السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«زواج التجربة» سـعادة مفترضة .. ولا مشاكل زيادة ؟!

استمر جدل مبادرة زواج التجربة على مواقع التواصل حتى الآن , وبالرغم من مرور فترة على إطلاقها، بمقترحات جديدة مفترضة كحل لمعادلة الزواج الصعبة التى يقف أمامها كثير من شباب اليوم مترددًا خوفًا من الفشل، لاسيما مع تزايد معدلات الطلاق فى السنوات الأخيرة التى وصلت وفقًا لتصريحات رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، لحالة طلاق كل دقيقتين و20 ثانية، وأكثر من 7 آلاف حالة فى الشهر!



الأرقام تسبَّبت فى ازدياد حالة التوتر والتساؤلات حول جدوى تلك الخطوة التى أصبحت على حد تعبيرهم «محفوفة بالقلق بدلاً من أن تكون خطوة نحو الاستقرار».

لم تنتهِ مخاوف وتساؤلات الشباب بحثًا عن المخرج والطريق نحو حياة زوجية سعيدة، حتى ظهرت مبادرة «زواج التجربة» التى طرحها محامٍ، والتى اعتبرها البعض على مواقع التواصل تطالب بتحديد زمن لعقد الزواج، وهو ما نفاه صاحب المبادرة. موضحًا أن مبادرته لا علاقة لها بتحديد فترة للزواج أو الطلاق؛ إنما هى عقد مرفق بالعقد الرسمى ليكون «طوق النجاة».

حيلة لتأخير الطلاق

الدكتور أحمد مهران صاحب المبادرة، محامٍ متخصص فى قضايا الأسرة، قال: إنه لا مساس بعقد الزواج الرسمى فى المبادرة الجديدة، إنما يوقع الطرفان بجانب عقد الزواج على وثيقة تتضمن الشروط والمتطلبات التى يحتاجها كل طرف، وبالتالى فالهدف حيلة إيجابية لتعطيل الطلاق حتى يستطيع الزوجان التعايش والتطبيع معًا خلال أولى فترات الزواج والتى يكثر بها الطلاق والانفصال.

وعن الهجوم الذى واجهته المبادرة، أكد مهران أن كل الاختلافات سطحية وأن أغلب الرافضين للمبادرة مختلفون على الاسم، وكما أن هناك ورقة «قائمة» للمنقولات للزواج منفصلة عن العقد الرسمى، فكذلك ورقة الاتفاق أو ورقة «زواج التجربة»، يكتب فيها ما يتم الاتفاق عليه بين الزوجين ويكون محددًا بمدة زمنية، مثلاً الاتفاق على توفير مسكن خاص للزوجية بعد مدة زمنية معينة، وهذا ليس له علاقة بمدة عقد الزواج فى العقد الرسمى، وعندما يفهم أى شخص ويدقق فى المضمون يتفق مع نفس وجهة النظر ويدرك أن المسمى لا علاقة له بمدة الزواج، كما تداول البعض.

وكشف مهران أنه قد تزوج مؤخرًا على طريقة زواج التجربة، وأنه الحالة رقم 134 وفق هذه المبادرة، وأشار إلى أن جميع هذه الحالات التى تزوجت بنفس الطريقة مستمرة فى الزواج، وعندما يحدث خلاف بينهم يعودون إلى الاتفاق المحدد بينهم كتحديد عودة الزوجة للعمل بشرط معين أو وقت محدد.

وعندما يخالف أحد الطرفين أو يحدث خلاف يتم الرجوع إلى ما نص عليه الاتفاق فى العقد.

وشدد صاحب مبادرة زواج التجربة، على أنه فى حالة استحالة العشرة، الزوج سيكون ملزمًا بتطليق الزوجة ومنحها حقوقها كافة إذا أخلّ بالاتفاق وخالف بنود العقد، كما أن الزوجة تتنازل عن نفقة العدة والمتعة ومؤخر الصداق وتترك قائمة المنقولات، إذا أخلّت بالشروط.

 إصلاح لا تجارب

الدكتورة هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع، رفضت فى المقابل فكرة زواج التجربة، معتبرة أنها لا تقدم حلولًا ممكنة، وأكدت أن المجتمع من خلال نظام شرعى يعيد إنتاج نفسه بأجيال جديدة تربى على نفس قيم المجتمع ووصفت الزواج بأنه ليس نظامًا خاضعًا للتجارب، لأن الزواج أساسه «التأبيد» وهو البقاء مع الشخص إلى الأبد، حتى لو حدث انفصال أو طلاق بعد ذلك، إلا أن النية فى البداية هو الاستمرار والدوام لهذه العلاقة.

وعن فكرة المبادرة فى الحد من الطلاق فى السنة الأولى، قالت زكريا: إن هذا ليس صحيحًا إطلاقًا، وأن التعامل وفق هذه المبادرة تفكيك اجتماعى، لأنه ليس هناك زواج فى الشرائع الثلاثة يتحدث عن تجارب، ومن وجهة النظر الاجتماعية هى فكرة تقوم على التفكيك وليس التوحد الذى هو أساس المجتمع.

وتابعت: المبادرة تعالج الهموم بمزيد من الهموم، فنحن بالفعل لدينا مشاكل فى الزواج وارتفاع نسب الطلاق لأن الأسُس التى كان يقوم عليها الزواج فى السابق بدأت تهتز فى وقتنا الحالى، فأصبح لدينا أمراض اجتماعية خطيرة مثل ارتفاع قيمة المال مقارنة بالقيم والمفاهيم الصحيحة، إضافة إلى ظهور القيم الانتهازية، وارتفاع قيم الاستهلاك عن الإنتاج، وأصبح الآن الهاتف المحمول هو العالم الذى يغرق فيه الشباب، فأجيال الجدية والالتزام بدأت تنهار وتتفكك، وهذا هو المطلوب علاجه والذى على أساسه سينصلح الزواج بدوره.

ولخَّصت الدكتورة هدى زكريا مشكلة الشباب فى أنهم يرون فى الزواج «نهاية سعيدة للفيلم»، ولكن الفيلم الحقيقى يبدأ بعد الزواج، وإذا أردنا حلولاً واقعية، فقد آن الأوان أن نعيد تقييم الزواج فى نظر الشباب، والتمييز الواقعى بين قصة الحب وبين اعتبارات الزواج، فالزواج مسئولية لا بُد من التدريب على تحملها والتعامل معها بفكر وجدية.