الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لماذا لا يُكفّر الأزهر داعش و الأخوان؟!

فى ظل اتهام دائم بالهوى السلفى، يقف الأزهر الشريف بهويته المحافظة، ليخوض معاركه من خلال دور دينى إصلاحى على حد ما يراه المسئولون فى تلك المؤسسة الدينية.



لكن مع تنامى حوادث التطرف الإرهابية الأخيرة لتنظيم داعش الإرهابى الدموى، ومع ما يقوم به بقايا تنظيم الإخوان الإرهابى هو الآخر من الخارج، من دعوة للعنف والإرهاب، عاد الحديث مجدداً فى الفضاء العام ليطرح السؤال: لماذا لم يكفر الأزهر هؤلاء ؟ويعود من آن لآخر فتح ملف السجال الكيبر مجددًا، فيما تتكرّر الإجابة: الأزهر لا يكفر تلك الجماعات التى مارست القتل والإرهاب والخروج عن الدين ثم كفرت تلك الجماعات الأزهر الشريف.

 

يقول خبراء إن الجماعات الإرهابية تستخدم نصًا تكفيريًا أكثر تشددًا فى محاولة لإضفاء الشرعية على تجاوزاتها ضد المسلمين وغير المسلمين، وهو ما يعتبره الأزهر الشريف رأيًا لجماعة من الخوارج تريد أن تجعل منه نصاً فقهيًّا يؤسس للتطرف والغلو.

وبما إن التكفير من أخطر القضايا الشائكة فى الإسلام فى رأى الأزهر الشريف فدائمًا ما يضع له علماء الدين وعلى رأسهم علماء الأزهر ضوابط صارمة،  وذلك لمنع الناس من الإفراط والتفريط فيها لأن إطلاق الحكم على المعين له تبعات وآثار خطيرة إذا كان هذا الحكم بغير ضوابط تتفق مع أقوال العلم.

ويقول أزهريون: إن التكفير لدى «داعش» مثّل نموذجًا لعدم الفهم وتبنى نهجًا متطرفًا يأخذ بظاهر النص، وهو ما يجعله يعتبر أن الدول العربية والإسلامية قد تحولت إلى ديار علتها شرائع الكفر وغلبت فيها أحكامه دون أحكام الإسلام، وأن العلمانية على اختلاف راياتها وتنوع مذاهبها – كالقومية والوطنية والشيوعية والبعثية – هى كفر بواح مناقض للإسلام مخرج من الملة.

أمّا موقف الأزهر الشريف وعلمائه فيستند فى عدم تكفير داعش أو سواه من الجماعات التكفيريّة إلى سوابق التراث الإسلامى، ولو كان العكس هو الصحيح لما استهاب الأزهر تكفير أيّ من هذه الجماعات، لكنّ الأزهر دعم الدولة فى قتال داعش وقتلهم لأنّهم مفسدون فى الأرض، ويرى الأزهر الشريف أن التكفير المتبادل قد يصوّر المسألة بكونها نزاعًا إسلاميًّا ما بين مسلمين، وقد لا يجدى فى هذه الفتنة، وهو ما عبر عنه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بقوله  «الأزهر لا يحكم بالكفر على شخص طالما يؤمن بالله واليوم الآخر».

وقال الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف: إن داعش وغيرها هم مفسدون فى الأرض وقد حدد الإسلام حكمهم بقوله تعالى: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ.(سورة المائدة-  الآية 33).

وشدد فى تصريحات لصباح الخير على أن الإسلام برىء من هؤلاء الإرهابيين القتلة المجرمين، لأن المسلم الحقيقى من سلم المسلمون من لسانه ويده، وأن استحقاق هؤلاء لحد الحرابة دليل على أن الدين لا يقبل من يؤذى المسلمين ويروعهم، بل يضع أمام الحاكم جميع خيارات العقوبة بداية من قتلهم وحتى نفيهم .

فى الوقت نفسه، اعتبر الأطرش أن تكفير الأشخاص أمر لا يملكه الأزهر الشريف أو غيره لأن الكافر يقتل كفرًا لا حدًا ولا يصلى عليه ولا يدفن فى مقابر المسلمين، وأن كل من شهد لا إله إلا الله محمد رسول الله هو مسلم.

واعتبر باهر عبدالعظيم الباحث فى شئون الحركات الأصولية، أن قضية التكفير من القضايا الجدلية والخطيرة، لأنها تخرج الشخص عن دينه، ولا يتورط أحد فى مثل هذه القضية إلا الجماعات المارقة التى تبرر أعمالها الوحشية من قتل وتمثيل وتعذيب عبر بوابة التكفير.

وتابع فى تصريحات لـ«صباح الخير»: الشخص التكفيرى لا يقوم بأعماله الخارجة عن الدين إلا بعد إصدار فتوى بتكفير الآخرين، فالتكفير بمثابة ضوء أخضر له للقيام بأعماله الإجرامية البشعة والإرهابية ولأن الأزهر مؤسسة علمية وسطية لا يمكنها أن تنجر إلى مثل هذه القضية إلا بضوابط صارمة.

وأضاف عبدالعظيم أن الأزهر الشريف لايعتبر التكفير واجباً إلا من خلال أحكام فقهية ترى أن الشخص ارتكب كفرًا بواحًا ويعد إنكارًا لمعلوم من الدين بالضرورة أو إنكار ركن من أركان الإسلام الخمسة، لأن قضية تكفير الشخص ليست بالأمر السهل، ولأن حكم التكفير حكم عين ولا يمكن إطلاقه فى العموم، ولو حدث ذلك لاستنسخنا تنظيم «التكفير والهجرة» مجددًا، الذى كان يكفر المجتمع المصرى بعمومه.