السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الشهر العقارى .. وسنينه

الشهر العقارى .. وسنينه

عندما تصدت الحكومة ومجلس النواب لمسألة عزوف المواطنين عن تسجيل عقاراتهم وأراضيهم فى الشهر العقارى وما ترتب على ذلك خسائر جسيمة للمواطن وللدولة فى نفس الوقت، حيث تزايدت المنازعات القضائية من ناحية .. وضاعت على الدولة ملايين بل مليارات الجنيهات نتيجة عزوف المواطن عن التسجيل لارتفاع تكاليفه وتعقيد إجراءاته واكتفى بذلك بأحكام القضاء فيما يتعلق بصحة التوقيع أو الصحة والنفاذ .. أو ترك العقود بيضاء حجة فقط بين البائع والمشترى.. ولذا فقد قدمت الحكومة مشروعًا لتعديل القانون ليكون تسهيلا على المواطن فى التكاليف والإجراءات.. ولكن للأسف تمخض الجبل فولد فأرًا.. فالتعديلات والاشتراطات التى أقرتها الحكومة ووزارة العدل كانت أشبه بباب باطنه الرحمة .. ومن ورائه وخلفه العذاب وأصبح المواطن يضرب أخماس فى أسداس خاصة أن الحكومة لن تكترث بالعقد الأبيض أو بصحة التوقيع بعد 6 مارس القادم . 



 أولا: الإجراءات التى أقرتها وزارة العدل تقضى بحضور البائع والمشترى إلى مقر الشهر العقارى لتوقيع الطلب مع أصل العقد وبدء الإجراءات .. والسؤال الذى أطرحه: لو أنا اشتريت عقارًا أو شقة أو أرضًا منذ عشر سنوات .. فكيف سآتى بالبائع وإذا كان مات لا قدر الله هل سيحل الورثة محله .. وهذا ينطبق طبعا بالنسبة للعقد الأبيض أو العقد الذى صدر له حكم بصحة التوقيع. 

ثانيا: والذى يترتب على أولا .. كيف يمكن لوزارة العدل ألا تعترف بالأحكام القضائية بصحة التوقيع مع أن لها حجية قانونية ونحن نعلم أن أحكام الصحة والنفاذ لها إجراءات طويلة ومكلفة مثلها مثل التسجيل فى الشهر العقارى ولذا المواطن يميل إلى أحكام صحة التوقيع ليكون حجة أقوى من العقد الأبيض الذى يمكن التشكيك فيه .. لذا وللأسف فإن قرار وزارة العدل أو هذا التعديل سيكون غير دستورى لأن أحكام القضاء لها حجية ولها سلطة نفاذ أقوى من القانون والتشريعات نفسها.. بل إن أحكام القضاء تلغى قوانين تشريعية أقرها مجلس النواب بحجة عدم دستوريتها أو مخالفتها لقيم المجتمع, وهنا أشير إلى أن بناءً على حكم محكمة النقض فى 12 أكتوبر 2005 فى هذا الصدد أقرت المحكمة أن القضاء يعترف بالعقد الابتدائى وما يترتب عليه من حقوق وليس من حق مصلحة الشهر العقارى أن تعترف أو لا تعترف بالعقد الابتدائى فهى ليست جهة اختصاص .

ثالثًا: هناك إجراءات وافتكاسات أخرى مثل تصديق نقابة المحامين على العقد وهذا غير دستورى أيضا ولكنها فى قانون المحاماة.. وكذلك رسم المساحة والرسم الهندسى .. لكن الأهم هو أنه من الضرورى فى الإجراءات أن يكون العقار الذى به الشقة المطلوب تسجيلها أو العقار نفسه غير مخالف .. يعنى لو واحد بنى عمارة مخالفة باع كل شققها .. أليس من حق الملاك هناك تسجيل هذه الشقق, خاصة أن المواطن لم يكد يفيق حتى الآن من قانون التصالح الذى لم ينتهى إجراءاته للآن؟!

رابعا: حكاية الـ2.5 % ضريبة التصرفات وهى طبعا إتاوة من الحكومة على كل عقد بيع وشراء وهذا من أسباب عزوف المواطنين عن توثيق العقود واكتفائهما فقط بالعقد الابتدائى أو صحة التوقيع .

خامسا: التعديلات الأخيرة للقانون والإجراءات الصعبة التى وضعتها وزارة العدل لتسجيل العقارات من شأنها إعادة الفساد مرة أخرى إلى الجهات المعنية بنقل وتوصيل المرافق مثل الكهرباء والمياه الصرف الصحى والغاز وخلافه .. ستفتح بابا خلفيا يتسلل منه المواطنون لتوصيل هذه الخدمات .. وكفى ما عانينا طوال السنوات الماضية من فساد.. أرحمونا يرحمكم الله. مرة أخرى .. أعيدوا النظر فى هذه الرسوم وهذه التعديلات يرحمكم الله.