السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الهاربة للحرية

استجمعت قواها أخيرًا لتصرح بحبها له، لا تعى تمامًا إذا كان هذا القرار الذى أخذته صحيحًا أم لا.. فلم تحسب لهذه الخطوة أى حسابات.. رغم صغر كلمتها وقلة حروفها، إلا أن بداخلها شعورًا يتملكها بشكل غريب ويشل عقلها عن التفكير.. حاولت أن تهرب منه كثيرًا، لكنها كانت دائمًا تصل لنفس النتيجة.. تقف حائرة لتتساءل، أهذا هو الحب التى ظلت تبحث عنه طوال حياتها؟!! أم أنه مجرد انجذاب لشخصية أثارت إعجابها.



وجدت نفسها تتعلق به يومًا بعد يوم، وتنتظر مكالمته لتكتشف لغز انجذابها الشديد له.. ازداد التفكير فيه بشكل لا إرادى.. كان حالة خاصة بالنسبة لها.. أوقعها فى الكثير من المواقف المحرجة، عندما كانت تصدرمنها ابتسامة بريئة بشكل عفوى لا يستدعى لها أى موقف، تثير فضول واندهاش من حولها.

فكلما خطر على بالها أو حتى تذكرت حديثه معها تتبدل ملامح وجهها على الفور، ويصبح قلبها دائمًا فى حالة نشوة.. فكانت تجد فى رسائله التى اعتادت على قراءتها عندما تشتاق إليه، ملاذًا كبيرًا وسعادة وفرحة لم تشعر بها من قبل.. حاولت أن تتجاهل إعجابها به، وتكابر داخل نفسها، إلا أن علامات الحب التى ظهرت عليها، كانت دائمًا تفضح أمرها.. لم تصمد كثيرًا أمام هذا الشعور، واعترفت به بينها وبين نفسها.. وبدأعقلها يأخذ قرارات سريعة..لم تفكر للحظة إذا كانت هذه الكلمة التى تنطق بها لأول مرة، ستكون هى بداية قصة الحب التى كانت دائمًا تحلم بها أم ستكون بداية لنهاية هذا الحب.. صراع كان بداخلها يدفعها لحد الجنون.. توقف فيه العقل عن السيطرة على قلبها، بل وفشلت كل محاولاته فى إنقاذها من هذا الجنون.. فكانت كالخيل الذى تحرر فجأة من لجامه ليرمح بحرية هاربًا من أى قيود، قد تكبت حريته مرة أخرى.. 

دخلت غرفتها وكانت تشبه بندول الساعة الذى لم يتوقف مكانه.. لم تشعر بنفسها عندما أمسكت بهاتفها.. وبدأت تبحث عنه وسط قائمة الأسماء.. كلما اقتربت من اسمه، كانت دقات قلبها تعلو لتسارع أصوات أنفاسها.. وبدأت حركة يدها تتباطأ حتى استقرت عليه.. ظلت لثوانى تنظر للاسم وتمعن النظر فى كل حرف من حروفه.. فكانت الثوانى تمرعليها وكأنها ساعات طويلة.. اختلطت فيها المشاعر بداخلها ما بين سعادة وخوف من رد الفعل المجهول.. لم تعط نفسها فرصة التفكير.. حاولت أن تتحايل على الوضع، لكنها رفضت وأغلقت أبواب عقلها وتمردت عليها كليًا.. وبدون أى مقدمات، أرسلت له رسالة الحب.. فلم تشعر بنفسها إلا بعد أن كتبت له رسالة بها كلمة «بحبك» وأرسلتها له..

ظلت تضحك بعدها بشكل هستيرى، ربما لأنها تعجبت من جرأتها التى لم تكن من شيمتها.. حتى سافرت بخيالها إلى عالم آخر.. عالم اكتشفت فيه نفسها بشكل مختلف وتعرفت على شخصية جديدة عليها.. شخصية مليئة بالحيوية الممزوجة بالجرأة والتهور.. وقفت متحيرة أمام هذه الشخصية وكأنها تقوم بتحليلها.. مستنكرة نفسها أهذا أنا!!..  بدأ فجأة ضميرها يفيق من الغيبوبة التى كان بها، ويرسل لعقلها إشارات.. أدرك من خلالها أن هذا هو جنون الحب ولوعته.. فحاول أن يطمئنها، ويخبرها أن ما حدث لها أمر طبيعى.. حتى هدأت وبدأت ترى نفسها بعين أخرى «عين المحب»، التى سمعت عنها كثيرًا، ولم ترها سوى فى أفلام الخيال.. فالحب مرآة لقلوبنا، يعكس كل ما هو جميل.. ويكشف لنا الكثير عن أنفسنا دون تجميل، فهناك من يقوى به وهناك من يضعفه ويستسلم له.. وهذا ما كان يصوره عالمها الداخلى التى تصفه دائمًا بالبلورة السحرية، حيث كانت ترى من خلاله كل ما هو لذ وطاب فى عالم الحب.

وأثناء مداعبة بنات أفكارها لها، شعرت فجأة وكأن جبلًا سقط على رأسها، ليوقظها من هذا الخيال الذى كاد أن يغرقها داخل بحيرات نفسها.. فكانت فى تلك اللحظة أشبه بالمخمورالذى يحاول أن يستوعب واقعه، الذى فقده للحظات داخل خيالاته.. وما بين خروجها من الخيال ونزولها للواقع.. لم تنتبه لرنة هاتفها، إلا بعد عدة مكالمات..انتفضت من مكانها، مسرعة إليه والأفكار الواقعية تلاحقها بشكل مستمر.. احمر وجهها خجلًا، عندما أمسكت هاتفها ورأت أن هذه المكالمات لم تكن سوى منه.. واعتبرت أن هذا رد على رسالتها.. حاولت أن لا تسبق أحاسيسها.. وتمهلت فى الرد عليه.. لكن لم يهدأ هاتفها ويعطيها فرصة لخلق سيناريو مناسب للرد عليه، فقد رن بيدها مرة أخرى.. أخذت نفسًا عميقًا وحسمت أمرها وقررت أن تواجه وترد على مكالماته.. ففوجئت أنه يبادرها بحبه لها قبل أن تقول شيئًا.. نسيت تلك الكلمات التى تقال فى هذه المواقف، وظلا يضحكان بعدها على سكوتهما وكأن ضحكاتهما توثق تلك اللحظة، لحظة اعترافهما بحبهما لبعض.. فقد سرقهما الوقت فى الحديث حتى منتصف الليل.. لتكتشف بعدها أن هناك أشياء أخرى جميلة وراء هذا الحب.. وأن هناك دقة جديدة بقلبها ولكنها من نوع خاص، فهى دقة بطعم المحبوب.. فكانت تؤمن دائمًا بأن الحب بلا تفكير، هو أنقى وأصدق معاني الحب.