الإثنين 9 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الداخلية تكشف حقائق ما وراء «تقصى الحقائق»

الداخلية تكشف حقائق ما وراء «تقصى الحقائق»
الداخلية تكشف حقائق ما وراء «تقصى الحقائق»


أثار إعلان المجلس القومى لحقوق الإنسان عن ملامح تقرير لجنة تقصى حقائق فض اعتصامى رابعة العدوية ونهضة مصر، عاصفة من الجدل لا تزال مستمرة حتى الآن، فالتقرير وثّق لوقوع حالات قتل ناتجة عن التعذيب الشديد واستعمال القسوة واحتجاز مدنيين بشكل قسرى لاستخدامهم كدروع بشرية، وحشد جبرى للأطفال، وحيازة أسلحة وذخائر بشكل غير قانونى، وتحريض على العنف والقتال من قبل المجموعات التى كانت تتولى إدارة وتأمين الاعتصام، بالإضافة إلى مقاومة سلطات إنفاذ القانون.
 
وفى الوقت ذاته، اتهم التقرير وزارة الداخلية بعدم إمهال المعتصمين السلميين فرصة كافية لمغادرة الاعتصام، وعدم تأمين الممر الآمن الذى حددته وزارة الداخلية فى خطة الإخلاء، وإخفاق الشرطة فى الحفاظ على ضبط النفس فى بعض الأحيان وإخلالها بالتناسبية من حيث كثافة إطلاق النيران تجاه مصادرها، وحرمان المصابين من الحصول على الإسعافات اللازمة.
 
«صباح الخير» حملت هذه الاتهامات إلى وزارة الداخلية كما استطلعت آراء عدد من الخبراء الأمنيين بشأن دلالة ظهور التقرير فى هذا التوقيت بالذات؟.. ومدى تأثيره على معنويات رجال الشرطة فى حربهم ضد الإرهاب؟.
 
∎اعتصامات غير سلمية
 
فى البداية، قال مساعد وزير الداخلية لشئون الإعلام والعلاقات اللواء عبدالفتاح عثمان - تعليقًا على تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان بشأن فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة: إن التقرير أغفل الكثير من الأمور الخاصة بفض الاعتصامين أو ما واكب إجراءات الفض وما تلاها، لافتا الانتباه إلى أن التقرير اعتمد على البيانات التى استوثق منها، أما البيانات التى لم يستوثق منها فتجاهلها.
 
وأوضح عثمان أن هناك العديد من الحقائق التى لا يمكن تجاهلها فى هذا الأمر مثل خطف شرطيين والاعتداء عليهما وتعذيبهما، فضلا عن الاعتداء على مدنيين آخرين بدعوى أنهم مندسون من وزارة الداخلية، مؤكدا أن كل المعتصمين سواء فى رابعة أو النهضة كانوا على علم تام بوجود مسلحين بينهم، الأمر الذى يؤكد أن هذه الاعتصامات لم تكن سلمية بأى حال من الأحوال.
 
ونفى مساعد وزير الداخلية لشئون الإعلام والعلاقات بدء قوات الشرطة بإطلاق النار كما نفى تحديد «25 دقيقة» لبدء فض الاعتصام، مبينا أن الداخلية لم تفاجئ المعتصمين بفض الاعتصام، فقد سبقت ذلك نداءات عديدة لهم استمرت لأكثر من شهر لفض الاعتصام ولم يستجب أحد ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل ألقت الداخلية منشوراً عبر طائرة هليكوبتر يدعو المعتصمين إلى فض الاعتصام لكن دون جدوى.
 
وأضاف: إن الداخلية قامت بفض اعتصامى رابعة والنهضة بعد قرار مجلس الوزراء بالفض لما يشكلانه من خطورة على الأمن القومى، وفيما يتعلق باعتصام رابعة العدوية فقد بدأت القوات بتوجيه نداءات عبر مكبرات الصوت بضرورة إخلاء موقع الاعتصام فى مقابل توفير ممر آمن للمعتصمين الراغبين فى الانصراف وعدم ملاحقتهم أمنيا.
 
واستطرد: استمرت النداءات على هذا النحو ما يقرب من نصف ساعة، ولما استشهد الضابط الذى كان يحمل مكبر صوت ويوجه تلك النداءات برصاصة غادرة من داخل الاعتصام، اضطرت الشرطة للبدء فى عملية الفض، بعدما ثبت لها أن المعتصمين المسلحين لا ينوون مغادرة موقع الاعتصام بل يصرون على الدخول فى مواجهات مسلحة مع الشرطة.
 
ولابد ان نلتفت أنه بعد أعمال الفض وجدت الشرطة جثامين لقيت حتفها قبل عملية الفض بنحو 24 ساعة.
 
وخلص إلى القول إن وزارة الداخلية تدرس حاليا تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان عن فض اعتصامى رابعة والنهضة، وبعدها ستقوم بالرد إما بإرسال خطاب إلى المجلس أو عقد مؤتمر صحفى لإعلانه.
 
