الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قيادة الأوركسترا صنعت من أجلى

 بعد انطفاء الأضواء..  ثمة بقعة واحدة  من الضوء تصنع هالة كهالات القديسين حوله.. وهو يقف أنيقاً متعالياً غامضاً لا نكاد نراه.. فقط صورته الشبحية من الخلف دائماً وفى الظلام.. يحددها الضوء.. أطراف أنامله وأطراف شعره المتطاير مع الحركة والصوت.. يفعل كل شىء من أطرافه.. نرى اللاعبين منسجمين ومنهمكين عيونهم على طرف عصاه.. يتحركون معها وينفذون أوامرها.



ساحرٌ، يمتلك بعصاه الدقيقة مفتاح ذلك العالم الجميل، السرى والغامض.. وبإشارته تبدأ الرحلة.. وتتحرك مع نبض تلك العصا الأمواج والرياح وبها تتحول كل الأجواء بإشارة واحدة.. سرعة و هدوءاً.. ارتفاعاً وهبوطاً.. كل شىء ممكن فى هذا العالم.. ومهما كانت التناقضات إلا أن قانون هذا العالم الوحيد والواضح.. البسيط وبالغ التعقيد هو الهارمونية.. كل شىء يحدث فى انسجام تام.. تناغم وإيقاع..!! 

المايسترو. أو الشيف  أو الميتر كونداكتور أو الدايريكتور هو القائد والمعلم أو معلم المعلمين. متخصص تماماً فى مجاله ومتميز به وله القدرة على القيادة.

ويشيع استخدام كلمة مايسترو على قائدى الأوركسترا لاستخدام اللغة الإيطالية فى الموسيقى.. فالمصطلحات واللغة فى النوتة الموسيقية كلها «طليانى»! يكتنف الغموض ذلك القائد الذى نراه فى أجواء يحفها الإنصات والهدوء التام.. فى قاعات خالية من الضوء ومليئة بالموسيقى.. ولحظة عودة الضوء ينحني  بوقار  محيياً ويختفى! من هو؟  كيف يكون فى حياته العادية..؟ هل إذا رأيناه  بيننا تعرفنا إليه؟! هناك من بين قادة الأوركسترا فى مصر حالياً من هو معروف لدى  أغلب المصريين.

«نادر عباسى».. الذى اشتهر بقيادته لتصفيق الجمهور كلما قاد أوركسترا أوبرا القاهرة السيمفونى.. فعل ذلك بعفويته المنظمة ودقته وهدوئه الواضحين بشخصيته..  بهذا التصرف العفوى الكثير لنتأمله لشخصية فريدة فى حضورها.. ومواهبه بمهارات القيادة التى نظمت الفوضى. يلفت الانتباه للموسيقى البحتة، الموسيقى المصاحبة للأفلام المصرية والعالمية الشهيرة، والتعرف إلى هذا النوع الجميل من الفن الذى قد يوحى لنا بصعوبة فى التذوق أو يشاع عنه التعقيد والملل، فى حين أن ممارسة الاستماع له _بل والإنصات وهو الاستماع الجاد والمنتبه _ يدرب العقل على مهارات تفكير منظمة ودقيقة ويدرب النفس على الهدوء والخيال على السعة والسلوك على الآداب الرفيعة، الاستماع والاستمتاع بتأمل قطعة من النغم، قطعة من الجمال الذائب، مقطوعة موسيقية _ هكذا تسمى _!!..

« البيت أهم حاجة فى حياتى!»

نادر عباسي  فنان متعدد المواهب.. قائد أوركسترا  ومؤلف موسيقى.. عازف فاجوت  ومغن أوبرالى. «أهم ميزة للمايسترو هى الكاريزما، شخصية قوية لكى يطيعه الأوركسترا.. والمايسترو ينظم اللاعبين لكل الآلات ليعزف الجميع معاً وبالضبط فى لحظتها، والعصاه تعد امتداداً ليد القائد، لأنه فى الظلام  وتحدد نبض اليد بدقة ليتفاعلوا مع أوامر تلك النبضات، الحركة الانسيابية غير الدقيقة الحادة وهكذا، ويركز العازفون مع النوتة وتعاليم المايسترو فى نفس الوقت، ويشعر القائد جيداً بإحساس الجمهور خلفه ودرجة تجاوبهم معه..» 

