الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
لغتنا الجميلة 2 - 4

لغتنا الجميلة 2 - 4

بعد سنوات من الغربة فى المملكة المتحدة البريطانية، عدت إلى «المحروسة»، وباشرت  العمل  فى المجال الإعلامى الخاص، وبدأت فى تكوين طاقم عمل، فكنت أتجاهل السيرة الذاتية  Curriculum Vitea(أو CV اختصاراً) لمن يتقدم للعمل،  فمعظم تلك  السير الذاتية يكتبها متخصصون محترفون،  فتأتى مبهرة، جذابة، خالية من الهنّات والأخطاء الشنيعة، والأغلب على الظن أنها مبالغ فيها. فوضعت وسيلة جديدة للتعارف بالمتقدم بشكل مغاير للمعتاد،  فكنت أطلب ملء «مستند التقدم» باليد، و شهدت العجب، فكانت الاستمارات مليئة بأخطاء إملائية غريبة، ليست مشابهة للأخطاء الشائعة فى علامات التشكيل، أو كتابة الألف المقصورة عوضاً عن الألف الممدودة،  أو التاء المربوطة عوضاً عن التاء الممدودة.. مثلاً. لم تكن  أخطاء فادحة بل فاضحة، ولا أزال أحتفظ باستمارة، أنقل منها الآتى:



عنوان السكن، الدور «الأوضى»، بدل «الأرضى»، «مصر الجديدا» وليس «الجديدة».

والمؤهل الدراسى، «بكلريوس» أما الكلية فهى «الأعلم» بدل «الإعلام»،  وهلم جراً.. ناهيك عن رداءة الخط اليدوى سواء باللغة العربية، أو الإنجليزية. 

وقد وصل الأمر إلى أن  بعضهم يعجز عن التعبير باللغة العربية فيلجأون إلى الأحرف اللاتينية، وهذا ما لم يستطع الاحتلال الأجنبى أن يحققه!  

لا ملامة، ها هنا، على مدارس اللغات الأجنبية، إنما اللوم، كل اللوم، هو على «المنظومة التعليمية»، التى تحتاج إلى فهم محدث لتدريس اللغات، ونفض المنهج من الشوائب، وتجديده على أحدث أساليب  «علم اللسانيات» Linguistic الذى يتضمن علم الأصوات الكلامية Phonology  وعلم التشكل  أو الصرف Morphology وعلم  بناء الجملة وتركيبها وترابطها Syntax وعلم الدلالات اللغوية اللفظية Semantics.

أين مناهج تدريس اللغة العربية عندنا، من هذه العلوم المتطورة التى دخلت على علم اللسانيات، وتدريس اللغات؟ يكفى مراجعة الكتب المدرسية المتداولة لنعرف أننا ما زلنا نعتمد الأسلوب الذى تجاوزه الزمن، و ما عاد معتمداً فى التعليم الحديث. 

زمان، سقى الله أيام زمان،  لم يكن لتعليم اللغات الأجنبية بالمدارس و الجامعات الحكومية أى أثر سلبى على اللسان العربى. حتى المستعمر الإنجليزى لم يطمس الهوية الثقافية للشعب، فالإدارة الأجنبية لنظام التعليم، فى هاتيك الزمن، كانت شديدة الحرص على تدريس اللغة العربية، نحواً، وصرفاً، وأدباً، وبياناً، وبلاغة، على نحو لم يدرك إتقانه أى نظام تعليمى فى مصر طوال عقود لاحقة بعد التحرر من الاستعمار البريطانى. 

لغتنا الأم جزء أساسى من الهوية القومية. لغتنا العربية أحد المحددات الحيوية للهوية الوطنية فهى الوعاء الحضارى الذى نستمد منه سمات الشخصية المواطنة الصالحة،  فهل القضاء عليها وجه من الوجوه القبيحة المتسللة لحروب الأجيال الرابعة أو الخامسة التى تحاول أن تخترق مصر، ومع الأسف فإن اللغة العربية فى المدارس الحكومية ليست أحسن حالا.

ترى ماذا يفعل الآخرون بلغتهم الأم؟!