السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
من يسيطر على «الهلال النفطى الليبى»؟!

من يسيطر على «الهلال النفطى الليبى»؟!

فى منتصف الساحل الليبى تقع مدينة «سرت» الاستراتيجية باعتبارها المدخل الغربى لمنطقة «الهلال النفطى»، والطريق الذى يتعين السيطرة عليه من أجل السيطرة على موانئ «السدرة، وراس لانوف، ومرسى البريقة، والزويتينة»، حيثُ تتصل 11 خط أنابيب للنفط و3 خطوط أنابيب للغاز بساحل البحر المتوسط، والسيطرة على سرت سيسهل السيطرة على 350 كيلومتراً من الساحل الليبى حتى بنغازى.



وتضم تلك الكيلوات وفرة من خطوط الأنابيب ومعامل التكرير والمحطات ومنشآت التخزين، وقد منحت السيطرة على «الهلال النفطى»، الذى يضم 60 % من ثروات ليبيا الهيدروكربونية، أفضلية لقوات الجيش الوطنى بقيادة المشير خليفة حفتر على حكومة الوفاق التى يتصارع معها. 

وقبل الحرب كان نحو 96 % من الدخل العام يأتى من الهيدروكربونات، ويصل احتياطى البلاد من النفط إلى 48.3 مليار برميل من النفط و1.5 تريليون متر مكعب من الغاز، غير أن إنتاجها من النفط انحدر إلى 90 ألف برميل يومياً من 1.6 مليون برميل فى العام الماضى بسبب الاحتراب الداخلى. 

ومن ثم تسعى حكومة الوفاق «المدعومة من تركيا» إلى الاستيلاء على سرت بما يضمن تدفق الموارد النفطية أملاً فى تغيير ميزان القوى على الأرض قبل الذهاب لطاولة المفاوضات. 

وبالفعل عقب سيطرتها على الوشكة «جنوباَ» فى 6 يونيو زحفت قوات الوفاق صوب سرت من 3 جهات، لكن القوات الجوية للجيش الوطنى أحبطت هجومها.

الطموحات التركية والروسية 

تحلم أنقرة بإرساء تواجد عسكرى دائم فى ليبيا، وتضع قاعدة «الوطية» الجوية وقاعدة بحرية فى مصراته نصب أعينها، ويذهب البعض لاحتمالية أن توافق موسكو على سيطرة روسية فى «الجفرة» مقابل سرت، فيما يشير محللون إلى أن تركيا تضع عينها على قاعدة «القرضابية» الجوية فى حالة سقوط سرت، وتخطط روسيا لاستعمال «سرت» كقاعدة بحرية، إلى جانب الجفرة، سعياً لتعزيز موقفها فى منطقة البحر المتوسط، بعد سيطرتها على قواعد فى «طرطوس» و«اللاذقية» فى سوريا، وهى الخطوات التى أقلقت حلف الناتو لمحاصرة روسيا لخاصرته الجنوبية.

وليس سراً أن ليبيا تواجه خطر تحول الوضع إلى حربٍ ممتدة بالوكالة، مثل سوريا، إذ تصطف عدة قوى لدعم حكومة الوفاق ومقرّها فى طرابلس، فى مقابل قوى أخرى تدعم الجيش الوطنى بقيادة حفتر المسيطرة على الشرق.

ويدعم كل من روسيا وتركيا طرفا من طرفى الصراع، وقد ألقت أنقرة بثقلها لدعم قوات الوفاق والتى كان لها تأثير كبير فى تحقيق انتصارات عسكرية بفضل «الطائرات المسيرة» التى كان لها مفعول السحر فى الاشتباكات، وذلك منذ تدخلها فى يناير الماضى.

صراع الهلال النفطى 

يشتد الصراع فى ليبيا حول مَن يسيطر على منطقة الهلال النفطى، الواقع معظم أجزائه فى إقليم برقة (شرق)، لكن إقليمى طرابلس (غرب) وفزان (جنوب غرب) يستحوذان على أكثر من ثلثى إنتاج وصادرات البلاد من الغاز الطبيعى، وعلى أكبر حقل نفطى.

