الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
امرأة لرئاسة تحرير صحيفة «واشنطن بوست» 

امرأة لرئاسة تحرير صحيفة «واشنطن بوست» 

إنه حدث واشنطن ومن ثم صار حديث أهلها. إذ اختارت الصحيفة العريقة  والصادرة من العاصمة الأمريكية سالى بازبى لرئاسة تحريرها. وبذلك تكون بازبى (55 عامًا) أول امرأة ترأس تحرير «واشنطن بوست» منذ بدء إصدارها فى عام 1877.. وكانت آخر منصب شغلته بازبى أنها رأست إدارة تحرير وكالة الأنباء الأمريكية ـ AP ـ منذ عام 2017.



 

حياتها وخبراتها الصحفية بدأت وتشكلت مع هذه الوكالة العريقة «أسوشيتد برس» منذ عام 1988.. وقد عملت عام 2004 فى القاهرة كمسئولة التحرير الإقليمى فى تغطية حرب العراق وأزمات الشرق الأوسط بشكل عام.. وزوجها الدبلوماسى الراحل جون بازبى عمل لفترة فى السفارة الأمريكية بالقاهرة. سالى صارت فيما بعد مديرة مكتب واشنطن للوكالة لفترة وأدارت تغطية الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى عامى 2012 و2016. وبالتالى تاريخها المهنى  والإنسانى  يكشفان أبعاد معرفة عميقة وشاملة لمصر والمنطقة بشعوبها وثقافاتها وأزماتها وآمالها.. وأيضًا تعاملات واشنطن مع الملفات الإقليمية والدولية.. وتتولى بازبى رئاسة تحرير «واشنطن بوست» خلفًا لمارتى بارون ـ الصحفى الأمريكى البارز الذى ترك بصمات واضحة ومؤثرة على أداء الصحيفة ومواقفها ومضمونها ومصداقيتها وأدائها المهنى وخصوصًا فى سنوات حكم الرئيس السابق ترامب.. الرئيس الأمريكى الـ 43 الذى قال مرارًا وتكرارًا أن الصحافة عدو الشعب.. وأنها تختلق الأكاذيب وتنشر الادعاءات!!

استطاع مارتى بارون (66 عامًا) خلال السنوات الثمانية من رئاسته لتحرير الصحيفة أن يحقق زيادة فى عدد المحررين وعدد المشتركين وأيضًا فى عدد قراء الصحيفة إلكترونيًا.. «واشنطن بوست» فازت بـ10 جوائز بوليتزر المتميزة فى عالم الصحافة خلال فترة بارون. وتقول الأرقام أن عدد محررى «واشنطن بوست» وصحافييها وصل إلى أكثر من ألف.. بعد أن كان عددهم 580 فى عام 2013. كما أن قراءها ازدادوا عددًا.. من المركز السابع لأكثر الصحف اليومية الأمريكية الورقية توزيعًا ـ فئة أقل من 500 ألف مشترك .. إلى ثلاثة ملايين مشترك رقمى.. وبذلك تحتل «واشنطن بوست» المركز الثانى بعد صحيفة «نيويورك تايمز». بالمناسبة عدد المشتركين رقميًا لـ«نيويورك تايمز» وصل مع بداية شهر مايو من هذا العام  إلى 7.8 مليون مشترك.

ومعروف أنه منذ أن اشترى الملياردير جيف بيزوس (مؤسس آمازون) صحيفة «واشنطن بوست» عام 2013 بصفقة تقدر بـ250 مليون دولار من عائلة جراهام التى كانت تملك الصحيفة لأكثر من 80 عامًا تحولت «بوست» إلى صحيفة حية ونشطة ورقيًا ورقميًا.. وقد ذكر منذ أيام قليلة أن مارتى بارون تعاقد على صدور كتاب له عن تجربته المتميزة مع «واشنطن بوست». الناشر لم يعلن بعد موعد صدور الكتاب. إلا أن الكتاب سيكون عنوانه: «تصادم السلطة: ترامب وبيزوس وواشنطن بوست» وسوف يحمل بين صفحاته تجربة بارون وكيفية تعامله صحفيًا مع سنوات حكم ترامب بالإضافة إلى أمور الصحافة ودورها فى إثراء الديموقراطية. وكانت الصحيفة قد تبنت منذ 22 فبراير 2017 شعارًا لها يتصدر الصفحة الأولى تقول كلماته: الديمقراطية تموت فى الظلام.

إن المعادلات الصحفية المعاصرة ـ لمن يعنيه الأمر ـ حتى مع تحولها الرقمى ترتكز أساسًا على إثراء المضمون وتحسين الأداء الصحفى وتقديم معالجات أعمق وأشمل لما يقرأه ويبحث عنه القارئ فى زمن طوفان الشوسيال ميديا من فيسبوك وتويتر.. وانستجرام وغيرها!! ولا شك أن هذه المفاهيم والمعالجات المستحدثة ـ كما سمعتها وعرفتها من مارتى بارون وغيره من القيادات الصحفية الأمريكية تعتمد أولاً وأخيرًا على الكتابة الجيدة والخلاقة وأيضًا على ضمان تواجد وتفاعل أصحاب أقلام وأصوات ورؤى غير تقليدية تأتى من أجيال متعددة.. وتسعى لتسليط الأضواء على ما يحدث فى عالمنا المعاصر أينما كان .. طالما أن هناك حكاية مهمة يجب أن يقرأها القارئ! أو قضية مجهولة يجب تناولها بشكل جاد حتى ينتبه إليها القارئ أو حتى المسئول وصانع القرار!

ومن هنا يأتى التحدى الأكبر لسالى بازبى كيف أن تحافظ على ما حققته واشنطن بوست من حضور متميز ومؤثر فى السنوات القليلة الماضية وأن تأتى بإضافات تسعى إليها الصحيفة الأمريكية منذ فترة فيما يتعلق بتعدد الأقلام المساهمة فى إثراء الآراء المطروحة على صفحات الصحيفة.. وأيضًا القدرة على متابعة مشاكل وأزمات العالم بشكل أشمل وأعمق من مجرد وصف الأحداث ونقل التصريحات واللهث وراء المثير من القضايا والأحداث.