الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لماذا تحرم إسرائيل الإمارات من مقاتلات F35

بعيداً عن التصريحات الرنانة بشأن التقارب بين الإمارات والكيان الصهيونى رغبة فى السلام ودعم الفلسطينيين واستقرار المنطقة، فإن عينى أبو ظبى كانت دوما على «رفع قوة تسليحها» ومثلت تلك النقطة أبرز التفاهمات التى آلت إلى التطبيع خلال الشهر الماضى. 



ولم تخف الولايات المتحدة رغبتها فى تغليف التطبيع بصفقة سلاح من العيار الثقيل تتضمن شراء الإمارات لمقاتلات F-35، التى تعد أكثر مقاتلات العالم تقدماً، وهى خطوة لا يمتلكها ساكن البيت الأبيض بمفرده، فلا بد من موافقة الكونجرس رسميا، وموافقة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو (بشكل غير مباشر)

التطبيع مقابل المقاتلات 

نتنياهو لم يخف معارضته للصفقة، وأعلن أن موقف إسرائيل من حصول بلدان الشرق الأوسط – بما فيها الامارات – على هذه الأسلحة الفتاكة لم يتغير، وهو ما سبب حرجا بالغا للإدارة الإماراتية التى منت النفس بالحصول على المقاتلات عقب التطبيع مع الكيان المحتل. وبالفعل ألغى الدبلوماسيون الإماراتيون لقاء ثلاثيا مع الكيان الصهيونى والولايات المتحدة عقب معارضة نتنياهو للصفقة، وأُبعِد المسؤولون الدفاعيون فى اللحظة الأخيرة من الوفد الوزارى الإسرائيلى الذى سافر إلى أبوظبى يوم 31 أغسطس الماضى لإجراء مباحثات مع نظرائهم الأمريكيين والإماراتيين.

 وبحسب المحللين فإن الوقت الطبيعى لإجراء صفقة مثل كهذه يستغرق نحو سنة، وإدارة ترامب تريد البدء فيها فى غضون شهرين إلى 5 أشهر، وهو ما يتواكب تماماً مع وقت الانتخابات الأمريكية فى نوفمبر المقبل، وبالتأكيد قبيل أى عملية انتقال رئاسية فى يناير المقبل، فى حال خسر ترامب منصبه فى البيت الأبيض، ويفترض أن يحصل الكونجرس على تفاصيل الصفقة المقترحة بحلول أكتوبر المقبل، حتى يكون لدى المشرعين وقت لدراستها وطرح اعتراضاتهم.

ويرجح الخبراء عدم إتمام الصفقة حال فوز بايدن برئاسة الولايات المتحدة، لأن الأمور ستتغير كثيراً خصوصاً السياسة الخارجية للولايات المتحدة. 

ومنذ سنوات تحلم الإمارات بشراء المقاتلات التى تمتلكها إسرائيل فقط دون بقية دول الشرق الأوسط،  ويعتقد المسؤولون الإماراتيون أنَّه لا يجب أن يكون لدى إسرائيل أى أسباب لمعارضة الصفقة الآن، وقد أصبح البلدان رسمياً فى حالة سلام.

سر الرفض الاسرائيلى 

مبعث قلق دولة الاحتلال فى أنَّ الصفقة من شأنها تقويض التفوق العسكرى للبلاد فى المنطقة، أى ما يُطلَق عليه فى اللغة الدبلوماسية الأمريكية «الأفضلية العسكرية النوعية لإسرائيل». 

وليس سراً أن الأفضلية العسكرية النوعية التزاماً أمريكياً يعود إلى السبعينيات، وبات مُدوّناً الآن فى صورة قانون، تكون الولايات المتحدة بموجبه مُلزمةً قانوناً بالحفاظ على الأفضلية العسكرية لإسرائيل، مقابل أى دولة مفردة أو تحالف دول فى الشرق الأوسط. وهو ما ألمح أليه وزير دفاع حكومة الاحتلال بينى جانتس، الذى لم يُستشَر بشأن الاتفاق مع الإمارات سلفاً، فى مؤتمر صحفى مؤخراً، إنَّه فى حين يمثل التطبيع خطوة إيجابية، فإنَّه لا يجب أن يأتى على حساب أمن إسرائيل. وأضاف: «ليس من الجيد بالنسبة لإسرائيل أن تذهب مقاتلات F-35 إلى أماكن أخرى».

وبحسب محللين فإن الفارق الحقيقى بين مقاتلة F-35 –وهى مقاتلة من الجيل الخامس- ومقاتلات الجيل الرابع مثل F-15 وF-16، التى تملكها إسرائيل والإمارات ودول إقليمية أخرى هو عنصر القدرات الشبحية، فالأمر أشبه بالفارق بين هاتف ذكى فى عام 2020، وهاتف محمول عادى فى عام 2000». والأمر يتجاوز ذلك إلى خوف الكيان الصهيونى من رغبة سعودية أو غيرها فى الحصول على مقاتلات F-35 بعد أن يحصل عليها الإماراتيون. وستكون الولايات المتحدة فى تلك الحالة قد وضعت بالفعل المبدأ، لذا سيكون تفاوضك فقط على السعر. وليس سراً أن سجل الإمارات فى حقوق الإنسان باليمن وليبيا يمثل مبعث قلق للمشرعين بالكونجرس، يمكن أن يؤدى على الأقل لتأجيل الموافقة على أى صفقة لبيع F-35، بالإضافة إلى ذلك، لا بد أن توافق وزارة الدفاع الأمريكية أيضاً على صفقة F-35، بحسب قدرة الإمارات على تلبية المعايير التقنية الأمنية لامتلاك وتشغيل تلك الطائرات من عدمها. وقد يُشكِّل هذا أيضاً عقبة أمام الصفقة، وهو مستوى لا تمتلكه البلاد حاليا. ناهيك عن التخوفات الأمريكية بشأن التجسس الصينى وهو سبب آخر لحجب الولايات المتحدة وبريطانيا أفضل تقنياتهما عن دول الخليج خشية أن تتسرَّب.

بقى أن نقول أنه يمكن لترامب أن يستخدم «سلطة طوارئ» لبيع الأسلحة من أجل تجاوز الكونجرس، ومع أنَّ تلك الصلاحية نادراً ما تُفعَّل، استخدمها ترامب العام الماضى لفرض تمرير صفقة بقيمة 8 مليارات دولار للسعودية والإمارات تضمَّنت صواريخ دقيقة التوجيه، وهو ما أثار الانتقادات حتى من جانب مشرعين جمهوريين، وهى الخطوة التى قد يضطر إليها ما دامت لا توجد أغلبية الثلثين (التى تنقض حق النقض «الفيتو» الذى يتمتع به الرئيس) ضد الصفقة فى مجلسى النواب والشيوخ.