وتخلصه من المماليك بدأ الناس تدريجيا يتوافدون لهذه المنطقة وبدأت نية محمد على فى تعمير المنطقة، ولكن لم يتم ذلك فعليًا إلا فى عهد إسماعيل الذى أمر عام 1869، بفرمان بتخطيط شارع محمد على وصدر أمر لمحافظة مصر، من قبل الخديو إسماعيل بضرورة تنفيذ الشارع من جهة العتبة الخضرا إلى حد جامع السلطان حسن وبدأ العمل، ولكن الغريب أنه فى التوقيت نفسه الذى كان ينشئ فيه الخديوى شارع محمد على كان ينشئ قصر عابدين.

 بدأ الخديو إسماعيل إنشاء شارع محمد على لسببين؛ أولهما تخليد ذكرى اسم محمد على باشا،  وثانيهما لأن الخديوى كان يحتاج إلى منطقة مستقيمة لمرور المواكب والاحتفالات، حيث كانت المواكب فكرة شديدة الأهمية فى الطقوس الملكية وشارع محمد على أطول شارع مستقيم فى القاهرة الحديثة. 

 رغم أن التطوير عرف طريقه إلى قلب القاهرة الحديثة فى عهد «محمد على باشا»، فإن النهضة العمرانية الحقيقية، بدأت  بشكل جدى ومدروس فى عهد «الخديو إسماعيل»، «بن إبراهيم باشا». 

 وعند تولى «الخديو إسماعيل» الحكم عام 1863 كانت حدود القاهرة تمتد من منطقة القلعة شرقًا، إلى مدافن الأزبكية وميدان العتبة غربًا، ويغلب التدهور العمرانى على أحيائها، ويفصلها عن  النيل عدد من البرك والمستنقعات والتلال والمقابر، بمساحة لا تتخطى 500 فدان. تعداد سكانها فى ذلك الوقت كان نحو 300 ألف نسمة.

وفى زيارة الخديوإسماعيل لباريس عام 1867 طلب شخصيًا من الإمبراطور «نابليون» الثالث أن يتولى المخطط الفرنسى «هاوسمان» الذى خطّط باريس، تخطيط القاهرة الخديوية، وفى مقابلة مع هاوسمان، طلب منه إسماعيل أن يحضر معه إلى القاهرة كل بستانى وفنان مطلوب لتحقيق خططه  وحول هاوسمان القاهرة إلى تحفة حضارية تنافس أجمل مدن العالم  وافتتح إسماعيل شارع محمد على بالقلعة بطول 2 كيلو متر عام 1872 فيما بين الحديد والقلعة على خط مستقيم، وزانه على الجانبين بما يعرف بالبواكى. 

 بمرورالزمن، الشارع تحول من ساحة معمارية فريدة إلى ساحة فنية فريدة أيضًا، فسكنته الفرق الموسيقية وفنانات الرقص الشرقى وانتشرت فيه مقاهى أهل الفن، كما اشتُهر ببيع الآلات الموسيقية النحاسية لإحياء الحفلات والأفراح والزفة والطهور، والحنة، حتى فرق تشييع الجنازات !

كثير ممن سكنوا الشارع من شخصيات كانت وراء أسمائهم  قصص مثيرة  وأسرار وغموض.. منهم من اشتهر وأصبح نجمًا يسطع فى عالم الفن، ومنهم من مات فى الظل، وكان أشهر مهنة فى شارع محمد على الرقص الشرقي، والتى تندرج تحت أسماء الـ «عوالم» لا يزال أسماؤهن تتردد، والعالمة تختلف عن الغازية، وفى وقت ما  ثار محمد على على العوالم وطاردهم حتى مشارف  الصعيد. 

حكايات درب العوالم 

 يرجع أصل الغوازى إلى قبائل الغجر الذين هاجروا إلى العراق والشام ووادى النيل وكان رقصهن أشبه برقص الشوارع، فى نسخة مبتذلة نوعًا ما من الرقص الشرقي، وكان يتم استئجارهن لإحياء الأعراس والموالد فى جميع محافظات مصر وتحديدًا فى الصعيد. 

 ويذكر أنه حين جالت جموع من الجنود الفرنسيين والمستشرقين أرض مصر فى أواخر القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر، تتبعت الغوازى معسكرات الجنود وجموع السياح، مما أتاح للرسامين الفرنسيين تصويرهن فى لوحات عددة منها ما تم نشره بكتاب «وصف مصر»، وقد  أغضب محمد على باشا مما دفعه لنفى الغوازى إلى إسنا بالصعيد ومنع الرقص فى شوارع القاهرة. 

