الجمعة 3 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

براءة يهود اليوم من دم المسيح!

كان اليومُ حارّا، إلّا أن ميعادى مع أحد رجال الدين المسيحى ممن يتميزون بالمعرفة والعلم والبحث والاطلاع وهاوٍ للقراءة ومحبّا للسلام. رجل لا يخلط الأوراق. لديه حكمة الآباء وتواضعهم. استقبلنى الأنبا «إبراهيم إسحق»، بطريرك الأقباط الكاثوليك بمصر، فى المقر الخاص بالكاثوليك بكوبرى القبة. رحّب الرجل بى. وقدّم لى الحلوى بيديه الطاهرتين كما عودنا منذ أزمة «كورونا». جلسنا نتحوار، حوار أب حكيم وابنة تحمل الكثير من علامات الاستفهام وتريد أن تعرف وتريد أن تفهم. كان الحوار ودودًا مثله تمامًا. إنه الأنبا «إبراهيم إسحق سيدراك»، بطريريك الأقباط الكاثوليك فى مصر.



شهد سبتمبر 2019 ضم الحاخام «بروس لوستيج» إلى عضوية اللجنة العليا للأخوّة الإنسانية، فهل تتضمن الوثيقة دخول اليهود فيما بعد؟ 

- الوثيقة هى ثمرة طيبة برعاية دولة الإمارات، وهى بداية تحتاج إلى تفعيلها وقام بتدوين بنودها وتمثيلها كل من السنيور يؤنس لحظى سكرتير البابا فرنسيس والدكتور محمد عبدالسلام سكرتير شيخ الأزهر، وقامت مبادئ وثيقة الأخوَّة الإنسانية على احترام التنوع والاختلاف بين البشر، وجاءت لتؤكد مبادئ التعايش، حرية الاعتقاد، العدل، حفظ الحقوق التى سبق أن أرساها الأنبياء، التى تؤكد حق العيش المشترك فى ظل الأخوَّة الإنسانية، وليس هناك ما يقول إلى الآن انضمام اليهود للوثيقة. وأرى أنها تمّت ليس لهذا الهدف إطلاقًا، ولكن ربما نجد هذا يومًا ما وعلينا ألا نسبق الأحدث وننتظر لنرى ما الذى تحمله الفترة المقبلة. فالقضية هى عمل إنسانى. 

هل للوثيقة دورٌ فى التطبيع مع إسرائيل؟ 

- نهائيّا.. لا علاقة للوثيقة بالسياسة من أى اتجاه. دور الوثيقة فقط هو خدمة الإنسانية ولا هناك مجال فى الحديث حول انضمام اليهود لهذه الوثيقة أو دورها أن تخدم على التطبيع مع إسرائيل.

أدانت اللجنة العليا بالوثيقة شدة الهجوم الإرهابى الذى استهدف معبدًا يهوديّا بمدينة «هالة» أكبر مدن ولاية سكسونيا شرقى ألمانيا.. هل ذلك موشر لقبول اليهود بالوثيقة؟

- لا علاقة لدخول اليهود بالوثيقة، ولكن استهداف دور العبادة هو استهداف للإنسانية كلها وعمل متدنٍ خبيث يخالف جميع الشرائع السماوية والقوانين والأعراف الدولية والأخلاقية التى تؤكد على حرمة دور العبادة وحرية ممارسة العبادة وحرية ممارسة الشعائر الدينية. وذكرت اللجنة بما تضمنته وثيقة الأخوَّة الإنسانية التى وقّعها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية أنَّ حماية دُور العبادةِ، من مَعابِدَ وكَنائسَ ومَساجِدَ، واجبٌ تَكفُلُه كُلُّ الأديان والقِيَمِ الإنسانيَّة والمواثيق والأعراف الدوليَّة، وكلُّ محاولة للتعرُّض لدُور العبادةِ، واستهدافها بالاعتداء أو التفجير أو التهديم، هى خروجٌ صريحٌ عن تعاليم الأديان، وانتهاكٌ واضحٌ للقوانين الدوليَّة.

