السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
ابــن البلــد

ابــن البلــد

المصريون لا يعرفون المستحيل فتعويم السفينة العملاقة الجانحة «ايفرجيفن» بحمولتها الكاملة بداخل المجرى الملاحى لقناة السويس، وفى وقت قياسى يعد معجزة من معجزات رجال مصر، وعمالها، وفنييها، وقياداتها الساهرة على إدارة الأزمات بوعى واقتدار.



 

فرحتنا بجهود كتيبة قناة السويس، وقدراتهم الفائقة بتعويم السفينة بعد أكبر عملية تكريك من نوعها فى التاريخ، وحل أزمة أثرت على التجارة العالمية أبرزت الشخصية المصرية على الساحة العالمية رمزًا من رموز بناء الحضارة كما كانت دائمًا منذ فجر التاريخ.

ابتكار الحلول الخلاقة فى حل أزمة السفينة العملاقة الجانحة، والعمل المتواصل قوة إبداعية تُضاف إلى قدرات الشخصية المصرية التى تُحول الحدث إلى قيمة حضارية أسهمت فى إبراز المكانة العالمية التى تحظى بها قناة السويس على صعيد التجارة العالمية كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى.

تدفق حركة الملاحة فى القناة بسلاسة ويسر، والدعاء، وشكر الله وحمده يؤكد الإيمان العميق للشخصية المصرية، وقلوب المصريين وهى تخفق وترقب السفن السائرة وحركة الملاحة «باسم الله مسراها ومجراها».

صفة الجماعية فى العمل، والإسهام الجماعى فى تحقيق الإنجاز ظاهرة مصرية واضحة فى كل مراحل الحضارة المصرية على تواليها لأنها نابعة من ظروف الحياة وواقعيتها، فالعمل فى القرية المصرية عمل جماعى،وكذلك أعمال الرى والصناعات، وغيرها كما يقول طاهر عبدالحكيم فى كتابه «الشخصية الوطنية المصرية-قراءة جديدة لتاريخ مصر».

وتؤكد المهارة المصرية أن رجال قناة السويس قد اختزنوا خبرات تاريخية منذ آلاف السنين، منذ أنشأ المصرى القديم أول قناة تربط بين البحرين المتوسط والأحمر، أول قناة صناعية للملاحة منذ أربعة آلاف عام.

حيث بدأ العمل فى حفرها فى عصر سنوسرت الثالث، و«منذ مصر الفرعونية حافظت مصر على استمرار أعمال الصيانة واستمرار أول قناة ملاحية صناعية فى التاريخ طوال ثلاثة عشر قرنًا كما يقول عبده مباشر فى كتابه «قناة السويس- المشروع والصراع».

وفى عصرنا الحديث تُضاف إلى هذه الخبرات الموروثة مائة وخمسين عامًا من الخبرات منذ افتتاح قناة السويس كأهم شريان ملاحى فى العالم.

هذه الخبرات النفيسة التى أحرزها المصرى تؤتى ثمارها الآن لتؤكد مهارات الشخصية المصرية، وابن البلد الذى صوَّرته مواقع التواصل الاجتماعى حاملاً بيديه السفينة العملاقة الجانحة ليأخذها بساعديه إلى بر الأمان تعكس إحساس الثقة بالذات فى مواجهة الصعاب ورسوخها فى الوجدان الشعبى، فالمصرى يعرف حجم تضحيات الأجداد الذين بذلوا أرواحهم فى سبيل شق قناة السويس، والمصريون الذين جمعوا أكثر من ستين مليار جنيه فى ثمانية أيام لإنشاء قناة السويس الجديدة من خلال شراء شهادات استثمار تحمل اسمها، تاريخ جديد من المجد، فالمصريون يصنعون التاريخ الآن، السواعد الفتية، والوجوه المشرقة، الأيدى فوق الأيدى،والقلوب على قلب رجل واحد، وكلها تخفق بحب مصر.

تحية لرجال قناة السويس بقيادة الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، تحية للجهد الجماعى،والتفكير المبدع، وبهما يحقق المصريون انتصاراتهم حيث تتبدى الروح المصرية كأقوى ما تكون، والعطاء المصرى كقيمة حضارية عظيمة.