 أما العوالم ومفردها «عالمة»  فى البداية كانت العوالم طبقة  من الجوارى أو الإماء  يشتغل بتدريبهن وبيعهن للأثرياء رجل يدعى «الأستاذ».

لكن مع نهايات القرن التاسع عشر أصبحت العوالم فئة لها اعتبارها، وصرن أشبه بالفرق الفنية  التى يطلبها  الناس لإحياء لياليهم، وقد كان غناؤهن  ورقصهن فى الحفلات والمناسبات مقصورًا على مجالس النساء قبل أن يصبح الاختلاط فيما بعد شيئًا غير مستهجن. 

 قالت نرجس المهدية وهى من أقدم عوالم الشارع فى كتاب «FEMALE»  للهولندية كارين سيز إنها دخلت شارع محمد على بداية العشرينيات مع زوجها الذى أجبرها على الرقص فى عمر الرابعة عشر، وجاءت من طنطا من أسرة عريقة عفى عليها الزمن، فكسنوا فى عمارة كانت كلها عوالم فى الطابق الثاني، وفى الطابق الثالث كان يسكن الثنائى حمص وحلاوة  اللذان يغنيان معا المونولوجات الكوميدية والاسكتشات واللذين ذاعت شهرتهما أيضا، فيما سكنت الطابق الرابع نجمة الفنادق  الخمسة نجوم سميحة القرشى وكانت تسكن أسفلهم راقصة ومغنية معتزلة من عائلة فنية عريقة. 

وتذكر أنه كانت هناك طقوس للأفراح التى كانت تقام فى المنازل والنساء بالأعلى والرجال بالأسفل، مجموعتان منفصلتان، فكنا نصعد إلى الأعلى لنرقص ونغنى للعروس، قبل أن يؤخذ وجهها «عذريتها» ثم نذهب بالأسفل إلى الرجال لنرقص ونغنى بقية الليلة حتى الساعة الثانية أو الثالثة صباحًا، طالما لاتزال هناك أموال. 

 وعرفت  «العوالم» فى مصر منذ العصر المملوكي،  شاع اسم «العالمة» كإشارة إلى من تحترف «الرقص والغناء» معًا  وهو اسم ليس له سند فى قواميس اللغة العربية وذهب المستشرق الإنجليزى إدوارد وليم لين إلى أن كلمة عالمة مشتقة من الكلمة العبرية ذات الأصل الفينيقى  «علماه» ومعناه فتاة أو عذراء أو مغنية، وربما يعكس هذا الأصل اللغوى للكلمة الجذور التاريخية للمغنيات ذوات الأصول اليهودية فى مصر. 

 أشهر عالمة هى زوبة الكلوباتية التى سكنت آخر شارع محمد على فى بيت قديم قرب مسجد الرفاعى وسميت بالكلوباتية لأنها كانت ترقص وهى تحمل على  رأسها الشمعدان، نظرًا لشهرتها الواسعة فى الخمسينيات فقد اشتركت زوبة بالتمثيل فى عدة أفلا منها «كنوز روميل».

تحكى الراقصة ذكرياتها مع السياسيين فى بداية الخمسينيات فتقول أنه فى ذلك الوقت كان العرف فى الأفراح النقطة التى تجمع من المعازيم وحبايب العروسين وتأخذها العالمة وقالت أنها ذهبت يومًا  لإحياء عرس بالوجه القبلى ولاحظت أن أهل العروس من حزب «الوفد»، وأهل العريس من حزب يسمى «الأحرار».

ونتيجة الخصومة السياسية الشديدة  ظهرت المنافسة قوية، عندما كنت أرقص فإذا دفع واحد من الحزب نقطة رد منافسه من الحزب الثانى بضعف النقطة، وإذا حيا حزب منهما الفرح وأصحابه رد الآخر بتحية أطول منها. وتقول: من ناحيتى أصبحت أتعمد استمالة هذا الحزب أو ذاك لأجمع مبلغا طيبا من المال، وعندما انتهت  السهرة وتهيأت للعودة إلى بيتى بحثت عن الطبلة فلم أجدها وكانت العادة أن توضع النقطة  فى طبلة الطبال، اكتشفت أن الطبال سرق الطبلة وهرب وعدت إلى بيتى بدون نقود. 

