الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الخبير الاقتصادى شريف دلاور: الدولة تدير توازنًا دقيقًا بين الحفاظ على صحة المواطن والحفاظ على معيشته

سألته عن الأزمة.. أزمة فيروس كورونا.. الأزمة التى لم تكن فى تقديرات أى دولة فى العالم.. والمسافة بين الإجراءات الاحترازية ومطالب الحياة اليومية الاقتصادية.. بين الحماية من الاصابة و«أكل العيش».. اقتصاد الدولة وضمانة الحفاظ على ما حققه وبين استحقاقات يدفعها كل صباح.. أجابنى الخبير الاقتصادى الكبير شريف دلاور، وجاء هذا الحوار:



 منذ بداية الأزمة من الواضح أن تحرك الدولة سواء من الناحية الصحية أو من الناحية الاقتصادية أو من الناحية الاجتماعية تحرك استباقى؟

الحقيقة الدولة تدير الأزمة بتوازن دقيق جدًا.. كى نستمر «منبهدلش الدنيا» فلدينا عمالة غير منتظمة ولدينا قطاع غير رسمى وعمالة موجودة فى المصانع.. فالدولة توازن بين الاحتياطات سواء بالحظر أو بالإغلاق أحيانًا وبين استمرارية العمل.. الزراعة الحمد لله لم تتوقف على العكس محصول القمح جيد وهو مهم جدًا بالنسبة لنا فى هذه الظروف.. هناك دول الآن تمنع تصدير القمح وأكثر من دولة من الكبار أعلنوا أنهم لن يصدروا القمح وعندنا فى مصر الدور ده محكوم وجيد جدًا.. تصدير الحاصلات الزراعية زاد عن العام الماضى والمواد الغذائية وغيرها.. لدينا تصدير 150 طنًا يوميًا بطائرات مصر للطيران مواد غذائية.. الخليج كله بيستورد مننا.. لا نتحدث على أن العجلة ماشية 100 % ، إنما هناك حركة جيدة فى الاقتصاد لصالح الصغار ولصالح محدود الدخل. الدولة اتخذت قرارات سريعة الحركة وأدارت بتوازن دقيق جدًا كمن يتحرك باستمرار على حبل مشدود..  توازن بين الحفاظ على صحة المواطن والحفاظ على معيشة المواطن.. والمعادلة هنا فى منتهى الصعوبة.. وأرى أن إدارة الدولة للأزمة جاءت بحنكة شديدة جدًا.

ولو لم يتم هذا التوازن وتم إقرار الإغلاق الكامل مثل دول كبرى فى الخارج؟

كل دولة ولها أوضاعها. هناك دول لم تغلق وهناك دول أغلقت بالكامل وهناك دول أغلقت بنسبة معينة مثلنا.. ونحن لنا وضعنا كدولة متوسطة الدخل بمقاييس الأمم المتحدة.. فنحن نراعى عددًا كبيرًا من العاملين الذين يعتمدون على الوظائف فى المصانع وغيرها.. ولذلك اتجهت الدولة للحزم التحفيزية للمشروعات الصغيرة والـ 100 مليار المقررة فى صور كثيرة.. تأجيل الضرائب والفوائد وغيرها.. حتى الإقرار الضريبى وكمان تخفيض أسعار الغاز للمصانع وأتوقع تحفيزات أخرى فكل هذه الأمور تدار بحكمة وحنكة.. كل ده عشان خاطر إيه؟!

كى تسير الحياة.. نعم.. لغرض الإبقاء على الأنشطة التجارية والصناعة، وبالتالى الإبقاء على العاملين فيها على قدر المستطاع وكان هناك تحذيرات شديدة من الحكومة حتى بالنسبة للفنادق بأن الذى سيسرح العمالة واللى «هيمشى» عاملين وموظفين لن يحصل على تحفيز مالى.. فحزمة القرارات الاقتصادية التحفيزية جاءت مشروطة بالحفاظ على العمالة.

