الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الأم المثالية صالحة مرعى: آية خرجتنى للدنيا وأشعرتنى بطعم الحياة

«أول ما فتحت عينيا لقيت فى عين أمى دمعة، قولتها يا أمى ماتبكيش وعليا ماتزعليش وأمر الله ماتعترضيش ومشوار حياتى ماتحسبيش، أنا لى رب كريم عليا ماتخافيش، بكرة إن شاء الله هتلاقينى من ضمن المشاهير، ربى استجاب لى ماما شافتنى فى الكلية وبطلة عالمية».



كلمات كتبتها الأم لابنتها لتلقيها خلال حفل تكريم الأم المثالية بنادى النصر الرياضى بقيادة د. عمرو عبدالحق، وأكملت الابنة: «سألت أمى عن سنها وقد إيه عمرها، قالت لى عن عمرى ماتسألنيش عشان كنت من غيرك مش عارفة أعيش».

بابتسامة رضا تتذكر الخمسينية صالحة مرعى، رحلتها التى استمرت 23 عامًا هى وزوجها، مع وحيدتهما «آية» التى أراد الله أن تكون من أصحاب الهمم والقدرات الخاصة، فولدت بشلل دماغى، لا تستطيع الحركة ولا الكلام، لكن شاء الله أن تتحسن حالتها بالعلاج، حتى أصبحت آية الآن طالبة فى كلية الحقوق بجامعة عين شمس، وبطلة عالمية فى رفع الأثقال، وبطلة الجمهورية فى ألعاب القوى، كما حصلت على العديد من البطولات فى القرص والسباحة والبارتيكندو.

تفوق آية امتد إلى إلقاء الشعر، والعمل الاجتماعى، حيث ترأس لجنة الفئات الخاصة بمؤسسة نبراس السلام للتنمية، المشهرة بوزارة التضامن الاجتماعى.

بأسى تتذكر الأم ابناها وهى طفلة عندما اصطحبتها لنادى النصر، ورأت مجموعة من الأطفال يتمرنون فى حمام السباحة، فقالت لها: عايزة أتمرن معاهم يا ماما، قالت الأم روحت للكابتن وطلبت منه تتمرن معاهم»، ولم تكن تتوقع أنه مازال هناك من يرين أصحاب القدرات الخاصة بهذه النظرة ولا يدركون كم العزيمة والإرادة التى يمتلكونها قال لها المدرب «أنا مابمرنش متخلفين عقليًا».. تجرعت الأم الألم وسارت فى النادى، حتى أوقفها أحد أفراد الأمن على بوابة النادى، وأحيا فيها الأمل من جديد، وأخبرها أن هناك فريقًا خاصًا لتمرين وتدريب ذوى الاحتياجات الخاصة، وبالفعل ذهبت الأم بابنتها «آية دهمان توفيق» ابنة الثلاثة عشر عامًا –وقتئذ- إلى المدربة التى على الفور وافقت على انضمامها لباقى أعضاء الفريق.

«مجتمعنا لسة معندوش تقبّل كامل للفئة دى، مش قادرين يعاملوهم على أنهم جزء من المجتمع مختلف عنهم بقدرات خاصة.. لحد دلوقتى مابرضاش أخرج بيها فى أماكن كتير عشان ماتسمعش كلمة تضايقها أو تشوف نظرة من بعض الأشخاص ممكن تتعب نفسيتها .. حتى المدرسة كنت بوديها مرة أو مرتين فى الأسبوع، محدش من زمايلها كان قادر يستوعبها ويتعامل معاها ولا حتى المدرسين الخصوصيين فى البيت».

المعاناة نفسها لمستها آية فى الجامعة أيضًا، من الطلاب والموظفين، رغم ملازمة الأم لها فى المحاضرات والامتحانات.

«احنا مش إعاقة ذهنية.. احنا عزيمة وإرادة قوية».

 «لما كانت لسة طفلة كانت بتساعدنى فى شيل الحاجات التقيلة من غير ما أطلب منها ولاحظت أن عندها عصب كويس وقوى، ماحبتش أخبيها وأقعد بيها فى البيت وأستسلم للإعاقة، ودلوقتى أقدر أقول إن حالها وحالى اتبدل تمامًا بعد ممارستها للرياضة من سنين طويلة».

تتحدث الأم المثالية عن بداية ملاحظتها للقدرات  الخاصة لابنتها، والتى شجعتها على تنميها، وساعدها فى ذلك الأب الذى توفى منذ عام، والذى لم يبخل بشىء على ابنته، فكان الظل الملازم للبطلة العالمية بكل تدريباتها اليومية رغم مرضه، معاونًا الأم فى ذلك، وكان دائمًا ما يردد» لازم أكون مع آية لآخر نفس فيا».

فى مرحلة الإعدادية، حصلت آية على مركز «ثانى الجمهورية» فى رفع الأثقال، ليتم ترشيحها لبطولة عالمية بلوس أنجلوس بأمريكا، والتى حصلت فيها على مركز «ثالث عالم» على مستوى 194 دولة أوروبية، وتعبر الأم عما شعرت به بعد حصول ابنتها على كل هذه البطولات، مؤكدة أن حياة ابنتها الجديدة الحقيقية بدأت مع أول بطولة رياضية لها، متحدثة عن إصرارها على النجاح المستمر والوصول إلى أعلى المراكز، «بنتى هى اللى خرجتنى للعالم وخلتنى أحس بطعم الحياة .. بنتى بتتحدى الكون كله وبتتخطى كل الصعاب، دايمًا بتدعى بالنجاح عشان تفرحنى.. أنا دلوقتى مش عارفة مين اللى حقق أمنيات مين، أنا ولا هى؟!».

 قالتها باندهاش وتعجب، مضيفة: «لو قالولى اطلعى فوق جبل هشب بأيدى ورجلى واعملها اللى هى عايزاه، هى اللى خرجتنى للدنيا وبتدينى القوة دايمًا»، متذكرة المقولة الشهيرة لابنتها البطلة: «احنا مش إعاقة ذهنية، احنا عزيمة وإرادة قوية».

والآن يتباهى أهل آية دهمان البطلة العالمية، وأقاربها بما حققته ابنتهم من بطولات، ويتحدث أخواتها عن فخرهم بأختهم بالنجاح الذى حققته ومازالت تحققه، فقد ربت السيدة صالحة أولاد أختها المتوفاة كأولادها منذ الصغر وتعدهم أخوات لآية وليسوا أولاد خالتها، وتقول إحدى أقارب آية: «أنا درست لغات شرقية واتجوزت وخلفت وماحستش بالنجاح اللى آية حققته لحد دلوقتى»، هذه الأقوال التى تشعر الأم بالفخر المستمر بابنتها البطلة.