أعلن البابا بندكت بابا الفاتيكان رسميّا «تبرئة اليهود من دم السيد المسيح»، فكيف جاء ذلك؟

- ما من أحد من الذين يطرحون الموضوع قد كلف نفسه قراءة الوثيقة المجمعية، بل إن الأكثرية قد بنت معرفتها عمّا يدعيه الآخرون. ولكل هذه الأسباب قررنا الرد بطريقة مبسطة عن هذا الموضوع. هناك مقدمة حول وثيقة تبرئة اليهود من دم المسيح وهى:

انعقد مجمع الفاتيكان عام 1963م لبحث موضوعات عديدة، تدور حول تقوية الوحدة المسيحية وفى الدورة الثانية منه وبناء على طلب البابا قدّم الألمانى الكاردينال بيّا وثيقة تعتبر الصورة التمهيدية للوثيقة التى صدرت فيما بعد، وتبرئ اليهود من دم المسيح وتنادى الوثيقة التمهيدية باعتبار الشعب اليهودى جزءًا من الأمل المسيحى، وأنه لا يجوز أن ننسب إلى يهود عصرنا ما ارتُكب من أعمال أيام المسيح، واحتج الكاردينال لكلامه بأن كثيرين من الشعب لم يكونوا يعرفون شيئًا عمّا حدث، ولم يوافق بعض قادة الشعب على فعل سائر الكهنة. وقد تم الاعتراض على الوثيقة داخل المجمع، لما فيها من اعتبارات سياسية، وطلب المطران الهندى (كوتنهو) حذفَها، مما دفع فيما بعد إلى إضافة فصول عن الديانة الهندية والإسلامية، وكذلك عارض الوثيقةَ بعضُ كرادلة الشرق، كما عارضها الشبابُ الكاثوليك بالقدس، وأوضحوا أن ذلك ليس حقّا للمجمع ولا غيره، وطالبوا بتطبيق ما جاء فى سِفر الخروج: «أنا الرب إلهك، إله غيور، أفتقد ذنوب الآباء فى الأبناء» الخروج 20/15.

واستشهد البعضُ بنصوص من الإنجيل، التى تقرر أن اليهود طلبوا صلبه، ورفضوا إطلاق المسيح، وطلبوا إطلاق باراباس، وتولى رئيس الكهنة قيافا بعض الوِزر فى ذلك. ثم إنهم قالوا: «دمه علينا وعلى أولادنا» متى 27/25. وقد قال بطرس لثلاثة آلاف من اليهود: «يسوع هذا الذى صلبتموه أنتم» أعمال 2/36.

ولهذه الأسباب تم تشكيل لجنة لتعديل الوثيقة، وعدّلت، وفى أكتوبر 1965م صدرت وثيقة تبرئة اليهود. ويقول الكاردينال بيّا عن هذه الوثيقة: «ليست هذه الوثيقة ثمرة يوم أو ليلة، إنها خلاصة دراسة»، وقد وقّع البابا يوحنا الثالث والعشرون عليها قبل وفاته بخمسة أشهر، لتصبح وثيقة دينية معتمدة.

وجاء نص الوثيقة كالآتى: لقد أراد الكاردينال بيا من وثيقته التمهيدية تبرئة العنصر اليهودى من صلب المسيح، ولكن الوثيقة النهائية الرسمية أقرت بدور اليهود وبرّأت الأجيال اليهودية اللاحقة من تولى وزْر هذه الجريمة، كما أنها حاولت حصر الجريمة فى أقل عدد ممكن من الكهنة ورؤساء الشعب اليهودى، «فإن ما ارتكب أثناء آلامه، لا يمكن أن يعزى إلى جميع اليهود الذين كانوا عائشين إذ ذاك، ولا إلى يهود أيامنا».