وطبعًا هناك احتياطات أخرى تم اتخاذها بالنسبة لقطاعات تأثرت بشدة.. قطاع السياحة لا شك وقطاع الفندقة طبعًا.. قطاع المحلات التجارية وفى نفس الوقت لديك الجزء الآخر.. العاملين فى توصيل الطلبات «الدليفرى» شغالين «كويس أوى».. ولكننا سنتأثر بلاشك فى موارد النقد الأجنبى وهذا أهم تحدٍ للحكومة والشعب.. الحفاظ على النقد الأجنبى.

تقصد قناة السويس والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج؟

التأثير على قناة السويس ليس كبيرًا.. ولكن تحويلات العاملين فى الخارج ستتأثر سلبًا فى الفترة القادمة وموارد النقد الأجنبى من السياحة.. وهذا كله كان حصيلة مهمة من النقد الأجنبى تتحقق.. ثم المستثمرون الأجانب فى أدوات الدين وخرجوا.. والاحتياطى من النقد الأجنبى انخفض بـ 5 مليارات - حتى كتابة هذه السطور- ومع ذلك لا تنسى أنه من جهة أخرى حتى لو الناس ليست سعيدة به.. حدث وفر نتيجة توقف الحج والعمرة بما يقترب من 10 مليارات هذا العام.. إذا هناك أمور تأثرت وأمور عملت توازن معك وبلاشك النهارده ستأخذ النقد الأجنبى من بنود لتعوض فى بنود أخرى.

طلبنا حزمة مساعدات مالية من صندوق النقد الدولى؟

نعم طلبنا.. وهناك 92 دولة طلبت قبلنا من صندوق النقد يعنى لسنا أول ناس ولسنا وحيدين فى الطلب.. هناك 92 دولة تقدمت عشان تاخد من صندوق النقد حزم مساعدات مالية.. وهناك دول صرفت هذه المساعدات.. نيجيريا حصلت على 4 مليارات وشوية والمغرب أيضًا.. والناس التى تتحفظ على الإجراء لا تعلم أن هناك تخصيصًا من البنك الدولى وصندوق النقد فى تخصيص حزم مالية مساعدة فى ظروف كالذى يمر به العالم الآن يجب أن تتبع وهناك ترليون دولار مخصصة لمساعدة الدول كلها، ويجب أن تتأكد أننا سواء مسئولين أو غيره على دراية وحضرتك منهم على دراية بما تم ويتم فى العالم.. احنا «مش بنخترع» نحن نرى ما تطبقه دول ونطبق ما يناسب بلدنا.. ولدى بيان بالحزم التحفيزية فى العالم كله بنفس المنطق، لكن كل دولة ولها خصائصها سواء اليوم أو برامج ما بعد رفع الحظر.

يعنى عند التفكير فى تخفيف الحظر النهارده.. كيف سيكون حال الطيران وكيف سيكون الانتقال من دولة إلى دولة.. وأرى أن مجلس الوزراء والأجهزة المختصة السياسية والسيادية المختصة تتابع كل ما هو يدرس فى العالم النهاردة لإعادة الحياة الطبيعية فبالتالى لا تؤخذ القرارات ونحن بمعزل عن العالم.. لا.

ناخد قرارات ونحسب الجوانب الأخرى ونرى الدراسات التى تصدر.. وهذا تجده فى بيانات وزارة التخطيط.. بيانات الأمم المتحدة تعلنها وزارة التخطيط وكل هذا يعنى أننا لسنا منعزلين عما يتم فى العالم و«قاعدين نعمل حاجة لوحدنا».. لا نحن ندرس التجارب كلها وطبعًا منظمة الصحة العالمية وضعت قواعد وبنتبعها ونشوفها ونرى ما يناسبنا منها.. وهذا فى صالح الاقتصاد حتى ما بعد الأزمة.. المهم فى هذه الفترة المرور بسلام.

