الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
مش هنسلم مش هنبوس!

مش هنسلم مش هنبوس!

عادة يزدهر الإبداع مع الأزمات أو الحروب والشدائد، وربما يولد مبدعون جدد من رحم تلك الظروف القاسية.. وهو ما حدث كثيرا، مثلما حدث أثناء حرب أكتوبر، عندما أقام المبدعون فى استديوهات الإذاعة لإنتاج أغان مازالت تعيش فى وجداننا، رغم أن صناعتها لم تستغرق سوى ساعات!..كذلك كان المبدعون يشعرون بمواجع الوطن، ويساهمون فى الحملات القومية لدرء الخطر، كحملات الوقاية من البلهارسيا «طول ما ندى ضهرنا للترعة عمر البلهارسيا فى جتتنا ماترعى».. وحملات تنظيم الأسرة التى كانت تُردد أغانيها مثل: «حسنين ومحمدين»..وغيرها من الحملات الإعلامية الناجحة التى ظلت كلماتها راسخة فى وجدان المصريين، وكان لها أكبر الأثر.. وخاصة حملات التطعيم ضد شلل الأطفال، والتى وصلت نتائجها إلى درجة القضاء على المرض..أتذكر كل ذلك ونحن نحيا أزمة لم تمر بالبلاد، ولم يعشها كل العباد!.. وذلك بأن تغلق كل أبواب العالم فى وجه سكانه، وتغلق أبواب المودة بيننا وبين أهلنا المقربون!.. نعانى جميعا من خطورة الفيروس الضئيل المخيف كورونا، ونشاهد عذابات المرضى وفقدان الأعزاء.. كما نعانى البعد عن الأحبة، وعن ممارسة العمل والرياضة، وكل ما نقوم به من أنشطة تمثل لنا مقومات الحياة!!.. ورغم هذه المعاناة التى تضيق بها نفوسنا، لم نشاهد حملات توعوية بشكل جذاب يرسُخ فى الأذهان، ويوضح خطورة الفيروس وكيفية الوقاية ورفع المناعة، وطرق وأماكن العلاج.. أخفق المبدعون وكأننا فقدناهم جميعا بلا سابق إنذار!!.. بالقطع هناك إعلانات (رسائل إعلامية)، ولكنها جافة كئيبة، تستعرض كيفية التعامل مع المصابين الذين يتلقون العلاج بمنازلهم، والتى بها من التحذيرات ما يقبض القلب، ولا يتواءم مع واقعنا من الإقامة فى غرفة منفصلة وحمام منفصل!!.. وغيرها من تعليمات لا يتحملها أناس يعانون لتوفير لقمة العيش.. وأتساءل: أين الإعلانات الموجهة للأطفال الذين من المفترض سنبدأ فى الافراج عنهم خارج البيوت، بعد فتح النوادى وملء حمامات السباحة فى القرى السياحية، لينطلق أصحابها بأطفالهم لإطفاء نيران الحرمان من الخروج لعدة أشهر -تضمنت الشهر الكريم والأعياد المختلفة- هل تذكر أحد هؤلاء الاطفال؟.. لا أفلام كرتون موضحة ومفسرة، ولا أغانى لطيفة للوقاية والحماية تُحفظ وتردد فيما بينهم!.. لم يقدم خلال تلك الفترة الطويلة إلا إعلان قدمه المبدع الكبير والفنان القدير فى مجال الإعلانات العبقرى/طارق نور، على قناته الخاصة(القاهرة والناس) وهو: «مش هنسلم مش هنبوس مش هننقل الفيروس».. كلمات بسيطة خفيفة الظل، تبعث على التفاؤل والابتسام، وتحفظ من الوهلة الأولى، وتختزل التحذيرات الهامة.. وتمنيت أن يذاع على كل القنوات الفضائية والأرضية لتعم الفائدة.. وخاصة أنه لم يقدم عملا آخر يماثله، أو يقترب من نجاحه.. ولكن أيضا لم يحدث، ولم يهتم القائمون على وضع خطط تواجه ما نعانيه وتساعد فى علاجه، أوالتقليل من حدته!! هل طوال تلك الأشهر لم يستطع أحد كتاب الدراما كتابة حلقة -كالسهرات التليفزيونية التى كان ينتجها قطاع الإنتاج- أبطالها تماثل العائلة ومن خلالها يضع كل ما يجب عمله لكل الأعمار.. من كبار السن وحتى الأطفال والرضع!!.. وأين كتاب برامج الأطفال وصناع الحملات الإعلامية المدروسة، والتى تحقق فى دقائق ما يصعب تحقيقه فى عام من نقاشات برامج التوك شو المسائية وأبطالها المتفردين فى الإلقاء والمعرفة!!.. هل تم عمل لوحات إرشادية فى النوادى والشواطئ والكافيهات!!..كلنا نعلم أن الفيروس قاتل ونخشاه، ولكن المعاناة من العزل الاجتماعى الذى فُرض علينا، خلق داخلنا طاقة كبرى للتحرر، والبحث عن نسمات الهواء التى ربما مع الازدحام تحمل سلاحا فتاكا يقضى على كثير منا.. لقد سمعت العديد من المنظرين الذين يتداولون عبارة لا يطلق عليها إلا أنها من المضحكات المبكيات وهى: «نحن نراهن على وعى الشعب»..أى رهان؟! ومع من؟!.. وأين الوعى الذين يتحدثون عنه، رغم أنهم لم يقدموا سوى ما يطفئه؟!