السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

سألنا الشباب: المهرجانات ليه؟ فقالوا: بتعبر عننا!

ريشة: أحمد جعيصة
ريشة: أحمد جعيصة

موسيقى عشوائية بأصوات نشاز وكلمات غير مفهومة تسمى بالمهرجانات، حققت أرقامًا قياسية تصل إلى 5 و6 ملايين مشاهدة حتى أصبحت تريند السوشيال ميديا وسط تضارب شديد فى الاراء بين الأجيال.



مقابل شباب معجب هناك من يرى أن تلك الأغانى مفسدة وتلويث للتراث الغنائى المصرى، لأن هذه الخلطة الغريبة فى الألحان لا تخرج عن موسيقى الموالد مع بعض الإضافات الشعبية، لكن هناك من يراها هوجة غنائية ربما تعبر عن حالة أو لغة زمن.

سألنا الشباب: «لماذا أغانى المهرجانات؟».

 فكانت الإجابات متقاربة إلى حد ما، فى أن المهرجانات لغة الجيل الحالى وقد تكون معبرة عن نوعية ما من الأفكار.

رميساء خالد، تجارة إنجليزى، قالت إن أغانى المهرجانات هى لغة الجيل الحالى، فهى سهلة وبسيطة على عكس الأغانى القديمة بلغتها العربية المعقدة وكلماتها التى تحتاج لقواميس لتفسيرها، على حد قولها!

وأضافت: دلوقتى أغانى المهرجات تشبهنا ووصلت لكل الناس حتى الطبقات المرفهة بتشغلها فى أفراحها كنوع من الروشنة والانبساط، فمثلا مفيش حد هيشغل أم كلثوم فى فرح لكن بالتأكيد هيشغلوا أوكا وأورتيجا، ومش فاهمة ليه بيهاجموا اللون ده من الأغانى ويتهمونه بانحطاط الذوق العام رغم أنها خفيفة ولذيذة ودائما بتنشر حالة من السعادة فى أى مكان أو مناسبة وبالتالى أعتبرها أغانى هادفة لمجرد أنها بتسعد الناس وتخرجهم من الروتين والملل.

عود البطل

«المهرجانات فى كل بيت مصرى» هكذا قال رامى سعيد، 27 سنة مهندس معمارى، وأكد «أن أغانى المهرجانات جننت الناس حتى الأطفال يحبوا يسمعوها كنوع مختلف من الموسيقى يجذبهم بشكل كبير، أنا مثلا بنتى 6 سنوات طلبت منى أشغلها أغنية عود البطل عشان ترقص عليها، فبالتالى فكرة إنكار أن أغانى المهرجانات غير مؤثرة أو تقتصر على فئة معينة هى مغالطة كبيرة لأن أغانى المهرجانات أصبحت تشتغل فى أى مناسبة اجتماعية وبتطلب بالاسم انتقلت من لغة التكاتك والعشوائيات الى لغة كل الشباب بيتكلموا بيها وكمان بيرقصوا عليها فى كل المستويات الاجتماعية، لكن الأجيال الأكبر سنا أعتقد لن تقبل أو تستوعب هذه الأغانى لأنها فى وجهة نظرهم مجرد إسفاف».

مزاج الشباب

خالد عمران، طالب جامعى، يرى أن أغانى المهرجانات تعبر عن مزاج الشباب وهى اللغة الأقرب لحياتهم وأفكارهم فهى تتحدث بلغة الشارع، وعن الصداقة ومواضيع كثيرة نتحدث فيها جميعا، كما أنهم يبسطون كلماتها فتكون دارجة ومن السهل حفظها كذلك تساعد على تغيير الحالة المزاجية سريعا والتفاعل معها بالغناء أو الرقص فحتى إذا رآها البعض مزعجة وصاخبة فهى بلا شك تضفى حالة من السعادة والبهجة.

