الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نفسية الرجل الدنجوان

من الطبيعى أن نتقبل فكرة التغيير والتجديد، ولكن هناك شيئاً واحد لا يصح فيه أن يتغير مفهومه وهو الحب.. أنا أحب إذن أنا مخلص، معطاء، مكتفٍ.. ولكن كل يوم نجد أن مفهوم الحب يختلف ويأخذ أشكالا عديدة تظلم وتسىء للحب وكما قالت أم كلثوم «العيب فيكم يا فى حبايبكم أما الحب ياروحى عليه» ولكن مع الأسف لم يبق الحب كما هو تم تشويه صورته بأيدينا، أنانية، تعددية، ندية وغيرها من الأفكار والخبرات التى يتداولها وينصح بها الشباب بعضهم بعضاً، وتغيرت أغنية شادية من «القلب يحب مرة ميحبش مرتين» إلى جملة يتداولها الشباب «القلب يحب 10 ما يحبش مرتين» بل أصبح الشباب « قلبهم مساكن شعبية».



أما الأسوأ فهو أن يجمع الشاب حب امرأتين وأكثر فى نفس الوقت، ويشعر بمشاعر تجاههن جميعًا!! بل لا يقف الأمر على علاقات عابرة متعددة فى وقت واحد وإنما تعددية فى الزواج فيتزوج امرأتين أوثلاثة ويظل البحث عن المرأة هو شغله الشاغل لأن «امراة واحدة لا تكفى» لا أعمم بهذا جميع الرجال ولكن هو الرجل اللعوب أو كما يقول عن نفسه «دونجوان». 

عن ظاهرة «الرجل الدنجوان» قال دكتور عبدالواحد أبوجازية إخصائى أمراض المخ والأعصاب والطب النفسى وعضو وزميل الجمعية الأمريكية للطب النفسى: «الدنجوان» صفة تطلق على الرجل المستهتر اللا مبالى غير المهتم بعواقب الأمور وتبعياتها، ويكون هدف التعدد لديه لأسباب عدة ضمنها اللعب، التسلية، الفراغ القاتل إحساسه بالرغبة فى الشعور بالسيطرة، وأنه يملك أرقام أكبر عدد من البنات، الرجل الذى لديه نزعة دنجوانية نجده دائما يصعب إرضاؤه، أنانياً،  مغروراً يحاول أن يثبت لنفسه ولأصدقائه أن الجميع يحبه.

تقول الأبحاث حول العالم إن 20 % من الرجال يمارسون التعدد فى علاقاتهم، ونسبة من 30 % إلى 40 % من الرجال تراودهم فكرة التعدد، ولكن لا يجرؤون على اتخاذ القرار، ونجد أن أغلب التعدد يحدث فى الأوساط الأقل تعليميًا لكن الأوساط العليا المرأة تكون أقوى بتعليمها وترفض أن تكون فى حياة شريكها امرأة أخرى.

وهناك أسباب عديدة للتعدد أهمها أنه قد يكون هناك خلل فى الصغر وهو طفل النموذج الوحيد فى حياته هو الأم، فيحدث أن يبحث فى كل امرأة على صورة تشبه أمه حتى وإن كانت أمه سيئة أو مسيطرة يريد شريكته أن تكون هكذا، فيتزوج أكثر من واحدة ويطلق ويتزوج لأنه يبحث على صورة بمواصفات معينة، كما أن التعددية سببها الأكبر نابع من تعنيف الأهل وقسوتهم، عدم تربية الطفل فى جو من الحب، عندها تتولد فكرة للطفل أنه غير مرغوب فيه، وعندما يكبر يحاول أن يثبت عكس ذلك ويجمع أكبر عدد من النساء حوله.