وتعود الوثيقة للحديث عن آلام المسيح المصلوب، فتقول: «ما حصل للمسيح من عذابه لا يمكن أن يعزى لجميع الشعب اليهودى.. فإن الكنيسة كانت ولاتزال تعتقد بأن المسيح قد مَرّ بعذابه وقتله بحَربة بسبب ذنوب جميع البشر، ونتيجة حُب لا حدَّ له.

وما سبب الاعتراض على «الوثيقة» من البعض؟ 

- يقول البعضُ إن هذه الوثيقة تتعارض تعارضًا صريحًا مع النصوص الإنجيلية، التى تقر وتركد دور اليهود بقتل المسيح على الصليب، ومنها قول بولس: «اليهود الذين قتلوا الرب يسوع، وأنبياءهم، واضطهدونا نحن» (تسالونيكى (1) 2/15). وقد ذكرت الأناجيل دورهم الواضح فى هذه الجريمة، فهم الذين تآمر رؤساء كهنتهم، وهم الذين قدموا الرشوة ليهوذا، وأصروا وأصرت جموعهم على صلب المسيح رُغم براءته التى ظهرت لبيلاطس؛ الذى قَبل نصيحة زوجته، فتبرأ من دم هذا البار وبالتالى كيف يبرأ اليهود من دمه؛ ويوحنا يقول على لسان قيافا رئيس الكهنة: «أنتم لستم تعرفون شيئًا، ولا تنكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب، ولا تهلك الأمّة كلها فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه» يوحنا 11/47 -53. واليهود هم الذين أتوا بشهود الزّور ولما وجد بيلاطس أن لا جُرم عليه، قال: «إنى برىء من دم هذا البار. أبصروا أنتم، فأجاب جميع الشعب وقالوا: دمه علينا وعلى أولادنا» متى 27/24 - 25.. ثم كيف للكنيسة أن تبرئ اليهود وذريتهم من دم المسيح، وهم قد قالوا لبيلاطس: «دمه علينا وعلى أولادنا» (متى 27/25)، وهو ذنب أعلن أصحابه مسئوليتهم وأبناءهم عنه؟ أولم يرث البشر ذنب آدم وحواء؟ ومثلا هل يتحمل كل المسلمين ما قام به «بن لادن»، وهل ما قام به باسم الدين يعنى أنه يقوم به كل أتباع هذا الدين؟ وهل يمكننا اليوم تسمية كل المسلمين بالإرهابيين؟

وما الرد على هذه الاعتراضات؟ 

- الحقيقة الأولى: عندما تتكلم الوثيقة عن اليهود فهى لا تتكلم عن دولة إسرائيل، ولا علاقة بين الوثيقة وبين القراءات السياسية التى تنسب لها. فالوثيقة تتكلم عن اليهود «كشعب الله» الذى جاء منه المخلص، شعب العهد، أولاد إبراهيم وإسحق ويعقوب نسل داود الذى جاء منه المسيح مخلص البشر.. وبالتالى فلا يجب قراءة الوثيقة وكأنها تبجّل وتكرّم «دولة إسرائيل»، فالوثيقة هى وثيقة إيمانية وليست سياسية ولا علاقة لها بأى دولة أو اتجاه سياسى.

الحقيقة الثانية: الوثيقة لم تبرئ كل اليهود ولم تدن كل اليهود. فالوثيقة، مثلا، لم تبرئ قيافا رئيس الكهنة الذى قال: «أنتم لستم تعرفون شيئًا، ولا تنكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب، ولا تهلك الأمّة كلها.. فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه» (يوحنا 11/47 -53). والوثيقة لم تبرئ مَن نادَى بموته أو اشترك فيه أو تآمر عليه. الوثيقة تبرئ الآخرين الذين لم يشتركوا ولم يعرفوا أو يسمعوا عنه: فما ذنب اليهود الذين كانوا يعيشون فى اليونان، وروما، والإسكندرية وغيرها من بلدان العالم. ما ذنب اليهود وبعد مرور ألفى سنة على جريمة ارتكبت من قِبَل أجدادهم قبل ألفى سنة. مَن منا يرضى أن يتحمل مسئولية جريمة ارتكبها أجداده قبل ألفى سنة؟

