الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
«المملكة المتحدة».. تتفكك!

«المملكة المتحدة».. تتفكك!

بريطانيا العظمى، لن تبقى كذلك..ستتفكك!



 هذا ما يتوقعه المراقبون السياسيون هنا فى لندن.. 

ومعروف أن الاسم الرسمى لبريطانيا هو «المملكة المتحدة».. وجغرافيا تسمى «بريطانيا العظمى»..

وبالمناسبة فكلمة «العظمى» لا تعنى العظمة ـ كما هو شائع لدى الكثيرين، فالمعنى المقصود يشبه قولنا «القاهرة الكبرى»..أى كل أنحاء الجزر البريطانية، وهى أربعة أقاليم: إنجلترا وأسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية..لكن المراقبين السياسيين يتوقعون أن هذه المملكة لن تبقى «متحدة» طويلاً.

 والسبب هو حاكمها الحالي، بوريس جونسون، وسياساته التى ستقود البلاد إلى الانقسام والتفكك، سياسة الـ«بريكست».. ومن المراقبين من يعتقد أن لافتة «المملكة المتحدة» ستزال مع نهاية العام الحالى، أو مطلع العام المقبل على الأكثر، فخلال شهور قليلة ستتمكن أسكتلندا من إعلان استقلالها عن بريطانيا، رغم رفض رئيس الوزراء لهذه الخطوة..وإصراره على منع إجراء استفتاء استقلال أسكتلندا، فالحكومة المحلية هناك مصممة على إعلان الاستقلال وخصوصاً بعد قرار الحكومة المركزية بقيادة جونسون، الانسحاب من عضوية الاتحاد الأوروبي، رغم أن معظم سكان أسكتلندا أيدوا البقاء فيه. وجاءت أزمة تفشى فيروس كورونا لتزيد لدى الأسكتلنديين الشعور بالرغبة فى الاستقلال.  كيف حدث هذا؟..

منذ حوالى 20 سنة تم إقرار نظام سياسى يسمح بالإدارة المحلية للأقاليم، فأصبح هناك حاكم لكل إقليم برتبة «الوزير الأول» وله تشكيل حكومي، وهناك برلمان لكل إقليم.. وكان الهدف المعلن من تعديل الدستور وإنشاء هذا النظام وقتها هو القضاء على النزعة القومية.وهذا النظام يسرى على ثلاثة فقط من الأقاليم الأربعة، فإقليم إنجلترا وهو الأكبر تقع فيه عاصمة الدولة وفيها مركز الحكومة «داوننج ستريت» ومقر البرلمان «مجلس العموم» وطبعا قصر الملكة التى لا تحكم، ومن هنا فلا ضرورة لتطبيق نظام الإدارة المحلية فيه.   

ومنذ  ظهور كورونا  أصبح بوريس جونسون رئيس وزراء المملكة يتصرّف بوصفه حاكما لإقليم إنجلترا فقط، فنظام الإدارة المحلية يقضى بأن يتولى كل إقليم وضع وتطبيق سياساته فى مجال الصحة بطريقة مستقلة، بعيدا عن تدخل الحكومة المركزية، ومن هنا أصبحت حاكمة أسكتلندا نيكولا ستورجين، وهى رئيسة  الحزب الوطنى الأسكتلندى الحاكم هناك، تتصرف كما لوكانت رئيسة دولة مستقلة، وتعقد مؤتمراً صحفياً يومياً يذاع على التليفزيون على الهواء مباشرة، تطرح فيه وتشرح سياساتها لمواجهة الفيروس، وترد على استجوابات البرلمان المحلي، ما نما لدى أهل هذا الإقليم الشمالى الشعور بالاستقلال عن الحكومة المركزية فى لندن.

وهكذا تبين أن النزعة القومية مازالت حية، بل وتتمدد اليوم، حتى أصبح البعض يطلقون على بريطانيا اسم «المملكة المفككة» وليس «المملكة المتحدة» كما يرى الكاتب البريطانى مارتن إيفانز. 

وكان لسياسة الـ«بريكست» التى حققت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى دوراً فعالاً فى إحياء النزعة الانفصالية فى أسكتلندا بعد اتحاد واندماج دام أكثر من 400 سنة.

وجاءت الأزمة الصحية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا لتجعل تفكك بريطانيا أقرب،  فرغم أن أخطاء استراتيجية مكافحة كورونا فى كل من لندن وأدنبرة (عاصمة أسكتلندا) لم تختلف كثيرا، فإن السياسية البارعة ستورجين جعلتها تبدو كذلك، وجعلت الأسكتلنديين يشعرون كما لو أنهم أصبحوا مستقلين عن بريطانيا وهو ما راق لهم تقريبا، حسب تحليل مارتن إيفانز رئيس تحرير الملحق الأدبى لصحيفة «التايمز» البريطانية.

وتحت عنوان «وداعا أسكتلندا» كتب «بيتر هيتشنس» فى جريدة «مايل أون صانداي» الأسبوعية مقالاً يؤكد فيه أن استقلال أسكتلندا عن المملكة المتحدة لامفر منه وأنه سيتحقق ربما مع نهاية هذا العام، وأنه ليس من الحكمة أن يقوم رئيس الوزراء بتحدى رغبة الأسكتلنديين، فالاتحاد ليس بالإكراه، والمملكة المتحدة لا تقوم غصباً عن الشعب، فلماذا لا نشجع أهل الشمال على الاستقلال إذا كانت هذه رغبتهم، ونودعهم كأصدقاء بدلا من أن يصبحوا مواطنين فى دولة مستقلة من الأعداء؟!

وهو يرى أنه يجب على الحكومة البريطانية توطيد مكونات الاتحاد الأخرى مثل إقليم ويلز، الذى يقترح وضع رمزه المحلى  وهو التنين الأحمرـ

على العلم الجديد لبريطانيا بعد خروج سكوتلندا وإزالة رمزها وهو صليب على هيئة (x) هو شعار القديس اندروز.

كما أنه يقول: ليس فى مقدور بوريس جونسون أو غيره ممن أيدوا استقلال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، أن يعارض استقلال أسكتلندا، ورغبتها فى البقاء فى عضوية التكتل الأوروبى.

  كاتب ثالث هو «دانهودجز» يعارض موقف حكومة حزب المحافظين الحالية الرافض السماح للأسكتلنديين بإجراء استفتاء الاستقلال عن بريطانيا «المملكة المتحدة» وكتب صفحة كاملة فى الجريدة نفسها يقول: رضينا أم لم نرض، الاستفتاء سيتم، وكلما طالت محاولات تأجيله من جانب الحكومة، كلما تأكد أن استقلال أسكتلندا سيحدث، وكلما زادت اعتراضات لندن كلما زاد إصرار إدنبره (عاصمة أسكتلندا) على الاستقلال عن المملكة المتحدة، ويوجه الكاتب حديثه لرئيس الوزراء قائلا: يوم تظهر فى موقف من يضع العقبات أمام الناس، تكون قد انتهيت!