السبب الثانى للتعدد قد يكون البحث عن المشاعر فهو مفتقد شرارة الحب، وعقله يقنعه بأن المرة القادمة سيجد الحب ويظل هكذا يبحث عن الحب بين الفتيات والسيدات، أو يتعدد الدنجوان فى الزواج لغرض العلاقة الجنسية تكون سيكولوجيته شهوانية ويريد إشباع غريزته فيتزوج بأكثر من امرأة بمواصفات مختلفة.

الرجل الدنجوان يعانى من خلل فى الثقة بالنفس، ولهذا يظهر لفريسته خارجيًا أنه قوى جدا ولطيف ويظهر بمظهر لا يقاوم ويعوض خلله باصطياد أكبر عدد من النساء وفى بداية العلاقة يقدم حبا كبيرا واهتماما مبالغا فيه حتى تقع الفريسة بسهولة ويكون متفانيا جدًا فى أول العلاقة ومتاحا لك ويعبر عن عواطفه بكل الطرق وينتظر اندفاعك والوقوع فى الحب هذا جزء من سيكولوجية الرجل الدنجوانى،  كما أنه لا يبحث فقط على الحب بالتعدد وإنما يهرب من قلق دفين ومن عوارض حقيقية للاكتئاب فيش

ليس مريضًا

د. محمد الشيخ أستاذ الطب النفسى جامعة الأزهر واستشارى الطب النفسى جامعة برلين شاريتيه، ألمانيا يقول: سيكولوجية هذا الرجل مرتبطة بالطفولة، فالأشخاص المهمون فى طفولتنا الأم والأب، وهم نموذج التعلق الآمن، إذا كان هناك خلل فى الأمان يظل مضطربًا ويتعدد، فهناك نموذج من الرجال يدخل علاقة يطمئن فيها ويشعر بأن نموذج تعلقه آمن فيكتفى بواحدة، أما الدنجوان نموذج تعلق غير آمن، لا يشعر بالأمان مع شريكه ويبدأ فى وضعه تحت اختبارات ويخلق مشاكل حتى يتأكد من وفائه وبقائه معه وتحمل الشريك له، ويضعه تحت ضغوط حتى يتأكد من حبه، وأحيانًا يتقرب من شريكه جدًا وفجأة يبتعد بدون أسباب واضحة، والشاهد أن طبيعة المخ لدى الرجال بيولوجيا تميل إلى «البحث عن التجديد دائما» فعندما يألف الشخص ويعتاد على شىء معين ويصبح الأمر نمطيا يبدأ فى البحث عن أخرى والتجديد لتجربة شىء مختلف، الرجل الدنجوان يجد متعته فى مطاردة النساء والإيقاع بهن ثم البعد عنهن متعته المطاردة فقط!  وللأسف أغلب الرجال الشرقيين يبحثون عن زوجة ذات خلق ملتزمة وأيضا يبحثون عن أخرى يعشقها. 

وهنا على المرأة التى وقعت فريسة لهذا النوع من الرجال أن تحمى حدودها، بمعنى آخر مجرد أن تلقط هذه الإشارات والعلامات تعرف أنها فى علاقة سامة إذا كان أنانيا،  لا يسمح لها بإبداء الرأى حتى فى اختيار أبسط الأشياء، يكرر كلمات تدور حول أنه رجل مخلص ويقنعها بالثقة فيه بمجرد كلمات وليس أفعالا هنا تعد تلك الصفات أجراس إنذار لكى تنهى تلك العلاقة نهاية درامية مؤلمة حتى تستطيعى التعافى منه، فالعلاقة لا بد أن تكون متكافئة وعندما تكون غير ذلك لا بد أن تبتعدى.

هذا النوع من الرجال لا يتغير سلوكه إلا إذا كان الحافز فى التغيير داخله شخصيا وليس لأسباب أخرى كتدمير الأسرة بالطلاق، لا بد أن تكون الرغبة فى التغير نابعة من داخله، ولا أستطيع أن أصف الدنجوانى بأنه مريض نفسى.. لأن المريض النفسى نتعاطف معه ولكن هذا النوع من الرجال لديهم خلل فى السلوك ولا نتعاطف معهم.