الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
رجــــل العسكريـــة .. أيقونة للثقافة المصرية

رجــــل العسكريـــة .. أيقونة للثقافة المصرية

مائة عام مضت على ميلاد بناء الثقافة المصرية، القامة والقيمة الوطنية الخالصة، المفكر والقائد صاحب مدرسة التطوير والحداثة لثقافتنا، القدوة لى ولأجيال تنتمى لصروح عظيمة بنيت بإرادة وفكر وجهد استراتيجى مستقبلى، إنه أب الثقافة الراحل الدكتور ثروت عكاشة، الرجل الأسطورة فى زمن حمل على أكتافه حفنة من العظماء الأجلاء، كان يقودهم بوعى الرجل العسكرى، وحنكة المثقف الفنان، وحذق الكاتب والناقد. إن ما قدمه خلال مسيرة حياة استمرت ما يزيد على تسعة عقود جعل منه أيقونة للعمل الإدارى الجاد فى مجال افتقد الرؤية على مدار أزمنة، كانت سببًا فى تراجع فكر المواطن. وبهذه المناسبة أتحدث عن كتاب مهم يحمل عنوان «السياسة الثقافية فى عهد ثروت عكاشة» يحمل بين طياته ملفات عديدة ووثائق نادرة سعدت بالاطلاع عليها، يضم الكتاب مشروع السياسة الثقافية لثروت عكاشة، واهتمامه بالمؤتمر العام للكتاب والمثقفين والفنانين عام 1959 والذى عُقد بدار الأوبرا لينتهى بوضع خطة ثقافية فى مصر بتوافق المثقفين، ثم تطرق لبيان مجلس الأمة بعنوان «السياسة الثقافية»، ومشروعه الكبير الذى نادى به الكاتب الصحفى سعد كامل، واهتمام القوافل التى أطلقها بالثقافتين النسوية والعمالية، والجزء المثير بين دفتى الكتاب، النظرة للتجربة بين المؤيدين والمعارضين، متطرقًا لميثاق المثقفين عام 1965، والذى قرر أن الثقافة ليست ميدانًا لتوظيف الأموال وإنما خدمة تؤديها الدولة. كتاب ثرى بكل ما يحمله من أطروحات وسياسات ثقافية غاية فى الأهمية لكل مثقف ومستنير، وحتى الجزء الخاص بالملاحق والصور.. يؤكد محتوى الكتاب من خلال مذكراته إيمانه الدائم بأن الثقافة للشعب وليست للنخبة فقط، حيث قضى على الفجوة بين المثقفين وغيرهم، وأزال الحواجز الثقافية فى المجتمع، وكانت قناعاته التى صرح بها أن المشكلة ليست فى عجز الشعب عن تذوق الفن الرفيع بقدر ما هى عجز الفن الفيع عن مس القيم الشعبية والتعبير عنها، وكانت فلسفته العميقة بعيدة النظر ترى أنه لا سبيل للارتقاء بوجدان السواد الأعظم من الشعب إلا باجتذابه لمشاهدة الأعمال الفنية الرفيعة وإلا فستظل الجماهير على نفس مستواها الحالى طالما حجبنا الفن الراقى عنهم وظللنا نلاحقهم بالأعمال المسفة الغثة التى تشبع نهم الغرائز الدنيا.. حقًا.. الجمال طليق لا يحده مكان ولا يحيط به زمان، لذا أرى هذه الوثيقة تحمل الجمال بين جنباتها، قدمها الكاتب الشاب الطموح محمد سيد ريان المشغول بالسياسة الثقافية الجديدة دون تجاهل لماضينا العريق. ولأننى ممن حظوا بالتعلم فى إحدى مؤسسات عكاشة الثقافية التى تأسست على يديه ونالت الاهتمام والرعاية لسنوات كانت اللبنة وحجر الأساس لمجالات فنية رفيعة نفخر بها فى بلدنا حتى الآن، فإننى أعتبره قدوة ونبراسًا لكل مثقف مهموم بالشأن الثقافى، بل والسياسى فى بلدنا فى ظل حروب الجيل الرابع والخامس والتى تستهدف طمس الهوية الوطنية باستخدام مصادر القوة الناعمة. لذا علينا تحصين أمننا الفكرى باستراتيجية ثقافية واعية وسياسة ثقافية تليق بجمهوريتنا الجديدة.