أبحث عن سر ذلك الظل الغامض، ببدلته المميزة فى أناقتها،  يقف فى سمو وتعالٍ،  يحرك أطراف أصابعه وأطراف ملامحه، ويصنع منه الضوء الخافت مع فعل الموسيقى شخصاً خيالياً تماماً..!  «أنا إنسان دؤوب جداً، بحب شغلى أوى،  بحب أكون لوحدى طول الوقت عشان أقدر أركز وأذاكر، وأنا طفل مكنتش بلعب.  كنت بفضل فى أوضتى أغنى بالساعات، أذاكر كتير.. بحب البيانو فبفضل أذاكر بالساعات متعبش ولا أزهق وأسمع مزيكا أو أغنى طول الوقت.. أكتر من دلوقتى بكتير عشان دلوقتى بشتغل..» «تخرجت فى أكاديمية الفنون بـ 100 %  وجاءتنى منحة كمعيد فى فيينا، لكن اخترت سويسرا عشان هناك أحسن أستاذ فى «الفاجوت» الآلة بتاعتى.. رحت على حسابى واتقبلت هناك فى الكونسيرفاتوار وكان فى مكان فى موسيقى الحجرة بتاعة جينيف وبعدين درست غُنا وفضلت فى سويسرا حوالى عشر سنين.. تلات سنين دكتوراه وسبعة عالى وماجستير ودكتوراه فى الغُنا «يعنى اتنين دكتوراه فى الغناء الأوبرالى والعزف على الفاجوت..!!

أول حفلة

 «أول حفلة قيادة كانت فى سويسرا وكان عمرى 30 سنة.. كانت حفلة سهلة جداً بمعنى لقيت نفسى علطول.. وكأنها حاجة بتاعتى ومعمولة ليا.. فى العزف كنت بخاف والغُنا كنت بخاف إنما القيادة من أول لحظة حسيت إنها بتاعتى.. وبعدها علطول بقيت مدير أوبرا.. ورغم قيادتى لأعمال صعبة جداً وأمام أوركسترات صعبة جداً لكن عمرى ما خفت.. حاجة أكنها بتاعتى ومكانى..»

شاى أخضر وقهوة

«بنام بدرى وبصحى  ستة الصبح.. أول حاجة شاى أخضر وقهوة.. وهدوء تام وصمت.. ودا أكتر وقت أذاكر فيه كويس وأنا لسة فى السرير والنوتة جمبي  أسمع وأذاكر.. وبعدين لو فى بروفة أروح وأشوف أصدقائى ولازم أكون فى البيت أغلب الوقت عشان أركز، بحب الطبخ واتعلمت من حياتى فى سويسرا أطبخ لنفسى وزى بابايا شاطر فى الطبخ.. ودا كمان تأمل ليا.. ومرة قبل الحفلة كنت عاوز أروق نفوخى فقررت أعمل عيش.. فخبزت عيش مطلعش حلو أوى إنما سخن ومعمول بالإيدين!!  وأكتر حاجة بحبها البيوت والديكور.. آخد بيت وأوضة وأجيب حاجات وتابلوهات  وكدا.. البيت أهم حاجة فى حياتى أهم من الموسيقى!!  البيت والديكور والزرع حلو أوى.. كل حاجة للبيت بحبها أوي!! وأحب الرسم ولو إنى معرفش أرسم بس أصاحب الرسامين وأحب أقعد معاهم..»

الكلاسيكيات تعلم الإنصات والتفكير

 «الموسيقى الكلاسيكية مهمة جداً للأطفال عشان تكوينهم العقلى وإحساسهم بالجمال وطريقة تفكيرهم وبتعلم الإنصات وحسن الاستماع» «دلوقتى نفسى فى إيه؟.. نفسى أشوف بلدى جميلة أوى زى برا.. الرصيف الحلو والجناين والشارع الحلو.. والناس البسيطة نديها فرصة تعيش أحلى عشان دا اللى بيغير السلوك للأجمل..!»..