الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الوزيرة نبيلة مكرم.. كورونا غيّر صورة المصريين فى الخارج

ريشة: جمال هلال
ريشة: جمال هلال

رقيقة بحزم، هادئة وتعرف الأصول، تجيد ترتيب الجملة، لتوصل ما تريده بالضبط، مبدعة هى فى الإدارة التى اكتسبتها عبر صعودها درجات السلم الدبلوماسى، وبدأبها وحماسها وإخلاصها استطاعت أن تغير وجهة نظر كثيرين فى عمل المرأة فى الخارجية.. تعشق تراب الوطن وتدافع عنه من أقصى مكان فى العالم، وتسافر آلاف الأميال لتطمئن مواطنا بأنها بجانبه، وتتحدث إلى أم مصرية «عالقة فى غرفة الولادة» بولاية أمريكية، لتقول لها أنها ووليدها فى يد الله وفى قلب الوطن.. هى السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين فى الخارج،  التى أصقلت شخصيتها مدرسة «سانت جان أنتيد» التى أسستها راهبات المحبة «البيزنسون» قبل 85 عامًا، والتى تحرص على زيارتها حتى الآن، وهى تتذكر معلمتها القديرة «سير بولين» التى غرست فيها الإبداع والنقد وقبول الرأى الآخر ومواجهة التحديات.. فجأة وجدت نفسها فى مرمى نيران فيروس كورونا، وقبلت التحدى، فكان لنا هذا الحوار فى مكتبها بقاعة المؤتمرات.



• متى بدأت وزارة الهجرة الاستعداد لعودة العالقين المصريين؟ 

- قبل أزمة العالقين، بدأنا نسمع بالعالقين المصريين على أرض الدولة، بعد أن علّقت الكويت والسعودية الطيران وأغلقت المطارات، تقريبًا فى أواخر فبراير، فقد كان بعض المصريين العاملين هناك يقضون إجازة فى مصر، وبدأوا يستغيثون من أجل العودة، فشكلت غرفة عمليات بوزارة الهجرة، لنتلقى كل الطلبات، عبر الواتس آب أو الميل أو الصفحة الإلكترونية للوزارة. هدف غرفة العمليات أن نعرف أعدادهم بالضبط، ونطمئنهم، ونتحدث مع الدول الأخرى، عن كيفية إعادتهم وأوضاعهم القانونية حتى لا يفقدوا إقامتهم أو أعمالهم.

الكويت طمأنتنا بأنهم سيمدون سريان إقامة العالقين وسيمدون إجازاتهم ولن يفقدوا وظائفهم، وكذلك فعلت الإمارات، وبينما نحن نعمل فى هذا الاتجاه، تطورت الأزمة من أناس يستغيثون من داخل الدولة، إلى أناس يستغيثون من خارج الدولة، بعد أن أغلقت مصر مطاراتها أيضًا.

البعض كان يحضر مؤتمرًا أو فى زيارات أو فى رحلة سياحية، جمعت هذه الحالات، واقترحت على مجلس الوزراء تشكيل لجنة من وزارات الهجرة والخارجية والطيران والصحة، برئاسة دولة رئيس الوزراء، لأن الأمر أصبح يقتضى عملا مؤسسيًا، ووافق دولة الرئيس على تشكيل اللجنة.

وجدنا أن البعض لا يعرف المقصود بكلمة «عالق» بعد أن وجدنا شخصًا يرسل رسالة إلينا ويقول إنه عالق منذ سبع سنوات فى السعودية، فحددنا معنى العالق بأنه من كان فى زيارة أو يحضر مؤتمرًا أو نشاطًا علميًا أو ثقافيًا أو سياحة أو من ذهب للعلاج، أو الطلاب الذين أصبحوا عالقين بسبب تعليق الدراسة وإغلاق المدن الجامعية، فلا يوجد أمامهم مكان يذهبون إليه، بالإضافة إلى استغاثات أهلهم فى مصر لإعادة أبنائهم. من خلال القنصليات والسفارات تلقينا أعدادًا كبيرة، فاقترحت فرز هذه الأعداد من خلال أن يكون الفيصل هو «ختم» الخروج من مصر على جواز السفر، فقلت الأعداد بالفعل. وكانت أول طائرة لإعادة العالقين هى المملكة العربية السعودية، لإعادة المعتمرين الذين أنهوا العمرة ولم يستطيعوا العودة، بالإضافة إلى من كانوا فى زيارات عمل أو غيرها.