 لم تكن مهنة العوالم تسير بشكل فوضوى لكن كان لدرب العوالم فى شارع محمد على تقاليده الموروثة  ودستوره شديد الصرامة المحفوظ عن ظهر قلب. فـ«العالمة» هى رئيسة الفرقة، وكان لكل فرقة سمعتها وشهرتها، والعرف السائد ألا تقام أفراح لأولاد الأكابر إلا وتغنى وترقص فى الزفة «عالمة» لها سمعتها من شارع محمد على.

وأطلق على «العالمة» اسم «الأسطى» وفيهن الأسطى التى كانت تتقاضى 100 جنيه فى حفل الزفاف، وأخرى تقيم فى سكن لا يدخله النور والشمس والهواء، ورغم ذلك كانت مواصلات «العوالم» سواء فقراء أو أغنياء «العربة الكارو»، إلى أن تطورت الأمور وقادت «العالمة» سيارتها، وركبن بقية العوالم الفقيرات الترام بالفستان السواريه. 

 أكبر نقطة دفعت لعالمة كانت «الصرة» التى قدمها قاسم بك الشريعى  للعالمة نعيمة عبده وتوازى قيمتها 250 جنيهًا واحتفظت نعيمة  بالصرة فى صندوق مصوغات وجواهر، ومن الهدايا  التى أهديت لـ «نعيمة» قطعة ذهبية نادرة من فئة الخمسة جنيهات أهداها إليها أحمد محمد باشا الجواهرجى  بمناسبة زفاف ابن شقيقته.

ولا يخلو كار العوالم وذكرياتهن من طرائف، وكما يروى أن العوالم كن يصطحبن أطفالهن فى الأفراح، وتجلس الراقصة أو المغنية ترضع ابنها أمام المدعوين حتى يأتى دورها فى الغناء والرقص.

وتاجرت عالمة شهيرة اسمها  زهرة الإسكندرانية، فى المصوغات والقطع الذهبية،  وتراوحت  دخول عوالم شارع عماد الدين  فكان هناك  من تتقاضى 100 جنيه فى الحفلة ومنهن من تتقاضى وفرقتها جنيهًا واحدًا فقط. فتذمرت الطبقة الفقيرة من العوالم لارتفاع الضريبة التى تفرضها عليهن مصلحة الضرائب.

فالأسطى زكية عطية حسين تذمرت وقتها بعدما فرضت عليها ضريبة كسب العمل عن ثلاث سنوات، رغم أنها لم تعمل سوى سنتين.. 

ودخلت أشهر عوالم شارع محمد على فى نزاعات مع الضرائب منهن فضيلة رشدي، سيرينا المصرية، فريدة مخيش، سنية حسنين، نرجس المهدية، وبمبة كشر التى شاركت فى الفيلم السينمائى  ليلى وفيلم بنت النيل وظلت ترقص حتى سن السبعين. 

 وشهد  شارع محمد على ميلاد نجوم كبار فكان بمثابة معمل للإنتاج الفنى والتجربة الأولى لكل فنان، فكان الفنانين يجلسون على قهاوى الشارع حتى يجدوا من يكتشفهم  فى الطريق لشارع عماد الدين حيث المسارح أو إلى الهرم حيث السينمات أو إلى شارع كلوت بك.

 بدأت أمينة رزق  وأمينة محمد ابنة خالتها، وكانت أمينة محمد محترفة فى الرقص وكذلك أمينة رزق قبل أن يكتشفها  مدير مكتب يوسف بك وهبى ويدفعها يوسف وهبى إلى التمثيل فتركت  الرقص.

وسكان الشارع محمد الإسابجى بجوار عمرو أفندى صديق الموسيقار الكبير رياض  السنباطى.

كل خميس كانت  تغسل أراضى شارع محمد على، إضافة إلى تمركزات دوريات الشرطة التى كانت موجودة  بشكل مستمر لردع أى تجاوزات، واشتهرت أسماء لم تغادر الشارع  أمثال شكوكو ، شفيق جلال ومحمد رشدي، والحاج حنكش.

 وزادت مقاهى تجمعات الفرق الموسيقية كقهوة حلاوتهم وقهوة التجار. 

 سكن أيضا الشارع  صانع الأعواد المشهور جميل جورج ابن حلب السورى، عندما زار مصر استقر فى القاهرة وأعجب بشارع محمد على وبالأتراك الذين كانوا يعزفون العود فى الفرق الموسيقية، فكانت صنعة جورج هى صناعة الأعواد وتصليحها.

ويحكى حفيده الذى لا يزال يعتنق  صنعة جده أن أم كلثوم قد زارتهم مرة فى  المحل قبل شهرتها، فجاءت مع والدتها تطلب عود برقبة رفيعة وأوتار مشدودة، ولم تكن تمتلك المال الكافى له. 

