الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

ســلام يـا أم الشــهيد

والدة الشهيد البطل شريف عمر وبناته
والدة الشهيد البطل شريف عمر وبناته

فى كل بيت ..تلتف الأسرة حول الأم؛ يحتفون بها فى عيدها، لكن عيناها تظلان ثابتتين على مقعد أصبح شاغرًا على طاولتها، رحل صاحبه، لكن مكانه باقٍ فى قلبها كما فى قلب الوطن، إنها أم الشهيد الذى وهبت أغلى ما عندها للوطن بعد ما ربته على عشقه، والتضحية من أجله بدمه وروحه، نحتفل فى عيد الأم بأم الشهيد..تلك الصابرة المحتسبة التى أهداها فلذة كبدها؛ الشهادة هدية فى عيدها.



 

الشهيد أبانوب
الشهيد أبانوب

 

 

شهيد المروءة

نجح فى كل امتحاناته بجدارة، إنه الشهيد المقدم شريف عمر، الذى قدَّم حياته فداء للوطن ضاربًا أروع الأمثال فى المروءة والشهامة.

  يوم 16مارس 2016، اشتبه البطل فى مخزن برفح، فطلب الإذن من قائده المباشر بالاقتحام، فكانت قدم الشهيد أول قدم تطأ هذا المكان منذ بدء العمليات فى سيناء، وبكل شجاعة دخل المكان وكشف أسراره وما كان مخبأً به، وهناك رأى المقدم الشهيد سيدتين عن بعد وكاد أحد الجنود أن يصوب سلاحه تجاههما، لكنّ البطل الشهيد رفض، وقال: «من إمتى جيش مصر بيقتل نساء»، فكانت هاتان السيدتان سببًا فى استشهاده لأنهما من أبلغتا بدخوله المنزل الذى انفجر فور عبوره بوابته.

بقلب مؤمن راضٍ، تحدثت السيدة إيمان غريب-  والدة الشهيد، فائلة كان شريف ابنى البكرى يحتفى بى فى كل عيد أم فى حفل جماعي، فكان يجمعنى فى بيته مع حماته وحماة أخيه، وزوجته ويقدم لنا الهدايا، وكان طيبًا وخلوقًا مهذبًا، يحبه الجميع لأنه حنون.

 

والدة الشهيد أبانوب
والدة الشهيد أبانوب

 

أضافت: أنا ووالدهما ربينا الشهيد وشقيقه ضابط الشرطة على الحنية والشجاعة والقوة وحب الوطن؛ ولذا فقد ترسخت عندهما هذه العقيدة. لا أنسى آخر مكالمة بينى وبين ابنى قبل استشهاده بساعات، وكان يشعر أنه سيستشهد فأوصانى بابنتيه فريدة وفرح، و بدأ كلامه معى فجأة: «ماما هو أنا لو جيت لك بكرة شهيد..هتزعلي»، فطلبت منه ألا يقول هذا الكلام، فقال لي: «عارفة يعنى إيه أموت شهيد..دى حاجة عظيمة جدا»، فبكيت بشدة وهو مسترسل فى الحديث ومصر على الكلام، وكأنه يعدنى ويمهد لى ما سيحدث، خاصة وأننى لم أكن قد رأيته منذ ثلاثة أشهر بسبب شغله فى سيناء، فطلب منى أن أدعو له، فدعوت: « يارب أشوفك فى عليين، وفى السماء عالي»، ففرح جدا بدعوتي، ورد: ربنا يتقبل.

تؤكد السيدة إيمان والدة الشهيد شريف محمد عمر أنها ترى ابنها، دائمًا فى ابنتيه، وابن أخيه الذى اسماه على اسم عمه البطل الشهيد.

 

الشهيد أسامة
الشهيد أسامة

 

أسد كرم القواديس

 رغم  سنوات عمره التى لم تتخط الثانية والعشرين؛ فإنه ضرب أروع مثال فى الجرأة والإقدام، إنه الشهيد رقيب-أسامة فراج الشنوانى – بطل كمين كرم القواديس 15أكتوبر 2017 بالشيخ زويد، الذى فور حدوث هجوم إرهابى على الكمين، صوَّب وهو وزملاؤه الطلقات نحو التكفيريين بأسلحتهم ورشاشاتهم، وعندما استشهد زميله الذى كان بجواره، أخذ رشاشه، وصعد أعلى المبنى وأخذ يكيل الطلقات وكبد الإرهابيين خسائر شديدة حتى أطلق عليه زملاؤه «أسد كرم القواديس»، وظل البطل على وضعه حتى أُصيب برصاصة قناص إرهابي، استشهد على إثرها، ولحق بركب الشهداء.