• على أى أساس وضع جدول رحلات إعادة العالقين؟

- أكبر تجمع للعالقين كان فى الخليج، شريحة المعتمرين كانت الأكبر، بالإضافة إلى أن اهتمام الدولة دائمًا يتجه للعمالة المكافحة، فكانت البداية للسعودية، عبر خمس رحلات إلى جدة والرياض وأبها والدمام والمدينة، ثم للكويت، كل هذا فى إطار العالقين وليس العاملين، يعنى حالات إنسانية أو من كانوا يحضرون اجتماعات أو سياحة وغيرها.  بعدها اتجهت الرحلات إلى إنجلترا ثم فرنسا وأمريكا، وكلها طبقًا لأولوية كثرة الأعداد فى كل بلد، بالإضافة إلى عوامل أخرى، مثل موافقة الدولة الأخرى للسماح للطائرة المصرية بالهبوط فى مطارها المغلق، وأيضا موافقة الدول التى ستمر من فوقها الطائرة «تصريح مرور»، والتنسيق مع عدة دول فى منطقة واحدة مثل دول فى أفريقيا أو فى الشرق الأقصى، بها أعداد قليلة فى أكثر من دولة، لتمر الطائرة لأخذهم من كل مطار. اكتشفنا بعدها أن أغلب العائدين لم يلتزموا بالعزل المنزلى، وفقًا لبروتوكول تتبع العائدين، وتعالت أصوات فى الداخل تقول لماذا تعيدون العالقين، الذين قد يتسببون فى انتشار الفيروس بطريقة أكبر. فبدأت اللجنة تفكر فى أمر العزل الصحى للعائدين، حفاظًا على سلامة المواطنين فى الداخل أيضًا، وتوقفت رحلات الطيران لفترة أسبوعين أو ثلاثة تقريبًا.

«كلنا سند لبعض»

تكمل السفيرة نبيلة مكرم: خلال فترة توقف رحلات عودة العالقين فكرنا فى وزارة الهجرة أن نساند العالقين المصريين فى أماكنهم، فأطلقنا مبادرة «كلنا سند لبعض»، البعض نفدت نقوده، البعض انتهى ما كان معه من علاج وليس لديه تأمين صحى فى تلك البلاد، والفنادق أصبحت ترفع الأسعار، والأوضاع أضحت صعبة. قسمنا المبادرة على جزءين، الأول المصريين فى الخارج، والثانى شباب المصريين فى الخارج من الجيلين الثانى والثالث، وهؤلاء اهتموا بشريحة الطلبة، الذين كانوا فى حاجة إلى دعم معنوى، بعض الفتيان كن فى حالة انهيار. الجيلان الثانى والثالث من المصريين فى الخارج، اهتمت بهم الوزارة خلال السنوات الماضية، ونظمت لهم أكثر من 19 دورة، بالتعاون مع أكاديمية ناصر العسكرية، حول الأمن القومى المصرى، وجولة فى البرلمان والمجلس القومى للمرأة وبعض المحافظات المصرية، شاركوا خلالها فى أنشطة مختلفة ليشعروا أنهم من البلد، ولذا كانوا جاهزين عندما طلبنا منهم المشاركة فى مبادرة كلنا سند لبعض. بعد أن تنتهى الأزمة، سنسمع عن قصص إنسانية كثيرة مما فعله هؤلاء الشباب مع الطلاب المصريين وغيرهم، من هذه القصص أن سيدة كانت قد سافرت لأمريكا، لتلد هناك مثلما يفعل البعض من أجل الحصول على الجنسية، كلمتنى وهى فى غرفة العمليات، وكانت خائفة فطمأنتها وقلت لها نحن معك، الاتصال المباشر بين المسئول والمواطن، يجعله مطمئنًا أن المسئول يسمعه. وولدت الأم وأصيبت بكورونا وهى فى المستشفى، وتسلمت الطفل إحدى شابات مصر من الجيلين الثانى والثالث، «إيمان وهدان» وتكفلت برعايته فى بيتها. قصة أخرى عن سيدة مصرية كانت عالقة فى كندا، وتعانى من الربو، فتولى الأطباء المصريون أمر العلاج والأدوية مجانًا، وشعرت أن هناك من يساندها. ماحدث فى أزمة كورونا حطم التابو أو الصورة الذهنية التى كانت تقول إن المصريين ينافسون بعضهم بقوة فى الخارج أو هم غير متعاونين مع بعضهم، لتصبح الصورة الآن «المصريون جدعان أوى مع بعض بره، يقفون بجانب بلادهم وأهلهم». كان من بين هؤلاء العالقين أيضًا 100 مصرى كانوا يحضرون مؤتمرًا فى كينيا، فتحدثت إلى البابا تواضروس، فوجه رئيس الكنيسة المصرية فى كينيا باستضافتهم فى دار الاستضافة التابعة للكنيسة، وأعطوهم أيضًا ما يكفى مصروفهم اليومى، حتى جاء دورهم -عودتهم- فى جدول رحلات العالقين.  ولازلنا نتابع العالقين من خلال المبادرة التى تعمل حتى الآن، وتعطى صورة مصر الجميلة، والتى أريد أن أجمعها بعد الأزمة من خلالهم، ومن خلال ماسيكتبونه على الصفحة الإلكترونية التى أطلقناها قبل أيام، تحت عنوان شباب مصر فى الخارج».

