هــوس «Three Fitting»

نهى العليمى
مؤخرًا ظهر توجه لدى بعض الشباب المقتدر ماديًا «للثريفيتنج» وهو شراء الملابس المستعملة كموضة أو «تريند»..ولهم أسبابهم ودوافعهم التى لا تمت إلى توفير مالهم بصلة!!
فلم تعُدْ منطقة كوكالة البلح- تلك المنطقة العريقة المزدحمة، ملاذًا للفقراء فقط لشراء الملابس الزهيدة الثمن المستعملة وإدخال الفرحة على أولادهم فى الأعياد..بل أصبحت الوكالة لها «شنة ورنة» وجمهور بين الشباب المقتدر لجودة ملابسها بالمقارنة بأسعارها.
وهذا التوجُّه ساندته بعض صفحات السوشيال ميديًا من فترة وبينت مميزاته والتى على رأسها الاهتمام بالجانب البيئى لإعادة التدوير، والاقتصادى لتوفير ملايين من صناعة الملابس، والاجتماعى لمنع استغلال العمالة فى هذه الصناعة، والنفسى للحد من داء اللهث وراء البراندات .. فأصبح هذا التوجه دليلًا على ثقافة الشاب وإيمانه بواجبه نحو البيئة، والمجتمع..
فانتشرت الجروبز على الفيس بوك وصفحات على الانستجرام وهشتاج على تويتر كلها تدعو للشراء من أماكن بيع الملابس المستعملة وتصدر التريند وكالة البلح..حاملين شعار «نحن من نعطى قيمة للأشياء وليس البراند».
وانتشر هاشتاج #رخيص_بس_شيك على صفحات السوشيال ميديا وشارك العديد من الفتيات نشر صورهن الشخصية يرتدين ملابس تم شراؤها من وكالة البلح وكتبن أسعارها التى تراوحت ما بين 50 لـ300 جنيه !
ودفع ذلك بعض الشباب لبداية مشروع ببيع هذه الملابس ووضع هامش ربح بسيط فوقها بعد إحضارها من وكالة البلح وغيرها من أماكن بيع الملابس المستعملة لبيعها فى أماكن راقية أو على صفحات السوشيال ميديا تسهيلًا لمن يرغب فى شرائها.
موضة عالمية
نشرت صحيفة الجارديان تقريرًا عن الخياطة والمدونة البريطانية زوى إدواردز التى توقفت عن شراء ملابس جديدة منذ عام 2010 باستثناء قطعتين فقط وصرحت بأنها لا تريد أن تكون جزءًا من الموضة الاستهلاكية السريعة. وذكرت الصحيفة أن البريطانيين يشترون كل أسبوع ما يقارب من 38 مليون قطعة من الملابس، و11 مليون قطعة منها تذهب إلى القمامة.
وفى تقرير آخر لصحيفة «نيويورك تايمز»، فإن متاجر بيع الملابس المستعملة فى الولايات المتحدة يزيد عددها على 250 ألف متجر، وأن دراسة استقصائية حديثة على سلوك المستهلكين وجدت أن ما بين 16 و 18 فى المائة من الأمريكيين يتسوقون فى محال بيع الملابس المستعملة.
وفى مصر بدأت الفتاة المصرية بسنت ماكسيموس منذ عدة سنوات الترويج لمفهوم جديد للملابس المستعملة وتقبلها والبُعد عن النمط الاستهلاكى الذى لا يخدم سوى جشع أصحاب صناعة الفاشون وبعد زيارتها لـ«وكالة البلح»، أصبحت تشجع على الفكرة على وسائل التواصل الاجتماعى عن طريق قناة لها وحققت وقتها ما يقرب من مليون ونصف مشاهدة، ووصل المشتركون لديها إلى 155 ألف مشترك وبدأ الشباب يتساءلون عن مكان وكالة البلح وكيفية الوصول لها واستمرت فيديوهاتها لتعليم كيفية اختيار الملابس الجيدة وكيفية الفصال وكيفية إعادة تدوير الملابس لاستخدامها.
كذلك ظهرت الفنانة الشابة سارة عبدالرحمن فى مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الـ40 بفستان صرحت أنه من وكالة البلح وسعره لا يتجاوز الـ 370جنيهًا.. وقالت إن السبب وراء اختيارها لملابس مستعملة من الوكالة أنها تشجع كل ما هو صديق للبيئة عن طريق التقليل من الاستهلاك والتخلُّص من الأشياء التى لا تستعملها ولا تقوم بشراء أى شىء أكثر من احتياجاتها.
وقالت سارة إنها تحاول شراء أشياء وملابس مستعملة لم يتم تصنيعها من جديد وصرف مبالغ عليها، اعتراضا منها على استغلال عمال المصانع فى صناعة الملابس. وأنها استطاعت إيجاد شىء مستعمل لمناسبة كبيرة مثل المهرجان. ورغم صعوبة الفكرة عليها وعدم استطاعتها للالتزام بهذا المبدأ طول الوقت؛ فإنها أكدت أنها ساحاول الالتزام بهذه الفكرة قدر المستطاع.
فكر جديد
ومع وجود اعتقاد بأن الملابس المستعملة هى للفقراء فقط.. إلا أن الجيل الجديد أكثر جرأة وخروجًا عن المألوف وله قناعاته ورؤيته التى تتناسب مع واقعه..
آية محمد- 19 سنة طالبة فى كلية اللغات والترجمة بجامعة خاصة تقول: «مش عيب إنك تشترى من مكان بسيط أو رخيص مادام الحاجة حلوة دا كفاية بالنسبة لى، ذهبت الوكالة واشتريت بنطلون وتيشيرتات وفستان ولم يتعد كل هذا َالـ300 جنيه فى حين إنى بشترى البنطلون لوحده من أى محل قبل كده باكتر من ضعف هذا الثمن وكل الحاجات اللى جبتها «تريندى» وشيك جدًا.
سارة مراد - 20 سنة طالبة فى كلية صيدلة بجامعة أجنبية تقول: «نحن من نعطى القيمة للشىء اللى نلبسه، فى الأول رفضت ماما وقالتلى «ليه تشترى مستعمل من الوكالة ؟!هو احنا فقرا!» وكانت متأكدة أنى «همشى على طول أول ما أنزل الوكالة لأنى غير متعودة على الزحمة فى الأماكن الشعبية..لكن فوجئت إنى اشتريت مع صحابى حاجات كتير جدا وبُعشر التمن اللى ممكن أدفعه فى الشوبينج فى أى مول وكلها حاجات أحلى من بعض».
شيماء مسعد طالبة فى قسم بيزنس بجامعة مصرية خاصة تقول: «أول معرفتى بوكالة البلح عندما أرادت أمى منذ سنوات شراء قماش للستائر ووجدت الفرق الكبير فى السعر عن أقمشة الستائر فى منطقة المهندسين، حيث أسكن، مع أنها نفس الخامة!!واكتشفت هناك أقمشة للسواريهات أيضًا أرخص كثيرا وتشكيلة كبيرة.. لكن الملابس اكتشفتها بالصدفة عندما سألت صديقتى فى الجامعة عن بنطلون قصته تريندى وموضة فأخبرتنى أنه من وكالة البلح وبـ٧٠جنيهًا، وأنها ستنزل لشراء أشياء أخرى مع أختها فصممت أن أذهب معها وبالفعل وجدت «حاجات لقطة».!