 

والدة البطل أسامة
والدة البطل أسامة

 

تحكى السيدة نجاح حسن عن ابنها الشهيد قائلة: «أسامة رابع إخوته، ومع ذلك كان يحتويهم ويحنو علينا جميعًا، فكان أقرب صاحب لي، كنت أستشيره فى كل كبيرة وصغيرة، كان حلم وراح منى، ومش هيتعوض، وسعدت كثيرا بإطلاق اسمه على مدرسة قريتنا الزيتون ببنى سويف، حتى يظل اسمه محفورًا، وهى أغلى هدية فى عيد الأم».

وتضيف والدة الشهيد: ربيته على الرجولة والأمانة وعدم الخوف  وقد اختار بإرادته الكاملة أن يدخل الجيش لأنه راجل، وبيحب الوطن. كان يهاتفنى كل يوم حتى أطمئن عليه، واتصل بى قبل استشهاده بساعتين وصوته كان سعيدًا مطمئنًًا.

وتؤكد أنه دائما يأتى لها فى المنام، ويقول لي: «ما تزعليش، أنا فى مكان حلو أوي»، وفى اليوم الثانى لاستشهاده، حلمت به يرتدى جلبابا أبيض، ويمسك بجردل لبن، وهو يسير على طريق أسفلت،

حق النائب العام

 «مسيحى ومسلم إيد واحدة».. بهذه الكلمات ودع أهالى مدينة القنطرة غرب بالإسماعيلية ابنهم أبانوب صابر جاب الله الذى استشهد   يوليو 2015 بالشيخ زويد عقب اشتباكات مع الجماعات التكفيرية، وقد أقسم البطل لوالدته فى آخر مكالمة تليفونية على أنه لن يعود من سيناء إلا بعد أن يقتص هو وزملاؤه لحادث اغتيال النائب هشام بركات.

تسترجع السيدة حنان حلمي-والدة تفاصيل آخر مكالمة مع ابنها الذى أصر أن يتحدث يومها مع جميع أفراد عائلته قبل استشهاده بيوم، وكأنه أراد أن يودعهم، فقالت لي: «أبانوب كان كل حاجة حلوة فى حياتنا، كان يحبه الجميع حتى أطفال منطقتنا، فكان يجمعهم ويشترى له الحلوى، ويقول لي: «الأطفال أحباب الله».

يوم أن علمت بذهابه إلى الشيخ زويد، أخفيت على والده الأمر، لأنه وشقيقه بيشوى تم تجنيدهما فى نفس اليوم، لكنى خفت أن يغضب منى فأخبرته بعد فترة، فقال لي: أنا حاسس إن الولد الصغير مش هيرجع.

قبل استشهاده بيوم، تحدث معي، وسلم على والده، وأخبرنى أنه لن يستطيع أن ينزل إجازته، وعندما سألته عن السبب: أخبرنى بتأثر شديد عن استشهاد النائب هشام بركات، وأنه وزملاءه لن  يتركوا موقعهم إلا بعد الثأر له، وقال لي: «ما ابقاش راجل لو  ما جبتش حق النائب العام، فقلت له: ما تبقاش ابنى لو سيبت ضهر زمايلك، وماحميتهومش».

تضيف: فى اليوم الثاني، سمعنا بالاشتباكات فى كمائن الشيخ زويد، ولم نستطع الوصول إليه حتى جاءت الساعة الواحدة إلا الثلث، فأحسست بقبضة فى قلبي، فقلت لابني: أخوك استشهد دلوقت.

وبالفعل بعد فترة علمت من أصدقائه أن هذ الوقت تحديدا كان وقت استشهاده.

وعن إطلاق اسم الشهيد على الكوبرى العائم بقناة السويس، أكدت  أنها كانت مفاجأة أسعدتها لأنها تخلد اسم ابنها الشهيد الذى عشق وطنه أكثر من أى شيء، وضحى بدمه من أجل ترابه، وكما اختتمت السيدة حنان حديثها: كلنا فدا مصر، ولو ولادها مادافعوش عنها، مين هيدافع ويحمى أرضها وعرض بناتها وأمهاتها.