الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

صديقتى

 عنوان قصة قصيرة كتبها قداسة البابا تواضروس الثانى فى ملحق أهرام الجمعة.. أعجبتنى فألخصها لقرائى.. 



 يقول البابا.. أسكن فى بناية ذات أربعة طوابق.. أسكن الطابق الثالث.. وبالرغم من أن لى مسكنا آخر فى مدينة أخرى إلا أن هذه الغرفة كانت تجذبنى دائما فى حياتى التى أعيشها بمفردى داخلها.. كنت أتساءل لماذا أحب غرفتى هذه.. عندما بحثت عن السبب وجدت ضالتى.. 

 فى غرفتى نافذة واحدة .. منها أرى امتداد السماء الصافية.. وهناك شجرة كافور ضخمة وعالية.. أرى جزءا يتمايل من فروعها مع حركة الهواء تصدر  أصواتا عديدة وكأنها تتنفس الهواء عندما يمر بينها.. 

 ويكتمل المشهد بالعصافير  المنطلقة والسابحة فى الهواء تقف حينا على فروع الشجرة وحينا آخر تتحرك وتتصدر أصواتها العذبة فى تناغم بديع كأنى أستمع إلى لحن موسيقى رقيق.

يقول البابا.. فى كل صباح أرى أفكارى وحياتى من خلال هذه النافذة كنت أرى حبا يتدفق من السماء والشمس والشجرة والعصافير والأصوات والهواء والنور.. إنها لوحة بديعة.. حركة فروع الشجرة أمامى تمثل حركة أيام عمرى.. 

 وكأن النافذة تحكى وتصور مرور السنوات بحلوها ومرها لأن من الفروع تتدلى الأوراق المميزة لشجرة  الكافور ذات الرائحة العطرية المعروفة.. وأتخيل أن هذه الأوراق المميزة لشجرة الكافور تمثل البشر الذين عرفتهم فى مشوار حياتى الطويل.. الحب ذلك الإحساس الجميل الذى يشعر به الإنسان من خلال الآخرين لقد أحببت معظم من عرفتهم.. 

 إننى أشعر بالحب فى علاقاتى الإنسانية.. أحمل قلبا كبيرا جدا وأكاد أصرخ فى قلبى تجاه كل أحد.. أنا بحبك.. أقولها عن إحساس وشعور عميق فى داخلى.. لا أذكر أننى خاصمت إنسانا أو سمحت للكراهية أن تطرق باب قلبى.. 

عندما وضعتنى العناية الإلهية فى بداية العقد السابع من عمرى أن أكون مسئولا كبيرا.. شعرت أن طاقة الحب تتدفق بالحقيقة مثل تدفق ينبوع المياه العذبة نحو الكل بدون استثناء  حتى مع الذين أخذوا موقفا منى أو عاودنى.. أو صدروا نقدا وحكما على قراراتى.. إن أصعب المواقف كانت القساوة التى أجدها عند بعضهم.. وكأن قلبهم بلا رحمة :.. بلا إحساس.. بلا حب.. 

إن الأوراق المتدلية من فروع الشجر تروح وتجيء.. مع حركة الريح ويأتى وقت الخريف  ويتساقط بعضها جافا.. لكن الحياة تستمر. 

 أما العصافير التى تأتى أحيانا وتقف على فروع الشجرة وأراها  منطلقة فرحة.. وتتحرك فى انسيابية مذهلة يعجز عنها أهل الأرض.

فأظن أن كل مرة يأتى عصفور أمام النافذة إنه يحمل رسالة خاصة من الله لى فى حركته الرشيقة.. أشعر بيد الله الحانية.. وفى صوته الرقيق أشعر بصوت الله  الحنون.. وفى مجيئه وذهابه أشعر بدفقان الحياة المتجددة.. 

 كثيرا ما عمل الله معى بشكل مذهل.. فى طفولتى  لم أكن أدرى بما يحدث معى من نجاحات وإخفاقات.. وأتذكر آلام مرض والدى.. ومعاناة والدتى.. ومسيرة دراستى وطبيعة عملى.. وهدف حياتى وعندما أنظر إلى الماضى أتعجب.. أندهش كيف مرت حياتى هكذا محاطا بيد الله القوية.. وكأنى ذلك العصفور  الذى يتحرك بلا خوف ولا هم بل فى حرية وانطلاق فرح.

كانت زقزقة العصافير بمثابة أصوات تسبيح وصلاة وبهجة واطمئنان وهو شعور متبادل بينى وبينها.

إنها الحقيقة لوحة جمالية مدهشة.. وسط الهدوء والسكون وتطلعات الحياة من خلال هذه النافذة التى تجعلنى أسبح فى الماضى وأعيش الحاضر وأتطلع إلى المستقبل فى سلام واطمئنان أشعر أحيانا أن هذه النافذة مصدر سعادتى وبهجة قلبى.. 

إن  تفاصيل هذه النافذة وما أراه من خلالها يعنى لى.. أن الحياة حلوة وأنها بخير برغم الشرور التى نجدها.. أو نسمع عنها وأشعر أن مشاعرى تجاه صديقتى هى مشاعر راحة وسلامة.. هذه النافذة ترسم لوحة حياتى الجميلة.. 

أشكر قداسة البابا تواضروس الثانى لقصته الجميلة مع الشجرة ..