الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مليون سبب لزيارة الأقصر وأسوان

معبد الأقصر
معبد الأقصر

ليس كما تظنون أننى سأتحدث عن أهمية زيارة الأقصر وأسوان لتتعاملوا مع أهلها الرائعين، أو لتنعموا بطيبة شعب الأقصر وأهالى أسوان.  لن أتكلم عن «الجدعنة»، روح المساعدة والترحاب التى تتلقاها فى كل مكان، لأن وصف أمر مفروغ منه لا يعد سببًا أو إجابة لسؤال «ليه تزور الأقصر وأسوان». لأقوم بعمل ترويجى لتنشيط السياحة الداخلية، ولكن كونى مصرية قبل ضميرى المهنى يحتم على أن أصف ما شعرت به وأنقل لكم الأجواء التى عشتها كما هى.



 

 فمن المتعارف عليه بيننا نحن المصريين، إذا أردنا الإجابة عن «ليه تزور الأقصر وأسوان»؟ سيكون الرد لا إراديا هروبًا من برودة الشتاء فالأجواء هناك مناسبة أكثر للاستمتاع، أو لأنها أماكن حيوية لالتقاط الصور نظرًا لأنها تحوى العديد من المناظر الطبيعية والآثار، أو للاندماج مع أهالى المحافظتين عن كثب والاستمتاع بعاداتهم وتفاصيلهم.

 

معبد كوم أمبو
معبد كوم أمبو

 

ولكن الإجابة التى لم أسمعها ولم أكن أبلغ قيمتها إلا عندما زرت الأقصر وأسوان، هو أن لا بد أن نزور الأقصر وأسوان لنشعر بقيمتنا، لنأجج مشاعر الفخر والاعتزاز كوننا مصريين، لنعلى بداخلنا «الشوفينية» وأقصد بها المغالاة فى حب الوطن والتعصب له، هذا الوطن الجميل الذى كان هو بداية كل العلوم، ونقطة انطلاق جميع الحضارات.

 للأسف أن العديد من الشباب لا يشعر بهويته، وقد يرى أن جنسيته هذه لا تنفع ولا تشفع وعليه أن يهاجر ويسافر ليحمل جنسية أخرى «تصلب طوله» أمام الدول الأخرى ويشعر بفخر كونه يمتلك جنسية ثانية، وهو لا يعلم أن كونه مصريًا هو أمر يدعى للفخر والتفاخر!.

 

محررة صباح الخير داخل إحدى مقابر وادي الملوك
محررة صباح الخير داخل إحدى مقابر وادي الملوك

 

 

 

لا بد أن تزوروا الأقصر لتتعرفوا كيف كانت تبنى المعابد، المسلات، كيف تم حفر الرموز والأسماء والحياة بأكملها على جدران المعابد، كيف تم تصور يوم الحساب وتخليده على المعبد! 

 

 
 
إحدى جداريات معبد كوم أمبو
إحدى جداريات معبد كوم أمبو

 

فى الأقصر وأسوان ستعرف أننا إلى الآن نستخدم العديد من الأدوات الطبية التى توصل إليها إيمحتب فى زمن الفراعنة اختلفت الخامات ولكن الشكل واحد، كيف توصل إلى كرسى الولادة الذى تجلس عليه الحامل وهى فى وضع الجلوس وهذا النوع من الولادات متبع حتى فى أوروبا إلى يومنا هذا! 

كيف صنعوا العطور وأدوات التجميل، كيف برعوا فى الطب واستخلصوا زيوتًا لعلاج وتسكين أمراض كثيرة، كيف أبهروا الجميع فى فن العمارة والبناء، كيف اعتمدوا على الزراعة وتخزين احتياجاتهم الغذائية لاستخدامها وقت الفيضان، كيف كانوا يختارون أماكن بناء المعابد وبنائها بالشكل الذى يحميها من الهدم فى حال وجود فيضان، كيف صنعوا الزجاج لحفظ العطور فيه، كيف أبدعوا فى الرسم والفنون! 

رحلتك فى الأقصر وأسوان ستجعلك أكثر حماسًا لمعرفة المزيد عن أصولنا وأجدادنا، ستمر من الأقصر إلى معبد إدفو، ومن ثم معبد كوموأمبو، ومرورًا بالسد العالى ستنهى رحلتك فى أسوان بمعبد فيلة.

 كل تلك المعابد لها طابع خاص، قصة مشوقة تستحق المعرفة، كل قصة من تلك المعابد ستزيد بداخلك «الشوفينية» وتتفاخر كونك مصريًا.