الحقيقة الثالثة: مَن برأ اليهود من دم المسيح هو ذات المسيح الذى وفى قمة آلامه لم يدع الحقد أو الرغبة فى الانتقام تتغلب عليه، بل برّأهم وطلب لهم المغفرة: وهو هنا لم يغفر لليهود الذين لم يشتركوا بل غفر لمن اشترك فى التآمر والخيانة والصلب. أيعقل اليوم أن نتكلم عن «دمه علينا وعلى أولادنا» التى خرجت من أفواه الظلمة والقتلة ولا نتكلم عن «اغفر لهم لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون» التى خرجت من فم المصلوب ذاته؟

ما الذى تضمّنه الجزءُ الخاص باليهود فى الوثيقة؟ 

- جاء النَّصُّ الخاص باليهود قائلًا: إن هذا المجمع المقدس، إذ يتقصى سر الكنيسة يذكر الرباط الذى يربط روحيّا شعب العهد الجديد بذرية إبراهيم وتقر كنيسة المسيح بأن بواكير إيمانها واختبارها توجد لدى الآباء ولدى موسى والأنبياء وفقًا لسر الله الخلاصى. وإنها تعترف بأن كل المؤمنين بالمسيح، أبناء إبراهيم حسب الإيمان، لا يستثنون من دعوة ذلك الشيخ، وإن خلاص الكنيسة رُمز عنه سريّا ومسبقًا بخروج الشعب المختار من أرض العبودية، لهذا السبب لا تستطيع الكنيسة أن تنسى أنها قبلت وحى العهد القديم بواسطة ذلك الشعب الذى تنازل الله بحنانه الذى لا يوصف أن يقطع معه العهد القديم. ولا تنسى أنها تتغذى من أصل الزيتون الطيب الذى طعمت فيه فروع زيتون الأمم، ولذا تؤمن الكنيسة بأن المسيح، سلامنا، صالح بصليبه اليهود والأمم وجعل الاثنين واحدًا فى ذاته. ولا تبرح أبدًا من أمام ناظرى الكنيسة كلمات بولس الرسول فى بنى قومه «الذين لهم التبنّى والمجد والعهود والناموس والعبادة والمواعيد ولهم أيضًا الآباء ومنهم المسيح بحسب الجسد» (روما 9 / 4-5) ابن مريم العذراء، وإنها تذكر أيضًا بأن الرسل الذين هم عواميد الكنيسة وأساساتها، وُلدوا من الشعب اليهودى وكذلك كثير من أولئك التلاميذ الأولين الذين بشروا العالم بإنجيل المسيح. ويشهد الكتابُ المقدس بأن أورشاليم جهلت زمان افتقادها وإن اليهود بمعظمهم لم يقبلوا الإنجيل، لا، بل كثيرون هم الذين قاوموا انتشاره غير أن اليهود، كما يقول الرسول، لايزالون بسبب الآباء أعزاء لدى الله؛ لأن مواهب الله ودعوته هى بلا ندامة. الله وحده، والذى فيه تدعو الرب جميع الشعوب بصوت واحد «ويخدمون تحت نير واحد» (صفنيا 3 / 9)، وبما أن للمسيحيين ولليهود تراثًا روحيّا مشتركًا وساميًا، يريد هذا المجمع المقدس أن يوصى بالمعرفة والاعتبار المتبادلين وأن يعززهما بين الاثنين؛ ويحصل ذلك خصوصًا بالدروس الكتابية واللاهوتية وبالحوار الأخوى، وأن تكن سُلطات اليهود وأتباعها هى التى حرضت على قتل المسيح، لا يمكن مع ذلك أن يُعزى ما اقترف أثناء آلامه، إلى كل اليهود الذين كانوا يعيشون آنذاك دونما تمييز ولا إلى يهود اليوم. وإن تكن الكنيسة شعب الله الجديد، يجب مع ذلك ألا ينظر إلى اليهود كمن رذلهم الله ولعنهم، كما لو كان ذلك ناتجًا من الكتب المقدسة. فليحرص الجميع إذن فى التعليم المسيحى وفى الوعظ بكلام الله على ألا يعلموا شيئًا لا يتلاءم مع الحقيقة الإنجيلية ومع روح المسيح. علاوة على ذلك، أن الكنيسة التى تشجب الاضطهادات كلها ضد الناس أيّا كانوا، تتأسف للبغضاء وللاضطهادات ولكل مظاهر مقاومة السامية التى استهدفت اليهود فى أى زمن كان وأيّا كان مقترفوها. والكنيسة لا تدفعها فى ذلك الدوافع السياسية، بل محبة الإنجيل الدينية متذكرة التراث المشترك مع اليهود. أضف إلى ذلك أن المسيح بمحبته الفائقة قدّم ذاته طوعًا إلى الآلام والموت بسبب خطايا جميع الناس لكى يحصلوا جميعهم على الخلاص، هذا ما تمسكت به الكنيسة ولاتزال ويعود للكنيسة الكارزة أن تبشر بصليب المسيح علامة لحب الله الشامل وينبوعًا لكل نعم. وخلاصة القول: إن الكنيسة الكاثوليكية لم تبرئ اليهود من دم المسيح، بل كان المسيح ذاته هو من برّأهم: «اغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون»، وبالتالى فالكنيسة الكاثوليكية لم تقم سوى بإقرار هذا إقرارًا مجمعيّا ورسميّا.

