السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

زوجى ليس أبى

«مر عام كامل على زواجي».. تهدمت خلاله كل معتقداتى السابقة، اصطدمت كثيرًا بصخرة الواقع.. علمت أن زوجى ليس أبى ولن يكون.. 



هكذا تحدثت «سامية» إلى نفسها وهى تتأمل ورقة «النتيجة» التى تشير إلى يوليو 2020 بما يعنى أنها قضت عامًا كاملًا مع رجل اختلف كثيرًا «كزوج» عن الشهور القليلة التى عرفته خطيبًا قبل الزواج بها. 

وجال بخاطرها أحاديث والدتها «أنتِ لا تتزوجين زوجك فقط، بل أمه وإخوته وأصدقاءه معه»، وإياك ثم إياك من التوقعات الزائدة  مع زوجك أو أهله فهى غالبًا لن تنتهى بخير، فعليك دومًا الاحتفاظ بتوازنك.. وضعى نصب عينيك أن زوجك بشر.. سيخطئ ويذنب ويتغير. تمامًا مثلك، وجودة حياتك فى هذه الدنيا تعتمد على جودة الزوج الذى قبلتِ به.  وتغمض عينيها وهى تسترجع الخطوبة وهى بلا شك فصل تمهيدى للزواج و«الجواب بيبان من عنوانه» ولكن لمن يقرأ.. فأزمة كل حواء أنها تريد الكون «وفق ما تتمنى» لا تريد أن تبذل مجهودًا تبتغى الدلال وفقط.. والأمر يتجاوز طول فترة الخطوبة أو «الرؤية الشرعية» بالمفهوم الفقهى فإن تعددت الرؤى فلن تكفى للتأكيد من صلاحيتك «أولًا للزواج» ثم قابلية الزوج أن يكون مسئولًا.. وليتها علمت مبكرًا أن «الطبع والروح مخلوقان فى جسد لا يخرج الطبع حتى تخرج الروح» حيث كانت تحلم بالمشاركة الكاملة فى كل شىء «أحلام بلهاء لفتاة لم تنضج».. هكذا وصفت نفسها بعد عام من الزواج. 

حيث كانت تحلم بأن يشاركها زوجها همومهاً وغسيلها ومسحها وكنسها وطبيخها وكل ما يخص واجباتها الزوجية.. هكذا رأت والدها يفعل مع أمها وتصورت أنها لن ترضى بديلًا لذلك.. باعتبار الأمر مسلمًا به فالوالد -الستيني- لا تكاد تفرقه عن زوجته فى كل شىء وكم كانت تتمنى أن تجد بطلًا لروايتها على مقاس أحلامها.. ولكن هيهات.

فكل الأحلام تبخرت وحلت محلها مسئوليات ما أثقلها على صدرها.. لأنها لم تعتد أن تعطى أكثر مما تأخذ.. ومؤخرًا علمت أن الأشهر الأولى للزواج اختبار حقيقى لخطوطها الحمراء والتى ستتلاشى شاءت أم أبت خلال عامين.. فكل ما كانت ترى استحالة حدوثه فعلته وفعلت أكثر منه.. ورغم ذلك تطالبها الدنيا بالمزيد. 

وفى الأثناء قطع نسيج أفكارها السوداوية صوت هادئ يدغدغ أوصالها هامسًا: «تنفقين الغالى والنفيس مقابل أب مسئول يرعى أولادك».. وعند هذه النقطة توقفت حواسها تمامًا وهى تفكر فى بقية أقرانها اللاتى يعانين من كونهن «أب وأم» فالمشكلات ليست مادية فقط، والزواج لا يقوم على مشاعر الحب أو الوله أو العشق، بل يقوم على جهد مستمر من الطرفين وهذا التودد يؤدى إلى الرحمة وغضّ الطرف عن عيوب الآخر لتستمر سفينة الحياة.. وجال بخاطرها حديث والدتها مجددًا «عليك أن تعلمى أن تتعرفي على الوجه الحقيقى للطرف الآخر بعد ٦ شهور من الزواج (وليس الخطوبة) واستمرار زواجك يعتمد على مدى تنازلات الطرفين وعلى الأغلب طرفك). أما نجاحه فيعتمد على قدرات «قوتك الناعمة» لتحقيق ما تودين الوصول إليه».