 ستجد أننا نستحق أن نقدم ونتطور وأن السر يكمن فى قوتنا وعدم الاستسلام، اليوم نملك العلم، مصادر البحث وطاقات الشباب لنعود من جديد بقوة وليس لنتخلف أبدًا، لنقود مصر إلى المقدمة كما كانت هى بداية ومقدمة كل الحضارات والعلوم ! 

أضف أن رحلتك فى أسوان ستجعلك مستمتعًا بجمال المناظر الطبيعية، وجمال النيل وعلى ضفافه مساحات خضراء جذابة، ستنبهر بالطبيعة الجميلة فى غرب سهيل، والألوان الباهية والرسومات على البيوت النوبية، حتى الأسواق ستنبهر بجمال ألوانها وسحرها، ستشعر بالارتياح عندما تتجول فى بحيرة النباتات المائية وأنت ذاهب إليها بالمركب، وستشعر بالألفة وأنت مستضاف فى أحد البيوت النوبية تشرب معهم الشاى وترقص وتغنى معهم وكأن حزنًا لم يطل قلبك قط! ما يفقده الشباب هو الغوص فى تفاصيل هويته التى لا يعلم عنها سوى أنه حفيد الفراعنة الذين أبهروا العالم ببنائهم للأهرامات والمعابد والذين احتار فى أمرهم أكبر العلماء فى الغرب لمعرفة سر عملية التحنيط.

 

من معبد الكرنك
من معبد الكرنك

 

 الشباب لا يعلم سوى أنه يملك حضارة أكثر من 7 آلاف سنة، ولكن لا يعلم أن الفراعنة أسسوا كل العلوم، تعاملوا بالمنطق والدقة لمعرفة الوقت فقسموا اليوم إلى فترتين، كل فترة لها 12 ساعة وكانوا يعرفون التوقيت عن طريقة حركة الشمس على المسلات! 

كان الأسبوع لدى الفراعنة مقسمًا إلى 10 أيام وكان الشهر عبارة عن 3 أسابيع أى أن عدد أيام الشهر 30 يومًا مثلما نعيشه الآن!!، وأما فصول السنة فقسموها وفقًا واعتمادًا على المعالم الجغرافية ما بين خصوبة التربة والفيضان لأنهم كانوا يعتمدون على الزراعة وقسموا العام إلى فصل الفيضان، فصل الزراعة وفصل الحصاد!

توصلوا إلى ذلك بدون دراسة علم الكواكب، وأبحاث عن الشمس والمجرات ومتابعة الأرصاد الجوية واستطاعوا التوصل لمعرفة الوقت وفصول العام! فكنا أوائل من أسسوا فكرة الساعة ومعرفة التوقيت والفصول! 

كانت رحلتى مقتصرة على 5 أيام، لكننى تعلمت فيها الكثير.. بدأت من الأقصر اصطحبنا المرشد السياحى أحمد المهدى الذى لم يبخل علينا بالحكايات والقصص والشرح.

 كان همه الأكبر تثقيفنا، كان يترك لنا وقتًا للتصوير أقل بكثير من الشرح، فى اليوم الأول لم أدرك سبب إصراره على شرح هذا الكم الهائل من المعلومات واختبارنا بالأسئلة وكأننا مقبلين على امتحان، لم أعى سبب اهتمامه وإصراره على الشرح بإخلاص وتفانى وكأننا أجانب؟!.

فى اليوم الأول كنت أصف ما يفعله بالمبالغة وأن كل ما يشرحه سينساه الحاضرون، وكأننا نحضر «درس تاريخ»!، إلا أننى فى اليوم الثانى وجدت نفسى استفسر وأسأله عن تفاصيل أكثر، ليس أنا وحدى وإنما باقى المجموعة أيضًا كانوا متفاعلين ويودون حقًا معرفة المزيد من القصص والحكايات عن أصولنا وتاريخنا حتى انتهت رحلتنا وأنا مازلت أتذكر كل المعلومات التى سمعتها، ووجدت نفسى أشعر بالغيرة على بلدى أود الحديث عنها على الملأ أريد الجميع أن يذهب لزيارة الأقصر وأسوان ليسمع ما لم يسمعه وليمتع نظره بجمال يشهد التاريخ عليه! 

 

معبد حتشبسوت
معبد حتشبسوت

 

عندها فقط علمت أن حب المرشد للبلد وإلحاحه الشديد على الشرح المكثف لنا كان نابعًا من تأثير إحساسه القوى بمصريته واعتزازه بذلك فهذا هو تأثير سحر الفراعنة!

والآن أعتقد أن الإجابة على «ليه تزور الأقصر وأسوان «أصبحت واضحة كوضوح الشمس فى عنان السماء .