الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
لغتنا الجميلة 1 - 4

لغتنا الجميلة 1 - 4

يأتى احتفال «الإذاعة المصرية»، بمرور87 عامًا على ولادتها عبر الأثير، عندما سمع العالم « هنا القاهرة» لأول مرة بصوت أحمد سالم، ثم  توالت أصوات محببة لمذيعين ملكوا عبر مسامع المصريين قلوبهم ووجدانهم، من بينهم طاهر أبوزيد، محمد محمود شعبان (بابا شارو)، آمال فهمي، فضيلة توفيق، صفية المهندس وغيرهم  كُثر، عاشت أصواتهم فى بيوت الناس  وأفئدتهم.



وإذ ننسى، فلا ننسى فاروق شوشة، وكان صديقاً لي، أفتقده، ويرن صوته الرخيم فى أذنى عبر برنامجه « لغتنا الجميلة»، فقد كان حامى حمى اللغة العربية، وسيفها وترسها الواقي، يموج صوته فى أذني، وهو «ينغم» مقدمة البرنامج، وهى أبيات  لحافظ إبراهيم:

أنا البحر فى أحشائه الدرّ كامنُ، فهل سألوا الغواص عن صدفاتي.. 

وليس محض مصادفة أن تحتفل «الإذاعة» الرسمية بمولدها، مع إطلاق السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة، حملة «إتكلم عربي»، كمبادرة وطنية للتركيز على القيم والثقافة المصرية، وتعريف الجيل الطالع بتاريخه وحضارته المتجذرة فى القدم، ووصل ما انقطع بين المغتربين ووطنهم الأم.

لا يختلف اثنان على أن اللغة العربية تتعرض لمحنة، وتهميش لحساب اللغات الأجنبية، والسبب عدم قدرتها على مواجهة العصرنة والتقدم التكنولوجى وزمن المعلوماتية، فبقيت لغة عواطف، ونحيب على الأطلال، ولم تقترب من العلوم الحديثة. وتخلف اللغة عن مواكبة العصر هو فى الواقع تخلف الإنسان العربي، الذى لم يشارك فى «الثورة» التكنولوجية الحديثة، فظل مستهلكًا لمنتجاتها وليس منتجًا وفاعلًا فيها، ففرضت عليه لغتها، و تعابيرها، ومفرداتها.

ولا غرو بعد ذلك كله، أن يصبح مدرس اللغة العربية شخصية كاريكاتورية، أشبه بشخصية نجيب الريحانى فى فيلم «غزل البنات».

وإذا كانت إجادة اللغتين الفرنسية والإنجليزية نوعًا من الترف والوجاهة الاجتماعية، فإنها حقيقة باتت حاجة ضرورية للتعاطى مع الهاتف الخلوى، وجهاز الكمبيوتر، وحتى الألعاب الإلكترونية.

وما زاد فى طين منحة «اللغة العربية» بلّة، الإقبال على المدارس الأجنبية لتجاوز «عثرات» التعليم العام، وعجزه عن استيعاب التغيير وأحداثه، وضعف كفاءة المعلمين، وسوء المبانى المدرسية، فانتشرت ظاهرة المدارس الدولية سواء الإنجليزية أو الأمريكية، التى لا يقدر على أقساطها المرتفعة إلاّ رجال المال والأعمال، ومشاهير الفن المقتدرون. والطامة الكبرى، أن هذه المدارس حذفت من مناهجها مواد اللغة العربية، والتاريخ، والتربية الدينية والوطنية، وإذا درَّسَت اللغة العربية فعلى استحياء وخجل، ومرضاة للمسئولين عن  التربية و التعليم فى الدولة، الأمر الذى نتج عنه تخريج جيل مُهجّن، عاجز عن تحقيق التوازن بين أسلوب ومتطلبات الحياة، وبين داخل المدرسة، والممارسة الاجتماعية مع باقى افراد المجتمع .

وعن هذه الظاهرة نكمل الكلام .….