مخالفو الإقامة

خلال فترة توقف رحلات العائدين، ظهرت مشكلة مخالفى الإقامة في  الكويت، الذين وصل عددهم إلى 5300 مواطن مصرى، سواء منهم من لم يتقدم لتجديد الإقامة أو لم يدفع الرسوم، المهم أن دولة الكويت قررت ترحيل كل من ليس لديه إقامة سارية من كل الجنسيات. وبدأت الحرب ضد مصر، الحرب مستمرة طول الوقت، لكن تشتد خلال الأزمات، وبدأت كتائب إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعى تشكك فى نية الدولة فى إعادة مخالفى الإقامة فى الكويت، وتروج لأن الدولة المصرية تهتم بالشرائح الغنية و «أولاد الأكابر»، ولا تهتم بالعمالة المكافحة، لتغذية المشاعر السلبية فى نفوس المواطنين المصريين فى الخارج. كانت الكويت قد وضعتهم فى معسكرات، وهى فى الحقيقة شاليهات مكيفة، ووفرت لهم وجبات الإفطار والسحور والرعاية الطبية اللازمة. عرضت مذكرة على دولة رئيس الوزراء، خلال اللجنة الدائمة لأزمة العالقين، أشرت فيها إلى تصاعد رسائل طلبات العودة منهم، وكان الرئيس السيسى قد تحدث بشكل مباشر عن العالقين، وقال إن المواطن المصرى يأتى على قمة أولويات مصر، بصرف النظر عن أى خسائر يمكن أن تتكبدها الدولة، وقال صراحة: «مش هنسيب حد»، مما أعطى أعضاء اللجنة دفعة قوية، للنظر فى سرعة إعادة العالقين من الحالات الإنسانية ومخالفى الإقامة. كل هؤلاء من غير الثلاثة آلاف عالق الذين تم رصدهم فى البداية فى الدول المختلفة، والذين قد تزايد عددهم فيما بعد، بعدما اكتشف كثيرون أن عليهم التواصل مع السفارات المصرية والقنصليات، فى كندا مثلا كان أمام الطلبة إما العودة فى رحلات العالقين، أو الانتظار حتى أداء الامتحانات التى كانت على الأبواب وقتها، وكانت هناك رحلة لكندا تحمل كنديين إلى هناك، ونريد أن نستثمرها فى إعادة العالقين المصريين، فعادت بالحالات الإنسانية والمرضى وغيرهم من العالقين وطمأنا الطلبة إلى أننا سنستأنف الرحلات مرة أخرى، لإعادتهم بعد انتهاء الامتحانات.

