السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

رجـال الظـل «يضيئـون» الاختيار 2.. و«محمــد مبروك» أيقونة جديدة

إياد نصار - أحمد مكي
إياد نصار - أحمد مكي

انتصف شهر رمضان، وبدأ المشاهدون يقلصون قوائم المشاهدة لتصل إلى ثلاثة أو خمسة مسلسلات على أقصى تقدير، الكل على السوشيال ميديا يدون الأعمال التى قرر الاستمرار فى متابعتها والكل شبه مجمع على أن «الاختيار2» من بينها، ليس فقط لأنه عمل تاريخى معاصر يروى قصصًا لا تزال حية فى ذاكرة الناس منذ عام 2013 وحتى الآن، وإنما لأنه عمل فنى جيد الصنع، كتابة وإخراجًا وتمثيلاً، بالإضافة لباقى عناصر العمل الفنى.



 

وهى النقطة التى كان يغفل عنها قبل ذلك صناع الأعمال التى تناقش قضايا وطنية، فيعتبرون أن القضية هى الأهم وينسون أن أعمالاً مثل: «رأفت الهجان ودموع فى عيون وقحة» نجحت لأنها ممتعة للجمهور فدخلت رسالتها قلوبهم دون الحاجة للخطاب المباشر واللهجة الزاعقة، وهو ما عاد ليتحقق فى الجزء الثانى من المسلسل الذى جذب جزؤه الأول الملايين فى العالم العربى العام الماضى والتفت المشاهدون مجددًا حول شخصية الشهيد أحمد منسى، قبل أن يجدوا فى رمضان 2021 شهداء وأبطالاً جددًا، عاشوا ورحلوا فى الظل ويستحقون أيضًا الالتفات حولهم والدعاء لهم أبرزهم المقدم محمد مبروك شهيد الأمن الوطنى.

من الناحية الفنية يمكن رصد العديد من عناصر القوة فى حلقات «الاختيار2» وهى نفسها العناصر التى يمكن أن تفرق بينها وبين حلقات الجزء الأول، فى العام الماضى كان لسحر شخصية الشهيد أحمد منسى ولطبيعة المعارك التى خاضها رجال القوات المسلحة فى سيناء بين عامى 2013 و2017 جاذبيتها الخاصة التى جعلت الجمهور يشاهد لأول مرة ما كان يجرى ويسمع عنه فى البيانات الرسمية مجسدًا أمامه على الشاشة، وكان من الممكن أن يخرج الجزء الثانى على نفس المنوال ويلعب على المضمون، لكن لحسن حظ الدراما المصرية قرر صناعه السير فى خط موازٍ وتقديم وقائع ومواقف موازية لما جرى فى الجزء الأول بأسلوب درامى جذّاب بدءًا من كون الشخصيتين الرئيستين، المقدم زكريا والرائد يوسف، غير معروفتين للجمهور، بالتالى لم يرهق الناس أنفسهم فى المقارنة بين كريم عبدالعزيز وأحمد مكى على الشاشة ومن يكونون فى الحقيقة، وإلى أى درجة تحقق الشبه، حتى مع شخصية الشهيد محمد مبروك الذى ترسخ كأيقونة جديدة تؤكد أهمية الدراما، ومع إجادة الفنان إياد نصار فى تجسيده، لكن كون الناس لم تسمع صوت الشهيد مبروك ولم تره فى أى لقاء لطبيعة عمله، ساعد ذلك نصار كثيرًا فى أن يقدم الشخصية كما سمع عنها وأحس بها دون التقيد بصورة محفوظة فى أذهان الجمهور، لهذا وفق فى رأيى صناع العمل عندما أضافوا لعنوانه الرئيسى عبارة «رجال الظل» فكون رجال وزارة الداخلية بشكل عام والأمن الوطنى بشكل خاص ينفذون معهم بعيدًا عن الأضواء وحتى فى حال الاستشهاد لم يعتادوا الإعلان عن تفاصيل ما جرى جاء المسلسل ليقدم للناس بطولات لم يعرفوا عنها كثيرًا فجعل الجمهور أكثر اهتمامًا بالمتابعة بعيدًا عن المقارنة. 

