الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مـش عايـزة أجهـد نفسى.. عايزة 200 ألف دولار.. وبس

توقفت معكم فى الحلقة الأولى حول الحوار بينى وبين صاحب المحطة الذى عرضت عليه إنتاج مذكرات نادية لطفى، وتوقفت معه فى الحوار حول انتظار رده سواء بالسلب أو الإيجاب حتى نعرض الأمر ونتفاوض مع آخرين للحاق بالسباق الرمضانى ولوضع خطة عمل للأمر فتعجب صاحب المحطة من سماع جملة «السباق الرمضانى» قائلاً باستخفاف إنها مذكرات يعنى لا ترقى حتى لبرنامج.



 

الحقيقة منذ سماعى لهذا الرد استشعرت أنه لا يعرف ولا يقدر قيمة الأيقونة «نادية لطفى»، وحتى لو وافق سيكون فى الأمر عراقيل كثيرة أقلها أن المذكرات لن تخرج بالشكل الذى يليق بها خاصة أنها مادة طازجة وغير متداولة كثيرا، وحديثها بنفسها هذا وحده إنجاز، وقبل أن أغلق الهاتف قال لى: ممكن ممكن تصوره وتعملوا المونتاج وكافة شىء وتستحضروا له إعلاناته وساعتها ممكن أفكر، إما أن نتقاسم الإعلانات داخل الحلقات، يقصد الإيرادات المالية للإعلانات، أو ممكن نعرض الحلقات بكامل إعلاناتها لو فكرتها فيها حاجات شيقة ولا نأخذ منها شيئًا وساعتها سيكون بالمجان بدون أن ندفع شيئا إهداءً يعنى!

قلت له: أعتبر هذا هو الرد؟ فقال: آه، اعملوه وهاتوه أشوفه ونقيم، لكن بإعلاناته!

قلت له: بداية هو أمر مرفوض لأننى شخصيًا لا أفهم ولا أعرف كيف أدير تصوير وإنتاج برنامج، ثانيا موضوع الإعلانات هذا يحتاج لمسوق جيد، ثالثا إن هذا الأمر فيه تقليل من قيمة وقدر الكبيرة «نادية لطفى»، وانتهت المكالمة وعدت للسيدة الجميلة نادية لطفى وقصصت الأمر، فقالت لى: خيرا فعلت، ولكن «بصى بقا أنا ماليش فى حكاية الإنتاج والكلام دا أنا عايزة محطة تدفع لى «150 أو 200 ألف دولار»، ويأتوا يسجلوا معى ثم يقومون بتقسيم ومنتجة الكلام، لكن الكلام السابق دا طبعا لا، فقلت لها: خلاص سأعرض الأمر على محطة أخرى، وقبل أن أنهى المكالمة قالت لى: لعلمك أنا اقتنعت بكلامك وعملت بنصيحتك وأبلغت اعتذارى لمسئولى مكتبة الإسكندرية وأغلقت هذا الباب، فقلت لها إن شاء الله خير.

وبالفعل عدت لأتفاوض مع مسئولى محطة مصرية أخرى كان الأمر سلسًا، لكن المبلغ المعروض أقل مما طلبته نادية لطفى، وأنا كنت أرى المبلغ الذى طلبته بسيطا جدا خاصة أن هذا الأمر كان قبل تعويم الدولار يعنى «200 ألف دولار» فى 8 جنيه وقتها مليون وستمائة ألف جنيه، وهو بالمقارنة بالأرقام الفلكية التى يأخذها الممثلون فى المسلسلات شىء زهيد جدا وحتى الفنانات اللاتى يظهرن فى برامج مدفوعة الأجر فيه نجمات تقاضين لمجرد الظهور مليونا ومليونين، فهل اسم «نادية لطفى» ومذكراتها لا يدفع لها فيها بالعشرة والعشرين مليونا خاصة مع محطة ومنتج بها شاطر يستطيع إخراج ما فى جعبتها وشهاداتها على تلك الحياة التى عاشتها!

عدت لها وقلت: يا أستاذتنا المبلغ المعروض أقل، وأنا أرى أنك تستحقين أضعاف المبلغ الذى طلبته أصلا، ومرت فترة صمت وأنا أبحث الأمر.

وبدأنا فى هذه الأثناء الحديث فى حياتها وأسألها عن أهل جيلها ومن الأصدقاء المقربون لها وأسألها عن بعض أفلامها وكواليسها ومرحلتها مع حسن الإمام والجرأة فى اختيار وتجسيد بعض الأدوار مثل دور «زنوبة» فى ثلاثية نجيب محفوظ، ودورها فى «الإخوة الأعداء» وكسرها للشكل المعروف لها الرومانسى الحالم.