 وسكن الشارع فرقة حسب الله الشهيرة  للآلات النحاسية أسسها الجندى «محمد على  حسب الله» عام 1860 م. وكان عازفا فيها، وحصل على الباشوية بمنطوق «واسطة» من الخديو إسماعيل، مما جعل الباشوية فيما بعد موطنًا للتهكم.

وحسب الله هو الشاويش محمد على حسب الله أحد أفراد فرقة السواري، التى عملت فى خدمة الخديو عباس حلمى كان عازفًا  متميزًا على «الكلارينيت» وبعد تقاعده كون فرقة خاصة من عازفى آلات النفخ الخشبية وآلات الإيقاع، الذين تعلموا على أيدى أساتذة إيطاليين.

يروى عن حسب الله أنه كان أنيقا فى ملابسه، معتزًا بنفسه لدرجة كبيرة وكان حذاؤه مصنوعًا من الجلد المرصع بكبسولات من الذهب، وبمرور الوقت أصبح الإقبال على فرقته كبيرًًا، وزاد الطلب عليه من كل طبقات المجتمع خاصة المستوى الرفيع؛ فكان معشوقًا  للأميرات فى المجتمعات، وصار موضع تنافس بين هذه العائلات. 

 وهناك رواية  تقول أنه أثناء إحدى التشريفات أمام  قصر عابدين فى حفل  زفاف الأميرة «زاهية» أطلق الخديوى الفرقة وقال : «حسب الله باشا»، فاعتبر هذا فرمانًا بمنحه درجة الباشاوية. ومنذ تلك اللحظة  ذاع سيط فرقة حسب الله، وأصبح صاحبها الباشا من الأثرياء. 

 ومن القصص  الطريفة لفرقة حسب الله أنه كان هناك عرف وتقليد فى أى ميتم أو فرح لأحد الكبراء فى الأربعينيات كان لزامًا على الفرقة أن تكون موجودة  بعدد كبير جدا  من العازفين وهذا كان يكلف حسب الله ملابس وآلات وأدوات ملونة للتفاخر والتباهى فابتدع حسب الله خدعة فكان يؤجر أنفاراً غير موسيقيين يسيرون مع باقى العازفين بآلاتهم بدون عزف، لكن  يقال أن حسب الله تُوفى مفلسًا بائسًا جالساً أمام محله بشارع محمد على فى بدايات القرن الماضى، وتم تكفينه فى «جوَّال». ومرت  بالشارع أيضا جنازات كبرى مهيبة لا يزال صدى الحزن يتردد كلما مررنا بها مثل جنازة سعد باشا زغلول وجنازة الملك فؤاد، وحرص الضباط الأحرار  بعد ثورة 52 أن يمروا مرارا وتكرارا من الشارع فى استعراضات  مستمرة ويذكر أحد قاطنى الشارع  أنه عندما مر عبدالناصر  أهل شارع محمد على الفنى أقاموا احتفالًا كبيرًا بالطبل البلدى ومزيكا حسب الله والراقصات وعموم الشارع من البسطاء والأفندية والموظفين لدقائق صغيرة عزفوا فى لافتة موسيقية بديعة السلام الجمهورى.

 فيما بعد تم استكمال البناء التاريخى لهذا الشارع العريق، ببناء «الكتبخانة الخديوية» الدار الضخمة للكتب التى أعطت بُعدًا ثقافيًا وبُعدًا معرفيا أيضا، فأجبرت الأرجل الثقافية للتلاميذ والأساتذة الكبار أن يترددوا على الشارع بشكل دائم، وكالمعتاد  دائما نجد الفن بجوار الثقافة بجوار الأدب بجوار الكتلة الشعبية الكبيرة، فبعد إنشاء دار الكتب جاء الرد الشعبى عليها، فأنشئت  قهوة كبيرة سميت مقهى الكتب خان، وكانت القهوة تجذب إليها حتى  المثقفين أنفسهم دخولا إلى العمق الشعبى ما أدى لمزيج ثقافى فنى شعبى رفيع المستوى.

 وكتب  الشاعر الكبير أحمد رامى وقد كان مديراً لدار الكتب أغنيته الشهيرة أروح لمين لأم كلثوم على أحد مقاهى الشارع والشارع الذى عُرف  بالفن، يضم العديد من المساجد الأثرية أشهرها مسجد السلطان حسن، وفى مواجهته جامع الرفاعى ملحقًا بمقابر ملوك وأمراء أسرة محمد على ومدفن شاه إيران.