الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أمــــن الـعـــرب يــبـــدأ مـــن الـقــاهـــرة

السيسى مع رؤساء أجهزة المخابرات العربية
السيسى مع رؤساء أجهزة المخابرات العربية

جاء الإعلان عن تأسيس المنتدى العربى الاستخبارى واختيار القاهرة مقرا له ليؤكد على الدور المحورى والمهم للدولة المصرية، وقد يعكس إدراك الإقليم لأهمية مصر وثقلها على الصعيد الإقليمى والدولى.



وفى حقيقة الأمر فإن تزايد حدة الأزمات المتعددة والتحديات المتلاحقة التى تشهدها المنطقة وكذا الساحتين الدولية والإقليمية، والتى تنعكس تداعياتها على أمن واستقرار الدول العربية ومستقبل شعوبها، كان سببا رئيسيا لضرورة تأسيس هذا المنتدى الذى يساهم فى تبادل الرؤى ووجهات النظر للتعامل مع التحديات المتسارعة التى تواجه المنطقة العربية.

 

اختيار القاهرة مركزا للمنتدى الاستخبارى العربى  يحمل فى طياته العديد من الدلالات أهمها:

لا يمكن الحديث عن أمن واستقرار المنطقة بدون مصر فمصر هى الفاعل الرئيس فى معادلة الأمن الإقليمى والدولى.

فالدولة المصرية تركز على ضرورة حماية الأمن القومى العربى وصون مقدراته، لذلك نجد أن الخطاب السياسى للرئيس عبدالفتاح السيسى، سواء فى الداخل أو الخارج دائما ما يتطرق إلى ضرورة الحفاظ وصون الأمن القومى العربى واعتبار أن أى تهديد للدول العربية أو لدول الخليج العربى هو بمثابة تهديد للأمن القومى المصرى. 

فمصر هى الدولة العربية الوحيدة القادرة على الدخول فى أى مفاوضات أو عملية سياسية فى الإقليم وتقدم ضمانات سياسية وأمنية تكون كفيلة بنجاح هذا المسار عكس دول أخرى لم تستطع أن تقدم سوى ضمان مالى فقط.

لا توجد دولة فى المنطقة العربية تحملت الكثير من الأزمات والمشاكل والأعباء والالتزامات مثلما تحملته مصر من أجل الدفاع عن القضايا العربية وحماية مقدراتها وقد دفعت الكثير من أجل حماية الأمن القومى بل يمكن القول أن الحروب التى خاضتها مصر منذ عام 1948 وحتى معاركها السياسية والدبلوماسية الحالية كانت فى سبيل الدفاع عن الأشقاء العرب وقضاياهم ويأتى فى مقدمة تلك القضايا الفلسطينية والليبية واليمنية والسورية.

ثقل مصر السياسى والعسكرى جعلها طرفا فاعلا وأصيلا فى المعادلات الدولية والإقليمية فى المنطقة، لذلك كانت مصر حاضرة فى عمليات التسوية السياسية وأعمال التهدئة وخفض التصعيد فى دمشق وحلب وحمص، ثم اتفاق المصالحة الفلسطينية، ووثيقة «إعلان القاهرة» لتوحيد الحركة الشعبية لتحرير السودان، وحرصها على الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى الليبية من خلال وضع خطر أحمر للدول والقوى الإقليمية الداعمة للعناصر والجماعات الإرهابية التى انتشرت فى ليبيا. 

الأيام والسنوات الحالية أثبتت نجاعة الرؤية المصرية بشأن أمن واستقرار الدول العربية خاصة عندما دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة ومن خلال منبر الأمم المتحدة خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى أكثر من دورة إلى ضرورة الحفاظ على الجيوش الوطنية للدول والإبقاء على المؤسسات الوطنية وعدم تدميرها أو تفكيكها لأن البديل هو الإرهاب والتطرف والعنف.

كما حذر من مخططات التفكيك والتقسيم على أسس عرقية وطائفية، وإضعاف الدولة الوطنية، وتزايد التدخلات الخارجية فى أزمات المنطقة، بجانب الدور الخارجى الهدام بتلك الأزمات، بالشكل الذى يهدد وحدة وسلامة أراضى الدول العربية.

وفى حقيقة الأمر أن مصر ورؤيتها تجاه أمن الدول العربية والحفاظ عليها من التفكك والتدمير ليس بالأمر الجديد، فسبق أن قامت مصر بسياسات حافظت على أمن واستقرار الدول العربية، كما حاربت مشاريع عديدة هدفت إلى سقوط المنطقة العربية وتقسيم دولها إلى كيانات صغيرة لصالح دول وقوى إقليمية غير عربية، كانت على مر تاريخها منشغلة بتدمير الدول العربية وتقسيمها، ودمجها فى كيانات أكبر من الدول العربية، ككيانات شرق أوسطية رأت فيها الإدارات الأمريكية المتعاقبة أفكارًا مثلى لمستقبل الوطن العربى.

وقد باءت جميع المشاريع بالفشل بدءًا بمشروع قيادة الشرق الأوسط فى 1951 ومرورًا بحلف بغداد فى 1955 وبالترتيبات الشرق أوسطية التى أعقبت اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين فى عام1993. وانتهاءً بعام 2011 الذى شهد سقوط دول عربية وظهور جماعات إرهابية فى المنطقة سيطرت على مساحات شاسعة من الدول العربية، جماعات لم تعرف سوى القتل والتخريب والتدمير.

ومع بدايات عام 2021 أعلن عن تشكيل المنتدى العربى الاستخبارى والذى يعد الأول من نوعه فى المنطقة العربية، بهدف مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والجريمة المنظمة، وكذلك أفضل الممارسات والسبل للمواجهة الفعالة لتلك التهديدات على نحو شامل يراعى الأبعاد والخصوصيات التنموية والاجتماعية والثقافية للدول العربية، ويحقق لها الأمن والاستقرار.

ولا شك أن اختيار القاهرة مقرا للمنتدى من شأنه تفعيل عمله كآلية داعمة للتعاون الاستخباراتى الوثيق بين الدول العربية الشقيقة، فضلًا عن العمل على وضع منظومة متكاملة ومحكمة لمكافحة الإرهاب تعتمد على تقاسم الأدوار وتبادل الخبرات والتحديث والتطوير المستمر لآليات المواجهة فى هذا الشأن.

لذلك شدد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته لافتتاح المنتدى على أهمية العمل الجماعى فى إطار الأخوة العربية على استعادة الاستقرار فى جميع دول المنطقة، لاسيما التى تشهد حالة من السيولة وتعصف بها الأزمات، وتسعى التنظيمات الإرهابية للاستقرار والتمدد فيها، مدعومة بقوى خارجية إقليمية ودولية تستهدف صناعة الفوضى من أجل السيطرة على مقدرات أوطاننا العزيزة، مناشدًا المشاركين جميعًا بالتعاون والوقوف صفًا واحدًا لنبذ الفرقة وتجاوز أى خلافات من أجل إعلاء مصالح الأوطان والشعوب العربية.