 المرور بسلام؟

المرور بسلام فى الشقين .. الشق الصحى والشق الاقتصادى وحتى اكتشاف المصل الناجز.. وإجراءات الدولة حتى الآن تنطلق من حكمة المرور بسلام فى هذه المرحلة.. لسلام معيشة المواطن وسلام لصحة المواطن.. واعتقد أنها ستستمر بقدر كبير من الكفاءة والفاعلية.. لأنه من يمر بسلام فى هذه المرحلة سيتمكن من الاستمرار بسلام بعد الأزمة.. ثم ستأتى الانطلاقة التى من الممكن أن تكون أقوى مما يظن البعض.

 الانطلاقة؟

نعم انطلاقة لمن سيمر من هذه الأزمة.. بمعنى أنه إذا كان هناك مريض وسط مرضى يمر بسلام من مرضه هو من سيستطيع النهوض محافظًا على قدراته وإمكانياته على عكس من سيستغرقه المرض.. هناك دول بعد الأزمة ومصر ليست منها الحمدلله.. لن تصبح فى صورة اقتصادية جيدة.. ودول كثير ستزداد فقدًا ودول ستسقط فى مستنقع الفقر، وبالتالى سيكون لها تبعية شديدة للدول الكبرى.

الدول الكبرى تعانى، لكن مهما كانت معاناتها ستخرج من الأزمة عاجلاً أم آجلاً.. أفريقيا مدينة فقط للصين بـ 468 مليار دولار.. نصيب مصر لا يتعدى 15 مليارًا من مشروع الحزام والطريق الذى بدأ فى 2014 ومنها 3 مليارات فى العاصمة الإدارية فا احنا وضعنا جيد وباقى الديون المصرية نقدر نتفاوض عليها ديون طويلة الأجل بعض ديون للدول العربية ودائع بنجددها، لكن ماذا ستفعل أفريقيا هتعمل فى ديونها بها من الدول التى ستقع فى الفقر.. وهذا ما أقصده بأن نمر بسلام.

ولكى نمر بسلام يجب أن يكون واجبًا علينا جميعا كمصريين.. شعب مصرى ومؤسسات وقطاع صناعى واتحاد صناعات وغرف تجارية وحكومة مصرية.. كلنا.. يجب علينا الحفاظ على النقد الأجنبى «مفيش داعى» للاستيراد.. كلنا فى مركب واحدة.. استيراد كل ما هو ضرورى فقط.. هو الذى يخصص له العملة، أما غير ذلك أبدًا.. لأننا لا نريد العودة لوضع 2016.. يجب الحفاظ على سعر الصرف فى ظروف تأثر موارد النقد الأجنبى وهى ظروف عالمية ليست فى أيدينا بالعكس هناك عمالة مصرية عائدة من الخليج فيجب الحفاظ على سعر الصرف.

وهذا يتطلب ليس فقط إجراء حكوميًا.. وإنما حكومة واتحاد صناعات واتحاد غرف تجارية كيف نوفر فى النقد الأجنبى فى هذه الفترة وهو أمر شديد الأهمية.. ولو كان قد تم منذ تحدثت معك على صفحات المجلة منذ سنة ونصف السنة.. وتمت المحافظة على النقد الأجنبى كان الاحتياطى سيصبح 100 مليار دولار وليس 45 فقط.. ولم نكن لنفكر فى أى مشكلة لأن كان هيبقى عندك دايما «القرش» الموجود على جنب وكنت ستستخدمه وقت الطوارئ، ولكن كان هناك إسراف فى النقد الأجنبى غير مبرر.

