الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الشباب: زهقنا من الغش وتزييف الوشوش عـروســــة فـلاتـــر!

فى المَشهد الشهير من فيلم (حبيبى نائمًا) اكتشف البطل «رامز» بعد زوال السّحر أن حبيبته «نسمة» تَغَير شكلها، وظهرت على صورتها الحقيقية التى تختلف عمّا كان يراها سابقًا.



المَشهد التمثيلى له نظيره من الواقع لكن دون الاستعانة بمشعوذ، فالتكنولوجيا لها مفعول السّحر، فبرامج تعديل الصور بكاميرا الهواتف المحمولة؛ خصوصًا تقنية تنقية البَشرة وتعديلها «الفلاتر» المستخدمة فى تحسين وتصغير الوجه وتوسيع العينين وإزالة الهالات وتفتيح البشرة وتوريد الخدود لتتحول الفتاة إلى دُمية جميلة تختلف كثيرًا عن صورتها الحقيقية، وهو ما يكتشف الجميع زيفه وتزويره بمجرد اللقاء بعيدًا عن الشاشات.

 

وفى بعض الوقائع تتداول الأسرة صورة لفتاة جميلة جاءت بها إحدى الصديقات كـ«عروسة لُقطة» للابن الوحيد، ولكن ترفض الأمّ هذه الفكرة مؤكدة أن «صورة فيسبوك حاجة والواقع بيكون حاجة تانية خالص»، تقول: «لو مش عيب هعمل زى مارى منيب وأصمم أشد شعرها وأتأكد أنه مش وصلة ولا مركّبة طقم أسنان أبيض منوّر ولا لابسة كورسيه عشان تظهر رفيعة»! 

خالد محمود، شاب فى مقتبل الثلاثين، يحكى تجربته مع «التضليل التجميلى» كما يصفه؛ حيث أدّى به إلى فقدان الثقة فى أى فتاة يرى صورتها، ويقول: «عندما يفكر الشاب فى الارتباط تكون لديه قائمة من الالتزامات فى أولوياته على رأسها الشقة والعفش والشبكة ويضع كل ذلك رهن إشارة «بنت الحلال» ذات المواصفات الخاصة»- من وجهة نظره. 

ويتابع: «ما حدث أنه نظرًا لضيق حيز العلاقات الاجتماعية لدينا فكان ترشيح عروسة لى يتم عن طريق إحدى الصديقات أو الجارات أو من صداقات فيسبوك، واكتشفت أن الأمر أصبح كذبة كبيرة، فمعظم صور الفتيات التى يتم ترشيحهن للزواج بهن غير حقيقية، وقليلا ما تجد إنسانة صادقة وسط هذا الزحام الإلكترونى حتى ما يتم ترشيحه من الأصدقاء والأقارب يكون هو الآخر غير حقيقى بنسبة كبيرة، فالفلاتر سببّت لدَىّ عُقدة من الزواج». 

وأوضح: «لا يعنى ذلك أنى أبحث فقط عن المَظهر أو الشكل، ولكن يكون ذلك الخطوة المبدئية للقبول، ثم يتم التواصل لمعرفة الصفات الشخصية والتفاصيل الأخرى، وبالفعل تسير الخطوات بالتدريج، وعندما يحدد الميعاد للمقابلة أرى إنسانة أخرى غير التى رأيتها بالصور، فالجسم الرشيق فى الصورة يزيد فى الحقيقة عشرات الكيلوجرامات، والوجه الأملس الجذاب تجده ملامح وتفاصيل أخرى تمامًا، وهو ما يشعرنى بالخداع، وفى آخر مرة بعد عشرات المقابلات ونحن فى انتظار العروسة وأسرتها فى أحد الأماكن العامة فوجئت بها مختلفة تمامًا عمّا رأيته فى الصورة على فيسبوك حتى إننى فكرت بالمغادرة فور وصولهم، ولكن منعًا لإحراجهم تحاملت وجلست، ولكن كنت غاضب بشدة، فكونك تتوقع شيئًا وتجد شيئًا مختلفًا هذا ما يثير غضبى، فالفكرة ليست جميلة أو لا ولكن فى الكذب والتزييف».

سامر عبدالرحمن، 22 سنة، طالب جامعى، يقول: «قناعتى بأن الجَمال هو جَمال الروح أكثر من جَمال المَظهر، ولكن الرجل بطبعه يميل إلى الوجه البشوش حسن الملامح، وتختلف مقاييس الجَمال من فتاة لأخرى،  ولكن ظهرت الآن برامج الكاميرا المختلفة تتفنن فى تجميل تفاصيل الوجه والجسم حتى إن إقبال الفتيات عليها مزعج، وكأنها جراحة تجميل إلكترونى باستخدام الألوان وتقنية تصغير الأنف وتكبير الشفاه، ولا شَكّ أن الرجل يحب المرأة الجميلة، ولكن من دون تزييف، وكثيرًا من صديقاتى بالجامعة يستخدمن برامج مثل youcam perfect ليظهرن بملامح أكثر جمالًا واختلافًا حتى إننى شخصيّا لا أعرفهن على صفحاتهن للاختلاف الكبير بين صورهن على الفيس بوك وإنستجرام وشكلهن الحقيقى بالجامعة، حتى إنهن يتبادلن برامج الكاميرات الجديدة لتقليد الفنانين والمَشاهير».

ويشير الدكتور فؤاد الدواش، استشارى الصحة النفسية، إلى أن من يستخدمون تلك التقنيات بكثرة وبشكل لا شعورى، لديهم حالة استعراضية، وعندما يصدق الشخص ذلك يحدث لديه ما يُسمى خداع ذاتى، ثم يتطور الأمر إلى خداع للآخر.

وكشف «الدواش» عن تعرُّضه لإحدى الحالات؛ حيث كانت تستخدم تقنية تجعل صورها شبيهة بمُغنية شهيرة مختلفة تمامًا عن الحقيقة، وعندما لاحظت دهشتى بدأت فى تبرير الفلاتر بأنها كانت كذلك فى الماضى ولكنها زادت فى الوزن وبشرتها تضررت نتيجة سوء حالتها النفسية، وهذه التبريرات تكشف أنها رافضة للواقع وتزييف الحقيقة، بل تؤكد أنها بخير ولكنها تتخذ من التبريرات مَخرجًا إذا ما وقعت فى دائرة المقارنة بين الواقع والشكل الافتراضى.