مدن العزل فى الجامعات

انضمت وزارتا التضامن والتعليم العالى للجنة وزارات أزمة العالقين، بعد أن رأت الدولة أهمية وضع القادمين فى حجر صحى لمد14 يومًا، حماية للوضع الصحى فى مصر، واستضافة غير القادرين مجانًا فى المدن الجامعية، وتساهم التضامن فى توفير الخدمات المعيشية المختلفة، أما من يريدون الإقامة فى فنادق فيتحملون التكاليف. الرحلة التى كانت على نفقة الدولة فى الفنادق هى رحلة أمريكا الأولى، بقرار من رئيس الجمهورية، بعدما حدث من بعض القادمين من الكويت فى الطائرة الأولى، والذين رفضوا الحجر الصحى ورفضوا دفع نفقات الإقامة بالفندق. وقد أعطى دولة رئيس الوزراء توجيهات بسرعة فى إعادة أغلب العالقين ومخالفى الإقامة، قبل عيد الفطر المبارك إن شاء الله. ولا أنسى هنا أن أذكر مساهمات رجال أعمال مصريين فى الخارج منذ بداية أزمة كورونا، الذين بادروا بالمساهمة فى صندوق تحيا مصر، لدعم المضارين من كورونا والعمالة غير المنتظمة، بعضهم من الولايات المتحدة الأمريكية، والبعض من الجاليات اليونانية والقبرصية التى تم تكريمها من الرئيس السيسى، ساهمت فى دعم الصندوق أيضًا، بعد أن شعرت بدورها وشعرت أن الدولة تراها.

أطفال على معبر السودان

• ماذا عن طلاب الثانوية المصرية فى السودان؟

- من بين العالقين كان طلاب الثانوية المصرية  فى السودان، وهى الثانوية المصرية الوحيدة التى تدرس المناهج المصرية وتعقد امتحاناتها خارج جمهورية مصر العربية، بعض الأسر ترسل أبناءها لهناك، لأنهم يحصلون على مجاميع مرتفعة، أعدنا منهم من خلال المعبر بين مصر والسودان 2000 طالب وطالبة. الرحلة من الخرطوم للمعبر 12 ساعة، ثم بعدها يستقلون معدية للوصول إلى الجانب المصرى، وبالتنسيق مع السفارة المصرية فى الخرطوم تابعنا خط سير الأتوبيسات التى تقلهم من الخرطوم، لنستعد هنا بتصريحات الدخول، وبإجراء تحليل الكشف عن فيروس كورونا، من خلال مسحات الأنف والفم، حسب المتبع مع كل العالقين. لجأت إلى إحدى جمعيات المجتمع المدنى، لتوفير أتوبيسات لنقل هؤلاء الأطفال العالقين من المعبر إلى القاهرة أو المحافظات الأخرى التى جاء منها الطلاب. لم يكن الأمر سهلا، لإجراء هذه التحاليل لكل هؤلاء الأطفال على المعبر، ليسمح لهم بالدخول لمصر، بينما لم تتوقف استغاثات أهلهم فى مصر، كان علينا أن ندبر لهم أيضًا الطعام والماء بعد وصولهم للمعبر، فطلبت من الجمعية توفيرها.  ولكى تصل الأتوبيسات للمعبر لابد أن تستقل معدية أو عبارة، ولهذه المعدية مواعيد تتوقف بعدها عن العمل كل يوم، فلم يكن أمامى سوى الاتصال بمحافظ أسوان ليسمح للمعدية بالعمل بعد مواعيد عملها اليومية، مراعاة لظروف هؤلاء الأطفال، وبالتنسيق بين المحافظة وحرس الحدود سمح للعبارة بالعمل لنقل الأتوبيسات، ومعها الطعام والماء للأطفال.

• كان لك موقف قبل عامين تقريبًا مع أطفال ثانوية السودان أيضًا؟

- نعم كان بعضهم محتجزًا بالشرطة، بسبب غشهم فى الامتحان، واعتبرت السلطات السودانية أن هذا الغش ضد الأمن القومى، وتواصلت مع السلطات السودانية، وطلبت منهم النظر فى أمر هؤلاء الأطفال، وأنه يمكن أن يلغى امتحانهم، لا أن يتم احتجازهم.

• ألم تتدخل وزارة التربية والتعليم؟

- لا..جهات أخرى هى التى تدخلت معى لحل المشكلة والإفراج عن الأطفال الطلبة. • ألم يسترعى الأمر وقتها انتباه وزارة التربية والتعليم لأن تدرس لماذا حتى الآن لازال هناك امتحان ثانوية عامة مصرية وحيد، يعقد خارج الأراضى المصرية وحتى الآن؟ يُسأل فى هذا وزارة التربية والتعليم.