 إسراف حكومى؟

لا.. إسراف غير حكومى طبعًا.. فى الاستيراد الحكومة لا تصرف غير فى المشروعات.. أنت تعرف المولات معمولة.. وهو ما كنا نطالب به اتحاد الصناعات اتحاد الغرف أن يكون على الأقل 60 % من مبيعات المولات منتجات مصرية، لكن دلوقت بيقولوا لازم نعمق الصناعة أيوه طبعًا من زمان لازم نعمق الصناعة.

البعض من رجال الأعمال طالب بإنهاء الإجراءات الاحترازية بغض النظر عن تأثر الحالة الصحية العامة أو حتى ارتفاع الإصابات والوفيات؟

طبعًا هناك آثار للإجراءات الاحترازية وهى التى تحدث الآثار وليس فيروس كورونا والذى تأثيره على الصحة فقط.. فإن كنت قد تركت الدنيا مفتوحة كانت الصحة ستتأثر بشدة وكانت ستؤدى لأعداد هائلة من الوفيات، ولكن الإجراءات الاحترازية هى اللى أثرت على الاقتصاد والأعمال، وكما قلت من البداية الدولة أدارت توازنًا دقيقًا بين الاتنين لأن كل العوامل الاحترازية تسبب خراب بيوت، ولكن ليس معنى هذا أن أوافق على مثل هذه المطالبات.

أيوه نفتح ولكن بشروط.. فقبل ما رجل أعمال أو صاحب مصنع أو رأس مال أو شركة أو أيًا كان بدون ذكر أسماء يطالب بإنهاء الإجراءات الاحترازية عليه أن يقول كيف سيوفر الحماية الصحية للعاملين عنده وموظفيه ما هى الحدود؟.. ولا يلقى بمسئولية القرار على الدولة.. بمعنى أن يأتى اتحاد الصناعات وتأتى الغرف التجارية وكل رجال الأعمال التى تريد إنهاء الإجراءات ويقدم كل منهم البروتوكول الصحى الذى سيطبقه طبقا لتعليمات الامان ولا يلقى بالمسئولية على الدولة.

أنا رجل أعمال ولدىّ مصنع وطبقًا لطبيعة الصناعات أقول النهارده عندى كذا والتعقيم بهذه الطريقة.. وسأتعامل مع العاملين بهذا الأسلوب والورديات ستكون على هذا الشكل ونقل العمال بهذه الطريقة وأطرح كل الاحتياطات، وبالتالى أحصل على موافقة الدولة، لكن أقعد أتفرج وأقول كلمه فى تليفزيون ولا فى قاعدة وأقول ما تفتحوها ما اللى يموت يموت ده كلام تحاسب عليه.. خد مسئولياتك وعندما تطالب بإنهاء الإجراءات والفتح.. نعم .. ولكن بأية شروط وأية ضمانات؟

مسئولية الدولة تتعلق بالنقل العام بالشوارع لكن أنت داخل مصنعك حط بروتوكول وخد موافقة.. مركز تجارى اعتمد برتوكول تعامل كمركز تجارى شوفوا العالم بيعمل كله إيه اقترح وحط اقتراحاتك يبقى أنت تساهم مع الدولة على الأقل قدم مقترحاتك.. النهارده انتظرنا الدولة لتحدد للفنادق 25% فقط والطرابيزه 5 أفراد.. ألم تكن قادرًا على اقتراح هذا البروتكول قبل أن تخرج للتليفزيون.. أن تلقى بمسئولياتك على الحكومة وهذا لا يجوز.. يجب أن تكون المشاركة واسعة.. الموضوع لا يخص الحكومة لوحدها.. أما أن تقول نفتح واللى يجرى يجرى.. هذا كلام يجب أن تحاسب عليه.