ورأيها فى صديقاتها وزميلات أهل الفن والحقيقة كانت صريحة واضحة لا تعرف اللف ولا الدوران فى كلامها، وأثناء تعدد حواراتنا أفضيت لبعض أصدقاء المهنة حول رغبة «نادية لطفى» تسجيل مذكراتها، وهو أمر لم يكن معروضا أصلا على الساحة من أجل البحث عن منتج أو محطة تقدر هذا الكنز، وإزاى ما أعرفش، إذا بها تكلمنى أن أحد الزملاء المقربين لى جاء وعرض عليها عمل عدة حلقات تحكى فيها والمبلغ المعروض صحيح، ليس كبيرا ولكن وافقت قلت لها خلاص يا ست الكل على بركة الله، فردت: أما موضوع الكتاب تعالى اقعدى معايا وجها لوجه، قلت لها: حاضر يا ست الكل، لكن أنا نظرًا لإقامتى بالإسكندرية ومسئولة عن أسرة هرتب الأمر حتى أجىء وأبقى عدة أيام أكتب أو أسجل خاصة أنى سأضع «بلان» ومخططا للأمر فقالت: ماشى.

مر أسبوعان اتصلت بها وجدتها تعبانة بدور برد، فقالت: مش قادرة أتكلم، وسمير صبرى كان عندى بيزورنى، سمير دا طيب جدا وعشرة عمر. قلت لها: يا ست الكل بإذن الله ستمرين من الوعكة بخير.

كانت نادية تحب كل من حولها وكل من يسأل عنها وتوزع محبتها وتفاؤلها على الكل وطاقة الأمل التى كانت تبثها فى المحيطين أو المتحدثين إليها كافية لشحن الطاقة أيامًا، وظلت روحها التى كنا نراها على الشاشة تشع البهجة هى ذاتها روح نادية لطفى الجميلة والشابة ذات الوجه الصبوح الملائكى المنحوت بعناية إلهية سبحان الخالق.

العجمى حافية على رمال شوارعها

ذات يوم تكلمت إليها وقلت لها: إننى كنت أحكى لصديقة لى تكبرنى فى السن عنك وقالت لى صديقتى إن حلم حياتها أن تزورك لأنها تعرفك منذ طفولتها، حيث كان لها ولأسرتها فيلا بالعجمى وكانت فى العاشرة من عمرها وكانت تراك وأنت تخرجين بنفسك للشارع حافية القدمين تسيرين فى شوارع العجمى بدون حذاء وتركبين دراجة وتذهبين بنفسك للسوق لشراء احتياجاتك بنفسك وتاركة شعرك الذهبى يلعب به الهواء، فضحكت وسعدت سعادة غامرة، وكانت سعادتها أكثر عندما قلت لها إن الأولاد والبنات الصغار بالعجمى كانوا ينتظرون مجيئك وفتح الفيلا ويتلصصون من على السور ليشاهدوكِ ولم تصرخى أو تنزعجى يومًا ما فيهم، بل كنت تبادرينهم بالسلام وتوزيع الابتسامات، وكنت فى قمة التواضع ولا يصدق أحد أنك نجمة السماء التى تملأ شاشة سينما مصر بهجة على عكس فنانات وفنانين آخرين، كان الأولاد يشاهدونهم على البلاج فى أوج مجد العجمى فى ستينيات وسبعينيات القرن الماضى، وكان هؤلاء الفنانون يمتعضون من الأولاد الصغار وينهرونهم، أما أنت فغير، بل إن صديقتى حكت لى أنك أثناء عودتك من التسوق كنت تشترين كيس «كرملة نادلر»، فضحكت وقاطعتنى: صح إيه اللى عرفك بكرملة نادلر قلت لها صديقتى حكت لى ذلك اللى مثل الباستيلا الآن أو الهولز وكنت عندما تجدين تجمع الأطفال عند فيلتك تقومين بنثرها عليهم فى سعادة كأنما تنثرين ياسمين على عروس فى ليلة زفافها، قالت: دا صحيح هى صاحبتك دى فاكرة دا وكادت تجهش بالبكاء، قلت لها: هو أنا بحكى لحضرتك ذكريات حلوة ولا مؤلمة حتى تبكين؟

قالت: الأطفال لم تنسَ والله أنا كنت ناسية.

ونستكمل بالحلقة الثالثة.