أما عالية صالح، 48 سنة، مدرسة، توضح أنها لا تستطيع تقبل ذوق الجيل الحالى، وتقول: عندى ابنى الكبير 25 سنة كان بيحب يسمع تامر حسنى وحماقى ومجوعة شباب والوضع كان مقبولا الى حد ما، لكن مع الجيل الحالى إخوته فى عمر 10 سنين وأقل مثلهم الأعلى تقريبا كل مطربى المهرجانات لدرجة أنهم حافظون أغانيهم وأسمائهم مثل الدخلاوية وغيرهم، أما الساعة 11 فهى الساعة المخصصة لى ووالدهم لسماع أم كلثوم حتى لا ننسى هذا الزمن الجميل الراقى.

التكلفة والمضمون

عن أسباب انتشار هذه النوعية من الأغانى بهذه السرعة والقوة يقول الملحن الموسيقى محمد مرسى: لا شك أن الأغنية المصرية تعرضت منذ زمن إلى هذا النوع من الأغانى الهابطة والسبب فى ذلك هو سوء حالة الأغنية التى يقدمها النجوم من رتابة وعدم تجديد والبعد عن التيمة الشرقية إضافة الى أن إنتاج هذه الأغانى ليس مكلفًا فهى أغانٍ رخيصة التكلفة والمضمون.

وأكد مرسى أن ارتفاع نسب مشاهدتها والتى تصل إلى 5 ملايين أحيانا فهذا لأن الجيل الحالى متابع لهم وبشكل قوى على السوشيال ميديا من يوتيوب وفيسبوك وبالتالى هم يتحكمون بشكل كبير فى نسب المشاهدة واتساع نطاق هذه الظاهرة ولكن فى النهاية لا يصح إلا الصحيح والإسفاف مثل الكذب ليس له أقدام.

ويرى الملحن الموسيقى أن الحل الأمثل فى أن تعود الإذاعة والتليفزيون، لإنتاج أغان تتناسب مع هذا العصر حتى تلاقى قبول واستحسان الجيل الجديد، كما يجب على دار الأوبرا المصرية ألا تكتفى بالقديم فقط فى حفلاتها وعليها أن تهتم أيضا بالحديث ولديهم عدد كبير من المطربين الشباب بأصوات عظيمة للاستفادة منها. 

تفريغ طاقة

تحليلا لظاهرة أغانى المهرجانات والإقبال على سماعها على المستوى النفسى، يقول الدكتور فؤاد الدواش الخبير النفسى وعضو الجمعية المصرية للدراسات النفسية، إن من يقبلون على سماع هذه الأغانى لديهم  حالة اسمها البحث عن الاستثارة، حيث إنهم يشعرون بنوع من الرتابة فى حياتهم، فالذهن البشرى يحتاج للخروج عن النظام بحالة اللانظام بمعنى أنه قد يشعر بالرغبة فى حديث غير متسق بلا أى هدف. كما أن الجهاز العصبى بطبيعته يرغب أيضا فى التغيير وقد تضفى هذه الأغانى أحيانا بالفعل حالة من السعادة على الآخرين أو التخلص من الشحن النفسى أو الضغوط لكن الخطورة فى سماعها الاستثنائى أن يتحول لقاعدة.

 وعن وصف الحالة التى تحدث بسماع هذه الأغانى يقول الدواش، هى حالة من الرغبة فى الدخول فى الفوضى؛ حيث إن سماع هذا الرتم من الموسيقى بهذا الصخب يحدث نوعًا من عدم الاتزان وكأن جسدك يتحرك قسريا مع الموسيقى بالتفاعل معها فتبذل مجهودًا يساهم بشكل ما فى تفريغ طاقات كامنة لأن المجهود العضلى يؤثر تأثيرًا كبيرًا فى التخفيف من المجهود الذهنى والتوتر وهو ما يعطى إحساس النشوة مع سماع هذه النوعية من الأغانى.