إلى أى مدى أتاح الإصلاح الاقتصادى القدرة للدولة فى التعامل مع أزمة كورونا؟

أولا لا أريد استخدام هذا التعبير.. لولا الإصلاح الاقتصادى.. لانه تعبير جانب صاحبه الصواب فى قوله.. لأنه لو لم يتم الإصلاح الاقتصادى لم نكن لننتظر أزمة كورونا حتى نسقط، ولكن كنا سنسقط قبل أزمة كورونا بكثير.. وكلنا عارفين .. ألم يقل هذا الكلام كل المسئولين.. رئيس الوزراء وقتها وغيره ومن قبله ومحافظ البنك المركزى ألم يقولوا فى 2017 فى بدايتها بعد كام شهر من الإصلاح إنه لو لم يتم الإصلاح كنا سنفلس كلهم قالوها وليس أنا.. كورونا «ملهاش دعوة».

أنا أكتر من طالب بالإصلاح الاقتصادى لكن القواعد الإنتاجية والخدمية للقوات المسلحة هى التى أعطت الدولة القدرة على مجابهة هذه الأزمة و«خلاتنا نقف على رجلينا» فى هذه الفترة وهذا ما كان يجب أن يقال وهو حق.

أليست القوات المسلحة فى أزمة كورونا هى التى أخرجت بكثافة سيارات الأمن الغذائى وهذه الأعداد من سيارات الإسعاف.. أليست هى التى قامت بحملات التطهير.. ألم تفتح كل مستشفياتها العسكرية لاستقبال الحالات.. أليست هى التى توزع الكمامات مجانًا للمواطنين.. النهارده وزعت فى الإسكندرية على الناس مجانًا.

أليست مصانع الإنتاج الحربى تنتج كل ما هو يخص الأجهزة والمعدات الطبية وكبائن التعقيم.. شبكات الطرق كى تكون الإمدادات سريعة التوزيع.. محطات البنزين التى عملت التوازن مع محطات القطاع الخاص فانتهى تهريب الوقود واختفى الذين كانوا يتلاعبون أثناء الأزمات.

الصين بعد كورونا.. كيف ستصبح وسط العالم؟

الصين أثبتت أنها قوة تكنولوجية لاشك.. قوة تكنولوجية ديكتاتورية استخدمت التكنولوجيا فى تتبع المواطنين قبل الكورونا ونجحت فى مواجهة الكورونا بواسطة ديكتاتورية للنظام نتيجة الرقمنة، وهو ما كان موجودًا على الموبايل بالإشارات الأحمر والأخضر كنظام أمنى، ولكن الصين ستواجه مشاكل كبيرة.

أولاً.. الصين كانت تعتمد على الصادرات وستواجه مشاكل فى صادراتها وهى بلد أقيمت على مبدأ الصادرات.. ثانيًا.. الصين اعتمدت على وجود عدد كبير من مصانع العالم التى انتقلت إليها الآن كل دولة تفكر كيف تعود مصانعها إليها.. اليابان قدمت حوافز لعودة المصانع اليابانية لليابان.. أمريكا حتى قبل الكورونا وزادت بعد الكورونا.. أوروبا نفس الاتجاه إذا الصين ستواجه طبعًا بخروج كثيف من الشركات الدوليه العالمية الأوروبية والأمريكية والآسيوية.. فالتفكير السائد الآن هو تعميق الصناعة المحلية لأن الدول اكتشفت أنها فى أزمة الكورونا «عريانة» فيجب عودة قواعدها الصناعية إلى داخل حدودها.

ثالثًا إذا تم إثبات أن الصين تلكأت فى الإعلان عن أول حالة فستخضع لكثير من النقد العالمى قد يؤثر على سياستها الخارجية وعلى تجارتها الخارجية وعلى مكانتها الدولية وستصبح مطالبة بتعويضات تتجاوز 165 مليار دولار.. الصين ستواجه مشاكل وأوروبا أيضًا.