كريم عبدالعزيز
كريم عبدالعزيز

 

النجوم الثلاثة

يضاف إلى ما سبق عنصر قوة آخر ارتبط بالأداء المتقن للنجوم، ومنهم من ارتبط لدى الجمهور بتقديم الأدوار الكوميدية وجاء اختيارهم ليكونوا أكثر قربًا من قلوب الناس، وحتى لا يقدموا الشخصيات بجدية قد تحول العمل إلى حلقات وثائقية، وبالفعل نجح كريم عبدالعزيز وأحمد مكى ومعهما إياد نصار فى تحقيق حالة من الإعجاب لدى الناس فى النصف الأول من رمضان ومتوقع فى الحلقات الأخيرة أن يجيد العديد من الممثلين، علمًا بأنه حتى على مستوى ضيوف الشرف وإن كانوا أقل عددًا بالمقارنة بالجزء الأول، لكن معظمهم أجاد فى تقديم الشخصية التى أسندت له أو بمعنى أدق تحقيق التأثير المطلوب من وراء ذلك، وأخص بالذكر نجمى الكوميديا أشرف عبدالباقى وهشام ماجد، وبجوار كل هؤلاء حظيت البطولات النسائية باهتمام أكبر هذا الموسم، وتم اختيار ممثلات مخضرمات لتقديم شخصيات زوجات الضباط رغم محدودية المشاهد، وكان لمشهد بشرى وإنجى المقدم لحظة اغتيال المقدم مبروك تأثيره الكبير علينا كمتفرجين، وأكد على أهمية اختيار النجوم فى أماكنهم الصحيحة بعيدًا عن مساحة الأدوار والهدف من ظهور كل شخصية.

وقبل الولوج إلى المحتوى الذى يقدمه المسلسل، لا يمكن الإشادة بالممثلين وأدائهم دون التوقف عند الثنائى بيتر ميمى وهانى سرحان، الأول واجه تحديًا هو الأكبر حيث أخرج الجزء الأول وربط الناس بشخصية أحمد منسى ونفّذ مشاهد المعارك مع فريقه بأفضل طريقة ممكنة، بالتالى دخل التجربة الجديدة وهو يتعرض لمقارنة أظنه نجح فيها حتى الآن، أما هانى سرحان فلم يكن مؤلفًا للجزء الأول، بل قدم فى الموسم نفسه مسلسل آخر هو «الفتوة»، لكن بعد مشاهدة أكثر من 15 حلقة يمكن القول أنه نجح فى تقديم عمل سريع الإيقاع، واقعى الحوار، ويحقق الهدف المرجو منه دون تزيد أو مزايدة.

محتوى جذاب 

بالعودة إلى حلقة فض رابعة والتى خشى الكثيرون من ردة الفعل حولها، وبالتدقيق فى الأحداث التى انتقاها صناع العمل وشبكوها فى بعضها البعض لتوصيل رسالتهم، يظهر عنه قوة آخرى فى تجربة «الاختيار2» تتمثل فى أن معظم الأحداث التى يغطيها الناس يتابعونها يوميًا ضمن تغطيات برامج التوك شو، لكن تفاصيلها الحقيقية وكيف عاشها أبطالها لم يكن ذلك يصل للناس أبدًا، الأمر الذى جعل المحتوى جذابًا للناس ودفعهم لاسترجاع ما لديهم من معلومات واستكمالها مما يرونه على الشاشة، فالكل شاهد جنازة الشهيد مبروك مثلاً، لكن كيف تم الاغتيال وماذا كان يحضر لهم فى شهادته، وكيف وقعت الخيانة التى سهلت الغدر به، كل هذا كان بحاجة لدراما مصنوعة بإحكام من أجل معرفة ما جرى، وما سيجرى أيضًا فحسب المعروف عن المسلسل، فإن الأحداث ستستمر لعام 2020 بالتالى الكثير من الوقائع والمداهمات والقضايا التى نفذها رجال الظل ينتظرها جمهور «الاختيار2» وربما يفتح المسلسل بما يقدمه الباب نحو مسارات أخرى يحتاج المصريون للمعرفة عنها بما قد يمهد لجزء ثالث أو على الأقل يؤكد أنه دوران عجلة مسلسلات الوعى لا يجب أن يتوقف.