∎ إنذار الإخلاء
 
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية هانى عبداللطيف: إن تقرير لجنة تقصى حقائق فض اعتصامى «رابعة العدوية» و«نهضة مصر» تناول أمورا مهمة، من بينها أن اعتصام أنصار الرئيس المعزول كان مسلحا، وأنهم احتجزوا مواطنين أبرياء، وعذبوا البعض وقتلوا آخرين.
 
وأضاف: إن أهم ما ذكره التقرير هو أن قوات الشرطة لم تبادر بإطلاق النار إلا بعد مقتل أحد عناصرها.
 
وفيما يخص إخلال الشرطة بمسألة الحفاظ على التناسب فى استخدام السلاح، أكد عبداللطيف أن الجميع يعلم أن الشرطة كانت تواجه عناصر إرهابية مسلحة، معربا عن اعتقاده أن مقتل نحو 62 من رجال الشرطة يوم الرابع عشر من أغسطس الماضى، هو دليل واضح على مدى قدرة تسليح المعتصمين، ورغم ذلك قامت الشرطة بتوفير ممر آمن فعليا لخروج الأبرياء غير المسلحين.
 
∎ حقوق إنسان الشرطة
 
من جانبه، علق الخبير الأمنى اللواء مجدى البسيونى، قائلا: إن ساحات اعتصام رابعة العدوية ونهضة مصر شهدت ارتكاب جرائم تعذيب وقتل أشخاص والقبض على آخرين واتخاذهم دروعا بشرية وتسخير أطفال من دور الأيتام يرتدون شعار «شهيد تحت الطلب» واعتلاء قيادات إخوانية المنصات والتحريض على القتل والدموية، متسائلا: إذا كان هؤلاء المعتصمون يتوقعون أن الأمن سيلاحقهم ويفض اعتصامهم إن عاجلا أو آجلا ألا يعنى ذلك أن يكونوا على أتم الاستعداد لحيازة كم كبير من الأسلحة للمقاومة؟.
 
وأجاب قائلا: إن المواجهات كشفت عن وجود سبق إصرار ونية مبيتة من جانب المعتصمين لاستخدام الأسلحة ضد رجال الشرطة عند بدء عمليات الفض، وفى المقابل لا يمكن تصور أن تطلق قوات الشرطة الأعيرة النارية على المعتصمين بمجرد نزولها إلى ساحات الاعتصام.
ورأى البسيونى أن هذا التقرير متناقض وغير عادل لأنه إذا كان من الثابت يقينا أن المعتصمين كانوا يحوزون أسلحة كثيرة والشرطة كان لها الحق فى الوقت نفسه فى استخدام السلاح لمواجهة هؤلاء المسلحين.
 
وأشار إلى نقطة مهمة، متسائلا: من الذى كلّف لجنة تقصى الحقائق بإعداد هذا التقرير؟.. علما بأن هذه القضية تحديدا تتولاها النيابة العامة، وبالتالى لا يكون للجنة تقصى الحقائق دور إلا إذا تم تكليفها من النيابة العامة.
 
وعن افتقاد الشرطة لضبط النفس والتخطيط الجيد لفض الاعتصام، تساءل الخبير الأمنى: أى ضبط نفس يريدونه بعد 64 يوما من الاعتصام المسلح؟، مستطردا: كنت أتمنى أن يكون أعضاء اللجنة فى موقع فض الاعتصام حتى يعلمونا كيف يكون ضبط النفس.
 
وبشأن دلالة ظهور هذا التقرير فى هذا التوقيت بالذات، أكد الخبير الأمنى اللواء محمد زكى، أن هناك مخططا لإحباط معنويات وقدرات رجال الشرطة وأسرهم، بالإضافة إلى إحداث مناخ من الإحباط العام قد يؤدى إلى نوع من التراخى والتشكيك فى قدرات الشرطة التى كانت تقوم بتنفيذ القانون عند فض اعتصامى رابعة العدوية ونهضة مصر وفق فلسفة أمنية جديدة تقوم على إعداد رجال الشرطة إعدادا تدريبا فى حقوق الإنسان فى جميع كليات الأكاديمية والمعاهد الشرطية.
 
وأضاف زكى أن رجل الشرطة إنسان وطنى مخلص، وكل إنسان فى مصر يشهد كل ما تبذله أجهزة الأمن من مجهوادت وتضحيات، ولا يمكن أن ننكر هنا أن هناك نحو أكثر من500 شهيد للشرطة من أول يونيو الماضى حتى الآن بمعنى حسابى أن هناك شهيدا كل أربعة أيام.
 
ودعا الخبير الأمنى لجنة تقصى الحقائق أن يضعوا فى اعتبارهم حقوق إنسان الشرطة ويضعوا فى اعتبارهم، كذلك أن رجال الشرطة عندما قاموا بتنفيذ عملية فض اعتصامى رابعة والنهضة كان ذلك وفقا للقانون وتطبيقا للقانون أيضا.