الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
سموم فى أوانى الجاذبية

سموم فى أوانى الجاذبية

ربما العنوان يكون مدهشًا للبعض، لكنه فى الواقع أكثر تعبيرًا وتأكيدًا عمّا نتلقاه من وسائل القوة الناعمة المعادية، فبحق صدق وصفها بـ«سموم» وجاذبة حيث اعتمادها على الجذب وليس الإكراه، لقد نجحت كاتبة هذا العمل المنهجى فى إلقاء الضوء على معنى القوة الناعمة ومفهومها ومحدداتها حين تطرقت لها بين الماضى والحاضر فى الجزء الأول من الكتاب مع عرض تاريخى مبسط وتناول سلس للنظريات، أما القسم الثانى فجاء أكثر فاعلية وتطبيقًا على أرض الواقع؛ حيث تناول تأثير القوة الناعمة على الأمن القومى، والإشارة للمتغيرات الإقليمية والدولية، وكيفية تفعيل القوة الناعمة المصرية ومجابهة المضادة منها، ولم تغفل الكاتبة ما لدينا من نقاط قوة وفرص متاحة لنجاح قوتنا الناعمة.



كتاب شيق وممتع يتحدث إلينا بما يثير دوافعنا من منظور تلقائى وتوعوى لإدراك خطورة المرحلة، ودور الدولة فى الاهتمام والرعاية بمصادر القوة الناعمة وأدواتها وحُسن استخدامها، مما يتطلب الثقافة الشاملة والممارسة الحقيقية على الأرض للفنون، بجانب النزعة الوطنية والقناعة بما تمتلكه هذه الأدوات من تأثير سريع ونفاذ؛ وبخاصة فى عقول أطفالنا وشبابنا وتوجهاتهم، كما يثير تساؤلات عديدة  ويفتح آفاقًا مستنيرة لتشغيل العقول بدافع حب الوطن والغيرة لانتصاره فيما يخوضه من حروب حديثة كما انتصرنا فى حروبنا التقليدية ووضعنا استراتيجيات حديثة فى الحروب الدفاعية فلنكن دائمًا منتصرين فى حرب تزييف الوعى.

ولا يمكن أن يفوتنى التناول الرقيق لمقدمة الكتاب من سيادة اللواء أركان حرب الدكتور «سمير فرج» القامة والقيمة العلمية والوطنية الزاخرة لما أثراه من ثقل برأيه الموضوعى حول الكتاب وكاتبته.

بطبيعة الحال أكتب عن أعمال فنية وإبداعية كثيرة من منطلق عملى المهنى كناقدة، ولكن هذا الكتاب يحمل صعوبة خاصة وترددت كثيرًا؛ حيث إن شهادتى مجروحة حول مؤلفته، ولكن الأمانة العلمية والموضوعية تقتضى ألا أخفق حقها وألا أغفل جهدها المضنى نتيجة للقرابة، بل شعرت بواجب ينبعث من ضميرى المهنى بتسليط الضوء على ما بين دفتى غلافه لإيمانى بما يستحقه من تقدير لأهمية الطرح. 

إن مؤلفة الكتاب شقيقتى الدكتورة «رشا يحيى» الحاصلة على زمالة كلية الدفاع الوطنى بترتيب الأول على المدنيين، فى موضوع الاستراتيجية والأمن القومى، وعازفة الفيولا الشهيرة والأستاذة بالكونسيرفتوار بأكاديمية الفنون، وضعت يديها على موضوع شائك؛ وبخاصة مع محاولات طمس الهوية، وتعامل أرباب المؤامرة الصهيونية مع أدوات القوة الناعمة فيما يطلق عليه حروب الجيل الرابع والخامس، لكن للأسف لا يزال هناك تغييب كامل للوعى وتوظيف لتلك الأدوات لخدمة أغراض خبيثة، فتدق ناقوس الخطر لتحقيق الأمن الفكرى حفاظًا على أمن بلدنا القومى.