لماذا يدرس الكاثوليك 7 سنوات اللاهوت والأرثوذكس 4 فقط؟ 

- وضعنا خطة للدراسة داخل الكلية الإكليريكية مدتها ٧ سنوات، وتكون سنة تمهيدى وسنتين فلسفة وأربع سنوات لاهوت؛ لأن الذى يأتى إلينا نجده غير مؤهل علميّا والعلم هو هدفنا الأول.

وما الهدف من دراسة الفلسفة؟

- دراسة الفلسفة لا تعنى أن يتفلسف الشخص على الآخرين، وإنما معناها كيف تفكر بطريقة منطقية وأن تكون الأفكار مرتبة ومنظمة، لذا، فالكنيسة تهتم بدراسة الفلسفة حتى تكون أفكار الآباء منظمة ومرتبة. 

تم تشليح كاهن لدى الكنيسة الكاثوليكية بسبب فضائح جنسية.. ما رأيك فى ذلك؟

- الكنيسة الكاثوليكية تفتخر بأنها تواجه مشاكلها، دون خفاء أو خوف من أجل الإصلاح، والجميع يخطئ ويضعف، وبالتأكيد من يفعل ذلك مريض، ودعوت الجميع لمدة أسبوعين لندرس هذا الحادث، وفى جميع المجتمعات هناك أحداث مثل ذلك، وهذه طبيعة الإنسان بأن يخطئ، ولكن لا بُد من المواجهة حتى يتم الإصلاح، وهذا ما تفعله الكنيسة.

ما الذى يميز المدارس الكاثوليكية عن غيرها؟

- المدارس الكاثوليكية لها عدة سمات، أهمها أنها تهتم بالإنسان ككل ليس فقط الاهتمام بعقله أو مشاعره، بل نتهم بكل شىء مثل تفاصيل السن، وأيضًا يتميز المعلمون بمدارس الراهبات بالتربية فى المقام الأول ولديهم خبرة كبيرة فى التعامل مع الشباب، لذا فالهدف الأسمَى لدينا هو تخريج شخصية مكتملة المعالم ليس فقط بأن يكون متفوقًا دراسيّا، بل أيضًا يمتلك شخصية متزنة تجعله يأخذ قرارات فى حياته ويعمل على مساعدة واحترام الغير، وهذا ما تجعل علاقة الطلاب بمعلميهم مستمرة حتى بعد تخرجهم فى مدارسنا.

