السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«عُريقات».. الصائب الوفى للحق الفلسطينى

مات صائب عريقات كبير مفاوضى فلسطين، ولكن أفكاره وأيديولوجيته النضالية ما زالت تحيا، داخل فلسطين، وإسرائيل أيضًا، يتداولها كل المناضلين الذين يرفعون شعارات الحق، السلام، التفاوض، تحقيق المصلحة.  تلك هى مفردات الأيديولوجية التى انتهجها المناضل الفلسطينى والأكاديمى والسياسى صائب عريقات.



لقد أحدث كتابه «الحياة.. مفاوضات» الصادر فى 2008 جدلاً كبيرًا عند نشره واتهمه البعض بالتخاذل ضد المقاومة، غير أن الزعيم ياسر عرفات كان يعرف جيدا قدر حنكة وخبرة عريقات فى العمل السياسى ويعرف أيضا تمسكه بالحق الفلسطينى، ولذلك كان قريبا منه ومصاحبا له فى كل لقاء خاص بالمفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية. وقد أطلق عليه الإعلام الإسرائيلى لقبى «الأب المدلل لعرفات»، و«حافظ أسرار المفاوضات». واتهمه اليمين الإسرائيلى بعرقلة المفاوضات، وأنه كان السبب الأول لفشلها. بينما كان لليسار الإسرائيلى رأى آخر، حيث يعتبره الكثيرون الوجه الوحيد المقبول للتفاوض من الجانب الفلسطينى، رغم كونه «شرس» فى التمسك بالحقوق الفلسطينية، ولكنه قادر على إيجاد حلول منطقية للجانبين. 

هذا موجز ما نشرته الصحافة الإسرائيلية فور صدور خبر وفاة عريقات، فجر الاثنين الماضى، فى مستشفى «هداسا» التى نقل إليها بعد عشرة أيام تقريبا من إصابته بمرض كورونا على إثر طلب مسئولين فلسطينيين ذلك، خاصة أن العزل بالمنزل تحت رعاية ابنته الطبيبة سلام لم يكن كافيا بسبب قلة مناعته على إثر زراعة رئة له عام 2017.

وقالت وزير ة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبى ليفنى، فى تأبين عريقات، إنه فى المرة الأولى قبل ذهابه إلى غرفة العمليات قال إنه سيعيش، وكان يملؤه الأمل كعادته، وقد عبرت عن حزنها قائلة: سنفتقده فقد كرس حياته من أجل السلام. 

ونعته منظمة «السلام الآن» فى بيان لها مؤكدة أنها ستظل تتذكر تفانى عريقات ومجهوداته فى العمل على تحقيق السلام بين الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى على أساس «حل الدولتين»، وأضافت: من واجبنا استكمال نهج التفاوض ما دام هناك أناس مثل عريقات يمدون أيديهم لنا بالسلام.  وفور دخول عريقات المستشفى نظم متطرفون إسرائيليون للمطالبة برحيله عنه واتهامه بالإرهاب، هو موقف يتخذه اليمين الإسرائيلى المتطرف لأن عريقات كان ضد حركة الاستيطان التى تفرضها الحكومة الإسرائيلية وتسلب من خلالها الأراضى الفلسطينية، وهى إحدى أهم المشكلات التى عرقلت المفاوضات بين الجانبين.

غير أن عريقات كان بالفعل وجهًا مقبولاً للمفاوضات كما قال عنه وزير خارجية ألمانيا هايكرماس، لأنه كان يملك الشجاعة والأمل فى مواجهة التحديات، ويمكنه إدارة حوار مع خصومه وربما هذا ما جعل عضو حزب الليكود تسيحى هانجى يعبر عن أسفه على وفاة عريقات من خلال فترة البث المباشر لإذاعة الجيش الإسرائيلى.

وفور إعلان نبأ وفاته كتب عنه عشرات القادة الدبلوماسيون حول العالم وعن رحيله الذى كان بمثابة الصدمة لهم.

وعن سر الكوفية التى كان يرتديها دائماً قال صائب عريقات، فى أحد البرامج الفضائية، إنه كان يحرص على ارتداء الكوفية الفلسطينية، أو إبراز «دبوس للكرافت» يحمل العلم الفلسطينى، فى أى لقاء تفاوضى، سواء كان رسميًا معلنًا، ومذاعًا، أو خاصًا، وأنه كان يفعل ذلك تأكيدا للطرف الآخر على تمسكه بالحق الفلسطينى، وأنه فعل ذلك فى مؤتمر مدريد 1991 عندما ظهر للمرة الأولى بشكل رسمى مرتديا الكوفية الفلسطينية، غير أن الوفد الأمريكى، طلب منه عدم إظهار الكوفيه أمام الكاميرات.  لكنه رفض وقام وألبسها لأبو عمار فور دخوله القاعة.   ولذلك يعتبره بعض الإسرائيليين بأنه متشدد، لكنه قال إننى تعلمت قيمة «الهوية» من أبو عمار.

ومنذ ذلك الوقت ظهر عريقات، كأحد أهم المفاوضين مع إسرائيل، وكان قبلا يعمل محاضرًا وأكاديميًا، حيث حصل على الدكتوراه فى العلوم السياسية من جامعة برادفورد فى إنجلترا فى دراسات السلام. وقد عين كوزير للحكم المحلى فى أول حكومة أنشئت بعد حصول الفلسطينيين على السلطة 1994.