أوروبا؟

نعم .. كل دولة ستنغلق على نفسها كل دولة ستقول أنا الأولى.. ونحن فى مصر اعتقد أننا سنفكر بهذا الأسلوب فى نوعية الاكتفاء الذاتى وإحلال الواردات.. وبلاشك أن العولمة بمفهومها والتجارة العالمية لن تكونا بمثل ما قبل «كورونا».. سيكون هناك تبادل تجارى فى الأساسيات بمعنى المزايا النسبيه وليس كما كانت.. وبالذات فى المواد الأولية أنت مثلاً عندك الألمونيوم ساخد منك.. أخشاب ساخذ منك.. سنعود إلى فكرة المزايا النسبية وليس فكرة رخص العمالة.. وأهم نقطة للاقتصاد المصرى هو الذى نتحدث عنه من زمان.. القاعدة الإنتاجية المصرية.. الصناعة المصرية.. تعميق الصناعة فى مصر.. الزراعة والتصنيع الزراعى.. موضوع المياه وتوفير المياه فى للزراعة.. لأن اقتصاديات الزراعة من أهم ما يمكن فى الاكتفاء.. فى الفترة القادمة ستمنع الدول هتمنح صادرات غذائها.. فالعملية أصبحت إعادة النظر فى الواردات وقدر كبير من الاكتفاء الذاتى كل ده فى اعتقادى هتكون استراتيجية مش بس مصر كل الدول وحركة التجارة هتكون موجودة، ولكن فى المزايا النسبية للدول.

وفى اعتقادى أيضًا أنه سيكون هناك نوع من القيود على حركة تنقل الأموال فى العالم والتى تتنقل بطريقة حرة وسندات وبورصات واستحوذات.. سيكون هناك قيود.. لا أقول إنها ستمنع ولكن كل دولة ستريد الحفاظ على اقتصادها من الهزات.. ستختفى العولمة السابقة.

إذن سننتظر دولًا أخرى غير ما كانت قبل «كورونا»؟

قبل «كورونا» بصفة عامة كنا نتحدث عن الصراع بين الصين وأمريكا.. كنا نتحدث عن الحروب التجارية مع أوروبا وكنا نتحدث عن تفكك أوروبا وبريكسيت وإيطاليا والأزمة فى اليونان والأزمة فى البرتغال والأزمة فى إسبانيا والاتجاه اليمينى والانعزالى والسترات الصفراء فى فرنسا وغيرها.. كنا نتحدث عن نمط إنتاجى جديد نتيجة الثورة الصناعية الرابعة والطبعة ثلاثية الأبعاد.. التحول الرقمى وكل هذا فى البنوك وفى الحياة كنا نتحدث عن كل ما يتم الآن.. العالم قبل كورونا كان فى حالة مخاض وكنا نتوقع أن هذا بياخد حتى 2030 حتى فى كلامنا إلا أن «كورونا» تسببت فى ولادة قيصرية لهذا النظام الجديد.. كورونا لم تأت بنظام جديد.. فقط أوجدت ظروف استثنائية جديدة أسرعت من التحول.. حتى العولمة بشكلها القديم لم تكن لتستمر الدليل أن أمريكا أصبحت أمريكا أولاً وغيرها.

عملية قيصرية لنظام كان فى المخاض.. كان هناك عولمة قبل الحرب العالمية الأولى ولم يكن الباسبور معروفًا.. نظام عالمى جديد بعد 1918.. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ظهر نظام عالمى جديد بين الشرق والغرب.. معسكر الشرق والحرب الباردة ودخلنا فى عالم آخر، ثم بعد ما حدث فى التسعينيات وانهيار الاتحاد السوفيتى وسقوط حائط  برلين.. التحول لاقتصاد السوق وظهور الصين كورشة للعالم وثورة المعلومات والاتصالات فى ذات الوقت.. النظام العالمى الذى نشأ فى التسعينيات نهايته ما يحدث الآن بعد أن استمر حوالى 30 سنة .. لا يوجد نظام عالمى مستمر للأبد.

إذن نحن ننعيش نقلة جديدة فى تاريخ البشرية؟

بالتأكيد.. نقلة جديدة فى تاريخ البشرية.