
عمرو فتحى
السيطرة على الصراعات الإقليمية
إنه مبدأ حرب وسلام، وقوة ردع أثبتها تاريخ الصراع فى العلاقات الدولية، فأمريكا تحولت إلى عملاق عسكرى قاسٍ يوم أن ضربتها اليابان فى بيرل هاربر، فبنت قوة بحرية جبارة، أنهت بها على اليابان عسكريّا فى الحرب العالمية الثانية.
قوات الحلفاء هزمت ألمانيا النازية عندما أنزلت قواتهم البحرية جنودهم على سواحل نورماندى بفرنسا، منطلقين منها حتى أسقطوا برلين، وهزموا ألمانيا، وأنهوا الحرب العالمية الثانية فى الغرب الأوروبى.
أمّا قديمًا فقد تصدت البحرية البريطانية العظمى آنذاك وأفشلت محاولتين مصريتين للتخلص من الحكم العثمانى، أولاهما كانت تحالفًا بين على بك الكبير وروسيا الاتحادية، لتقويض الدولة العثمانية والسيطرة على مضايق البحر الأسود، أمّا ثانيتهما فكانت عندما تحالف محمد على مع فرنسا ضد الإمبراطورية العثمانية أيضًا، وفى كل مرة كانت تفشل المحاولة بتدخل القوة البحرية البريطانية الأعظم فى هذه الأيام.
كذلك كلف عداء الرئيس جمال عبدالناصر لأمريكا- صاحبة القوة البحرية العظمى- مصر هزيمة موجعة فى 1976، رغم تحالفنا مع قوة أرضية عظمى آنذاك- الاتحاد السوفيتى.
ما سبق كان استهلالًا لا بُدّ منه لفهم حرص مصر الدائم على تطوير قوتها البحرية، وإنشائها أسطولين بالبحرين الأبيض والأحمر.
هذا التطوير المصرى مردوده فى الردع ثبُتَ بنظرة موضوعية لعلاقات مصر الإقليمية مؤخرًا، من ليبيا غربًا إلى تركيا وقطر شرقًا، وبما شهدناه من رسائل وتصرفات صدرت أخيرًا من تلك الدول نحو مصر، ببعض انضباط واعتدال كانا مفقودين فى علاقة تلك الدول بمصر فى ماضٍ ليس بالبعيد.
ويقينى أن نفس هذا الردع البحرى، سيؤتى جدواه مع الوقت فى مسألة «سد النهضة» عبر البحر الأحمر، تعديلا لنهج التعنت وتعمد الإضرار الصادر من إثيوبيا ضد مصر منذ عشر سنوات وحتى تاريخه.
لا شك أن قوتنا البحرية ليست المكون الوحيد فى قواتنا الخشنة العسكرية؛ إنما بالتأكيد يأتى التحديث والتطوير المستمر لجميع أفرع قواتنا المسلحة، كمكون أساسى هو الآخر فى معادلة الأمن القومى المصرى، من حيث ضبطه للمشهد الإقليمى بحسابات المصالح والحقوق المصرية.
والذهن لا يغيب عنه كذلك، تأثيرات القوى الناعمة المصرية هى الأخرى، فى حفظ الحقوق الثابتة المصرية. فلدينا منظومة سياسة خارجية بارعة، وتظل حضارتنا وثقافتنا تؤثر فى العالم ببريقها التاريخى وتفردها الإنسانى، مُرسّخة للمصالح الوطنية للدولة المصرية.
لهذا وجب تقديم الشكر والتقدير لرئيس بلادنا والحكومة والجيش، لاضطلاعهم بهذا الجهد الكبير فى مواكبة أسُس استراتيجيات القوة، والأخذ بدروس التاريخ وحقائقه، لحفظ حقوق مصر الثابتة.