• وسط هذه الأجواء، لماذا نصحت ابنك الذى يدرس فى أمريكا بالبقاء هناك، وعدم العودة فى رحلات العالقين؟

خفت عليه، هو يعيش فى فلوريدا، وعليه أن يستقل طائرة ليصل إلى الطائرة المصرية حيث ستهبط فى نيويورك أو واشنطن، وفلوريدا نفسها بها إصابات كثيرة، ولا أعرف بمن سيختلط فى كل طائرة ولا كيف سيتعامل مع كل من حوله، فى ظل انتشار الفيروس، تحدثت معه، وهو ملتزم بالبقاء في المنزل هناك، ورأينا معا، أنا وهو أن هذا أفضل له، وخاصة أن أخى يعيش هناك أيضًا، فلذا أنا مطمئنة عليه هناك.

• سيادة الوزيرة، كيف تعيشين أجواء الحظر فى بيتك؟

- مثل كل الناس أتابع أخبار المصريين عبر الهاتف والإنترنت، ووقت الحظر فى مصر هو وقت نشاط الناس فى أمريكا وكندا، ومطلوب منى المتابعة طوال الوقت، لكنى أستيقظ مبكرًا يوميًا لأتابع وأجمع الجديد وأخر التطورات، ليمكننى أن أحدد أولويات عملى يوميًا.

نورت بلدك يافندم

• القصص الموجودة على مواقع سفاراتنا بالخارج، كشفت عن أن بعض العاملين فى الخارج الملتزمين بشروط سريان الإقامة وبالعمل، استغنت عنهم جهات العمل فجأة بسبب كورونا، هل تدخلت وزارة الهجرة، من أجل أن تلتزم هذه الدول بعقود العمل وبمستحقات المصريين؟

- فى الظروف الاستثنائية لا نستطيع أن نطلب من أى دولة الالتزام بأى شىء، لأن كل دولة لها سيادة، وكل دولة من حقها أن تتخذ الإجراءات الاحترازية كما تراها.

• هل نحن مستعدون لما يمكن أن يصيب العمالة المصرية فى الخارج بعد كورونا، البعض سيتم الاستغناء عنه، والبعض ربما يعمل من مصر أونلاين، توفيرا لأشياء كثيرة فى البلاد التى تستقدم العمالة المصرية؟

- لا أحد يعرف ماذا سيحدث بالضبط، كلها تكهنات، نحن نعيش اليوم بيومه، لكن هناك لجنة من وزارتى الهجرة والتخطيط، وضعت استمارة تعارف أطلقنا عليها «استمارة نورت بلدك»، وزعتها على العائدين مؤخرًا من الخارج، لنعرف من هم، ومن أى المحافظات هم وماذا كانوا يعملون، لندرس كيف يمكن توظيف هذه القدرات العائدة، إعادتهم للعمل فى محافظاتهم، أو توفير فرص عمل لمن لم تكن له وظيفة أو عمل قبل سفره، ويمكن أن تضم اللجنة فيما بعد القوى العاملة والتنمية المحلية أيضًا، لأنه لابد أن تستعد المحافظات لتوظيفهم.  

الهجرة المشروعة لأوروبا

• هل متوقع بعد أزمة كورونا أن تتحول الهجرة غير الشرعية إلى هجرة نظامية لأوروبا؟

- بعد كورونا خريطة العالم كله ستتغير.

• أثناء جولة حضرتك فى قرى الهجرة غير الشرعية من خلال مبادرة «مراكب النجاة» ما كلمة السر وراء هذه الظاهرة؟

المرأة، الأم أو الزوجة، هى التى تدفع زوجها أو أطفالها للسفر، وكلمة المرأة فى هذه المحافظات مسموعة جدًا، وقوية جدًا، هى التى تحفز، وتريد أن تغيظ غيرها من الجيران أو الأقارب، وهى التى تقول لابنها أو زوجها «شوف فلان عمل إيه..وانت قاعد هنا». من أجل هذا اتفقت مع رئيسة المجلس القومى للمرأة د.مايا مرسى، ألا نلتقى فقط بطلبة المدارس الثانوية أو بالعاملين بالمشروعات الصغيرة، بل نجتمع مع النساء فى سرادقات لتوعيتهن، من خلال إذكاء الوازع الدينى لديهن، وتحميلهن مسئولية التفريط فى نعمة الله التى رزقهن بها وهى الأبناء، والتضحية بهم وإلقائهم فى البحر.

