الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لندن تحاول إزالة آثار تاريخها مع العبودية

العبودية كنظام يتاجر 



فى البشر السود، ويجلبهم من أفريقيا، وجزر البحر الكاريبى هى اختراع بريطانى. انتشر فيما بعد فى أوروبا وأمريكا وأيضًا فى المستعمرات البريطانية.  وامتد ليشمل الملونين فى الهند والصين، والسكان الأصليين فى البلدان التى غزاها الإنجليزى الأبيض.

 

ومع الثورة التى أطلقتها حركة «حياة السود مهمة» فى أمريكا خلال شهر مايو الماضى، وامتدت أصداؤها إلى عديد من أنحاء العالم، وإلى بريطانيا موطن الفكرة العنصرية التى شاعت كتجارة رابحة لعدة قرون فى زمن الاستعمار واستغلال الشعوب، فإن الحركة المطالبة بالمساواة وإزالة آثار ورموز هذا الزمن البغيض -من خلال مسانديها الذين قاموا بمظاهرات ومسيرات احتجاجية فى شوارع العاصمة لندن- فرضت اتجاهًا جديدًا لدى السلطات المحلية، يعمل على إزالة تماثيل شخصيات اشتهرت بالضلوع فى تجارة الرقيق واكتناز الأموال وامتلاك الأراضى والمنشآت والقصور والمقاطعات. ليس هذا فقط، فقد امتدت الإجراءات لتشمل إزالة أسماء هؤلاء من الشوارع ومحطات المترو والمبانى والمؤسسات.. وحتى الأحياء السكنية التى تحمل هذه الأسماء.

وقرر عمدة لندن «صادق خان» تشكيل لجان لمراجعة كل ذلك، وقال متحدث باسمه إن كل القرارات ستأخذ فى الاعتبار رأى سكان الحى الذى تقع فيه هذه المعالم، وقال العمدة إن العاصمة البريطانية يجب أن تعارض كل شكل من أشكال عدم المساواة.

يمتلك العبيد  ويدعو لتحريرهم!

وشملت القرارات، حيا يعتبر من أغنى وأرقى أحياء قلب لندن، ويُطلق عليه «هولاند بارك» -حديقة هولاند- وهو اسم العائلة التى كانت تسكن قصرًا كبيرًا فى المنطقة، وهى عائلة أرستقراطية استعمارية كانت تمتلك مئات العبيد فى القرنين 18 و 19.  وسيتم تغيير اسم الحى ضمن خطط محو آثار تاريخ لندن مع العبودية.

ويتوسط إحدى الحدائق العامة فى الحى تمثال لرجل جالس كما لوكان يملك الأرض ومن عليها، هو وريث اللورد هولاند واسمه «هنرى فوكس» وخلال مسيرات المناداة بالمساواة علق أحد النشطاء على صدر اللورد لافتة كتب عليها «أمتلك 401 عبد»! 

وعلى قاعدة التمثال تكررت باللون الأحمر بصمات كف مصحوبة بالرقم 401. وكان اللورد «هنرى ريتش» رب هذه العائلة مؤسسًا ومشرفًا على شركة استعمارية تستخدم العبيد.

أما الوريث صاحب التمثال فله تاريخ مختلف، صحيح أنه عمليًا كان بعد زواجه من امرأة أرستقراطية يستخدم العبيد الذين كانت تمتلكهم الزوجة، وأتت بهم عائلتها من مزرعة تمتلكها فى جزيرة جامايكا.

 لكنه من خلال ممارساته السياسية كان يعيش حياة مناقضة لحياته الاجتماعية حيث ظل دائمًا ينادى بإلغاء العبودية متبعًا فى ذلك المبادئ التى نادى بها عمه وزير الخارجية فى ذلك الوقت «شارلز جيمس فوكس» كما أنه هو نفسه كان عضوًا فى حكومة سنة 1807 التي دعت لأول مرة لإلغاء العبودية.. وحكومة 1833 عندما تم تطبيق قانون يلغى هذه التجارة اللا إنسانية وساعد أحد القادة السياسيين دعاة تحرير العبيد وتحريم الإتجار فيهم، وإلغاء العبودية فى المستعمرات البريطانية، وتوفى بعد ذلك سنة 1840.

تاجر يمتلك  أكثر من 526 عبدًا!

وضمن مخطط إزالة كل علامة على تاريخ لندن مع العبودية فقد أعلن عمدة المدينة التى شهدت ميلاد تجارة العبيد فى القرنين 17و 18 أنه يجب أن يزال أى تمثال أو اسم شارع أو حى أو مبنى له علاقة بالعبودية، وكان المتظاهرون فى شهر مايو الماضى قد أزالوا بالفعل تمثالا لتاجر العبيد «روبرت مليجان» من موقعه أمام متحف «لندن دوكلاند» بواسطة رافعة ضخمة وسط تصفيق حاد من الحاضرين، وكان «مليجان» يمتلك مصنعين للسكر فى جامايكا وأكثر من 526 من العبيد.

 واعترفت إدارة المتحف بأن التمثال جزء من المشكلة المستمرة لنظام سيادة العرق الأبيض الذى لا يعترف بآلام هؤلاء الذين لازالوا يصارعون بقايا الجرائم التى ارتكبت ولاتزال ضد الإنسانية.