الأربعاء 13 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

خـــطابــــات شــفاعـــة الأوليــــاء؟!

يلاحظ فى شهر رمضان من كل عام أن الناس يأتون من أقاصى محافظاتهم البعيدة، لزيارة مقامات أولياء الله وآل البيت، منهم من يكتفى بالتقرب بالذكر والصلاة فى المكان الطاهر وفى يقينه الآية الكريمة (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ. فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).



وهناك من يعكس معنى الآية، ويتقرب بطريقته مستعينًا بعبارات «مدد يا رفاعى، نظرة يا سيد، أيدك معانا يا بدوى، همتك معانا يا قطب الرجال، الشفا بإيدك يا سيدى إبراهيم الدسوقى، أنا جايلك يا حسين ما ترجعنيش إيدى فاضية، يا ست.. الأمر أمرك» ونقل الأمور لمن يكتب خطابات باسم الولى راجيًا تحقيق مطلبه فيما يطلق عليه «خطابات الشفاعة».

(مخالف للقرآن)

الشفاعة هى سؤال فعل الخير وترك الضرر عن الغير على سبيل التضرع إلى الله، وهى نوع من الدعاء والمقصود بالشفاعة عمّا يعتقده البعض يوم القيامة هى السؤال فى التخليص من الموقف وأهواله، وقد تحدّث القرآن الكريم فى مواضع عدة فقال تعالى (يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له قولا).

وفى الآيات دلالة على ثبوت الشفاعة، والشفاعة تكون للأنبياء فى أقوامهم، وتكون للصالحين الذين يشفعون فى العصاة، وتكون للمتحابين فى الله يشفع بعضهم فى بعض، وأيضًا هناك شفاعة المظلوم لمن ظلمه، وشفاعة الفقير للغنى وشفاعة سقط الحمل الذى لم يكتمل فهو يشفع لوالديه، والشفاعة بهذا المعنى أوسع بكثير.

واستقر أهل العلم على أن هناك فرقًا بين طلب الشفاعة من ا لله تعالى أن يُشفع فيه الأنبياء، فهذا لا بأس فيه على الإطلاق، وفرق بين أن يطلب بشكل مباشر من الولى أو هذا الصالح أن يقضى له حاجته فى الدنيا، فهذه هى ما لا يسمح به الدين.

(بدعة ومنكر)

يقول د. أحمد عطا الله- أستاذ الحديث النبوى بكلية الآداب، جامعة القاهرة: إن قيام بعض الناس بالذهاب إلى المقامات والأضرحة، والطلب منهم تلبية احتياجاتهم، وحاجاتهم عن طريق الدعاء أو الخطابات التى يرسلونها فيما يسمى «خطابات الشفاعة» هو من البدع والمنكرات، وهى حرام شرعًا هى وليست عبادة.

يضيف: لا مشكلة فى توقير آل البيت رضى الله عنهم و احترامهم ، وحب الأولياء يدخل ضمن ذلك. 

يقول د. عطا الله: سئل تقى الدين الحسن البصرى يومًا: «يا تقى الدين دلنى على شىء إذا فعلته غفر الله لى ، فقال: عليك بحب الصالحين وصحبتهم عسى أن يطلع الله على قلب واحد منهم فيجد اسمك مكتوبًا فيه فيغفر لك»، يضيف: لكن أن ندعوهم من دون الله، فهذا شرك..

 ويجب أن نلاحظ أن معظم من يفعلون ذلك جهلاء يجب نصحهم ولا يجوز تكفيرهم لأنهم بسطاء لا يعلمون، ولو نشأ عن علم فهو شرك ، لكنى أزعم أنه دائمًا يكون عن حُسن نية.

«لا وساطة بين العبد، وربه».. هذا ما أكدته د. آمنة نصير- أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر- مشيرة إلى أن فكرة «خطابات الشفاعة» التى يذهب بها البعض للأولياء، ويخاطبون بها دون الله لا تجوز وتخالف أحكام القرآن الكريم، وللأسف فهى عادات وأفعال لا أدرى من أين جاء بها المسلمون، فلا يوجد بين الله وعبده أى حجاب، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد.

أضافت د. آمنة: ليس بين المخلوق والخالق أى واسطة حتى ولو كانوا أولياء، ولا توجد ما تسمى كرامات أو غيرها فى الإسلام وعلى المسلم أن يتجه لله فى أى وقت.

أمّا الدكتور عبدالباسط حمدى عقل - أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، وإمام وخطيب مسجد السلطان أبوالعلا- فقد أكد أنه إذا كتب إنسان خطابًا لصاحب مقام وأسند إليه أمرًا، فهو بذلك قد أشركه مع الله عز وجل، وهذا لا يجوز قطعًا؛ لذلك فلا بُد من إسناد الأمر كله لله.

وأضاف د. عبدالباسط: «لا مانع من زيارة آل البيت، لكن مع زيارتهم أتوجه بالدعاء إلى الله وليس إلى صاحب المقام، فالله هو مدبر الكون، وهو يفعل ويتصرف ولا يملكنا ويعلم مصيرنا إلا الله.

والأمر نفسه للناس الذين يبكون ويتوسلون عند أضرحة الأولياء، فلو أنهم بكوا من خشية الله لقبل البكاء، وإن بكوا لصاحب المقام، فلا يقبل منهم، وهذه الأماكن هى أماكن طاهرة ومباركة عندما يذهب إليها المسلم ويخشع لله، سيتقبل منه الله بإذنه، لكن غير مسموح ولا يجوز أبدًا أن يخشع الإنسان ويطلب من دون الله دعوة أو رجاء».