ولماذا لم يتم إنشاء كلية خاصة بالكاثوليك مثل جامعة الروح القدس وجامعة القديس يوسف؟ 

- للأسف الشديد قدّمنا مقترحًا بهذا الأمر، ولكن واجهتنا عدة أزمات وتعجيز فى الالتزام بشراء عدد أكثر من 80 و90 فدانًا، وهذا غير متوافر، كنا سنضع الأبنية التعليمية التى نمتلكها تحت التصرف، لكن لم تصب الفكرة النجاح بكل أسقف.

ماذا عن الوثيقة التى كانت بين البابا شنودة وبابا الفاتيكان؟

- البيان المشترك الذى وَقّع عَليه قداسة البَابَا بولس السادس وقداسة البَابَا شنودة الثالِث فى ظهر يوم الخميس 10مايو 1973م فى الفاتيكان.. بولس السادس أسقف روما وبابا الكنيسة الكاثوليكية، وشنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرسى المرقسى، يقدمان الشكر لله فى الروح القدس، إذْ إنه بعد عودة رفات القديس مرقس إلى مصر، قد نمَت العلاقات بين كنيستى روما والإسكندرية، وازدادت بعد ذلك الحدث العظيم، حتى أمكن الآن أن يصير بينهما لقاء شخصى. وهما يرغبان فى ختام اجتماعاتهما ومحادثاتهما أن يقررا معًا ما يلى: لقد تقابلنا معًا تحدونا الرغبة فى تعميق العلاقات بين كنيستينا.. ووفقًا للمجامع المسكونية الثلاثة الأولى نقرّ أن لنا إيمانًا واحدًا، بإله واحد مثلث الأقانيم، وبلاهوت ابن الله الوحيد، الأقنوم الثانى من الثالوث القدوس، كلمة الله وضياء مَجده وصورة جوهره، الذى تجسّد من أجلنا...وصار مشاركًا إيّانا إنسانيتنا، ولكن بغير خطيئة. ونقر أن ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح إله كامل من حيث لاهوته، إنسان كامل من حيث ناسوته.

نؤمن معًا أن الحياة الإلهية تُمنَح لنا بواسطة أسرار المسيح السبعة فى كنيسته، وأن تلك الحياة الإلهية تنمو فينا وتغتذى بهذه الأسرار: وهى المعمودية، الميرون (التثبيت)، الإفخارستيا (القربان المقدس)، التوبة، مسحة المرضى، الزيجة، الكهنوت.. ونحن نكرّم العذراء مريم، أمّ النور الحقيقى، ونعترف أنها دائمة البتولية، وأنها والدة الإله، وأنها تشفع فينا، وأنها بصفتها والدة الإله (ثيئوتوكوس) تفوق فى كرامتها كرامة جميع الطغمات الملائكية.

ونحن نعترف، بكل اتضاع، أن كنائسنا غير قادرة على أن تشهد للحياة الجديدة فى المسيح بصورة أكمل بسبب الانقسامات القائمة بينها..والواقع أنه منذ عام 451 لميلاد المسيح قد نشبت خلافات لا يمكن تجاهلها. ورُغم تلك الخلافات فنحن نعيد اكتشاف أنفسنا فنجد أن بين كنيستينا تراثًا مشتركًا. ونحن نسعى بعزم وثقة فى الرب أن نحقق كمال تلك الوحدة وتمامها، هذه الوحدة التى هى عطية من الرب.

وإننا فى إخلاص وإلحاح، نذكر أن المَحبة الحقيقية والمتأصّلة فى أمانة كاملة للرب الواحد يسوع المسيح، واحترام متبادل من كل طرف لتقاليد الطرف الآخر، هى عنصر جوهرى فى السعى نحو الشركة الكاملة.