مبادرة مراكب النجاة تحاول أن تعطى رسالة لأبناء هذه القرى، بأننا لسنا ضد الهجرة من أجل العمل، لكن سافر بطريقة شرعية، بعد أن تكون مدربًا ومؤهلًال وتسافر بكرامتك، حتى يمكن للدولة أن تتدخل من أجل أن تحصل على حقوقك، لو لا قدر الله حدث لك مشكلة فى عملك، المهاجر غير الشرعى فى النهاية هو مضحوك عليه. الفرص البديلة الآمنة مرهونة بالتأهيل والتدريب، ولهذا اجتمعنا مع وزارة التضامن مع الجمعيات والمؤسسات العاملة فى التدريب والتأهيل، لنعرف ما الذى يجب أن يتدربوا عليه، وخططنا للقاء مع سفراء الدول الأوروبية، لنعرف منهم احتياجات السوق الأوروبية من مجالات العمل بالتحديد، لتكون العلاقة من خلال دولة ودولة، وليس فردا ودولة.

مصر بعد كورونا

• كان لعلماء مصر فى الخارج مبادرة للمساعدة فى تقديم خبرة التعليم عن بعد للأساتذة والطلاب فى مصر، لكننا لم نلمس لها صدى عند وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالي؟

- أوصلنا مقترحاتهم للوزارتين، لأن وزارة الهجرة والعاملين بالخارج هى همزة الوصل بين المواطن والدولة، ولهذا كل مؤتمرات مصر تستطيع كانت بالتعاون مع الوزارات الأخرى، لكن مع توقف المؤتمرات، نجريها الآن من خلال الفيديو كونفرانس، لننقل مقترحات وآراء هؤلاء الخبراء للوزير المعنى، ولازال الأمر يدرس فى التربية والتعليم والتعليم العالى.

والأمر لا يتعلق بالتعليم فقط، فعلى جانب الاستثمار والتنمية، نظمت أنا ووزيرة التخطيط د.هالة السعيد، فيديو كونفرانس، مع خبراء الاستثمار، رجال الأعمال والمستثمرين فى الخارج، لنطلعهم على استراتيجيات العمل داخل مصر، وماذا يجرى خلال كورونا ومابعدها، وكيف نستعد لها، وبدأوا يرسلون لنا أوراقًا عن الاستثمار فى مصر، لأنهم أجمعوا على أن مصر بعد أزمة كورونا، ستكون سوقًا استثماريًا كبيرًا جدًا. ليس لدينا الآن مخرجات لمبادرات التعليم ولا الاستثمار حاليًا، لأننا الآن نعمل من الخبراء فى المجالات المختلفة، ونريد أن نناقشهم فى الأوراق التى تقدموا بها، فقد لا تتفق بعض الاقتراحات مع المناخ فى مصر. الوضع فى مصر غير مستقر، التعليم العالى مشغولون الآن بمدن العزل، والتربية والتعليم مشغولة بالثانوية العامة وأشياء أخرى، فمن الطبيعى ألا نجد مخرجات الآن من هذه المبادرة.

• أطباء مبادرة مصر بلا مرض، التى تبنتها الوزارة خلال الشهور الماضية، ماذا كان صداها فى أزمة كورونا؟

- مصر بلا مرض، الجارديان نشرت مقالا عن عدد إصابات كورنا فى مصر به خطأ كبير فى الأعداد، فرد الدكتور أسامة من علماء مصر فى الولايات المتحدة، على جامعة تورونتو التى أعطت للجارديان الأرقام، ونشر الرد فى نفس المكان بالجارديان. بعض علمائنا بدول مختلفة عرضوا أن يوردوا كمامات ومطهرات، لكن القوات المسلحة فى مصر «قايمة بالواجب».

• ما الدروس التى خرجت بها من أزمة كورونا؟  

- أظهرت الجانب الإيجابى للجاليات المصرية، وكيف أنهم يتكاتفون ويساعدون بعضهم، وضربوا « تابو» أن المصريين لا يساعدون مصر فى الخارج، وزاد شعور المواطن المصرى بالانتماء لوطنه، وشعور الانتماء والهوية زاد جدا خلال أزمة كورونا، ولابد أن نستفيد منه فى المرحلة القادمة.

كما أظهرت أنه «فى يوم وليلية مافيش حاجة باقية»، المهم أن أعمل ما يرضى ضميرى ويرضى الله، درس لنا جميعًا، لا مساجد ولا كنائس مفتوحة، والروتين الذى كان أمرًا عاديًا أصبح رفاهية. •