وتستحوذ قوات الجيش الوطنى بقيادة «حفتر» على الهلال النفطى، بما فيه جميع حقول النفط والموانئ النفطية الأربعة (السدرة، راس لانوف، البريقة، الزويتينة)، إضافة إلى ميناء الحريقة بمدينة طبرق أقصى الشرق، لكن المنطقة الغربية (إقليم طرابلس)، الخاضعة حالياً لقوات الوفاق تسيطر على ميناءين نفطيَّين (الزاوية ومليتة)، وثالث عائم (ميناء غزة)، وعلى أنبوب وحيد فى البلاد لتصدير الغاز، فضلاً عن حقلين بحريين للنفط والغاز، وحقل الحمادة الحمراء النفطية.

وفى الوقت الذى تخضع فيه مجمع أجزاء المنطقة الجنوبية (إقليم فزان)، لقوات حفتر، تتواجد بها وحدات عسكرية تابعة لقوات الوفاق، خاصة فى مدينة مرزق (تسكنها قبائل التبو)، وفى محيط مدينتى أوبارى وغات (تقطنهما قبائل الطوارق).

ويضم إقليم فزان أكبر حقل نفطى بالبلاد، وهو حقل الشرارة، وإلى الجنوب منه حقل الفيل. وقريب من الحدود الجزائرية يقع حقل الوفاء، أحد أكبر حقول الغاز الطبيعى، الذى يعد امتداداً لحقل عين أمناس بالجزائر.

قدرات انتاجية مهدرة 

إن كان الهلال النفطى يستحوذ على 80 % من المنشآت النفطية فى البلاد، فإن المنطقتين الغربية والجنوبية تملكان أكثر من 68 % من إنتاج الغاز الطبيعى فى البلاد.

وتمتلك ليبيا احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعى تبلغ 55 تريليون قدم مكعبة، لكن هذه الاحتياطات غير مستغلة بالشكل الكافى، بسبب قلة الاستثمارات المحلية والأجنبية، فضلاً عن الأوضاع الأمنية، بالإضافة إلى المنافسة الشرسة على الأسواق الأوروبية، خاصة من روسيا وغازها الرخيص، وأيضاً دخول الولايات المتحدة مؤخراً السوق الأوروبية بفضل الغاز الصخرى، ناهيك عن استعداد عدة دول إفريقية لتصدير الغاز إلى أوروبا، على غرار موريتانيا والسنغال، بالإضافة إلى نيجيريا، ومن ثم لا يتم إنتاج سوى نحو 2.2 مليار قدم مكعبة فقط كمعدل سنوى، منها 1.5 مليار قدم مكعبة من المنطقتين الغربية والجنوبية، و700 مليون قدم مكعبة من المنطقة الشرقية، أغلبها من حقل «الفارغ».

ويحتوى حقل البورى النفطى والغازى قبالة السواحل الليبية، على احتياطات مهمة من النفط والغاز، تصل إلى 2 مليار برميل من النفط، وينتج 30 ألف برميل يومياً، حيث يعد أول حقل نفطى بحرى فى ليبيا، بعد اكتشافه فى 1976، وتم تشييد ميناء عائم بالقرب منه، يسمى ميناء غزة، ويعتبر بمثابة ميناء نفطى، لكن على البحر.

أما حقل بحر السلام، والذى يقع قبالة الساحل الغربى لليبيا، فينتج نحو مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعى، فيما ينتج حقل الوفاء الواقع على بعد 160 كلم جنوب مدينة غدامس (جنوب غرب طرابلس) 37 ألف برميل من النفط والمكثفات و22.5 ألف برميل من الغاز الطبيعى المسال.

ويبقى حقل الشرارة النفطى فى أقصى الجنوب الغربى بلا منازع بإنتاج يفوق 300 برميل يومياً قبل الإغلاق، إضافة إلى حقل الفيل الذى يُقدر إنتاجه بأكثر من 100 ألف برميل يومياً.