السبت 10 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الـتضحية بالتعليم لحساب الأمن

الـتضحية  بالتعليم لحساب الأمن
الـتضحية بالتعليم لحساب الأمن


رغم تأكيدات وزير التربية والتعليم المتكررة عن بدء النصف الثانى من العام الدراسى فى موعده المقرر فى 7 فبراير الماضى، فإنه عاد وأجل موعده أكثر من مرة.. كان آخر هذه الوعود أن تستأنف الدراسة فى 8 مارس الحالى.. فى المقابل لم تقنع حجج الوزير فى أسباب التأجيل المعلمين وأولياء الأمور، خاصة مع استئناف الدراسة فى المدارس الدولية والمدارس التابعة للمعاهد القومية.
 
من جانبها أصدرت الوزارة بيانا بالأجزاء المحذوفة من المناهج الدراسية فى جميع الصفوف الدراسية، وإعادة توزيع الخطة التدرسية لباقى الأجزاء لتناسب الفترة المتبقية من العام الدراسى.
 
ويبقى السؤال.. ما تأثير هذا التأجيل وذلك الحذف على المستوى التعليمى للطلاب هذا العام.
 
تزامن التأجيل الأول لاستئناف الدراسة لمدة أسبوعين، مع إعلان وزارة الصحة عن حالات وفاة نتيجة الإصابة بأنفلونزاالطيور، فى حين كان السبب الذى أعلنته وزارة التعليم للتأجيل هو لم شمل الأسرة، لتمتد أجازة نصف العام إلى شهر أسوة بالجامعات.
 
ووقعت الوزارة مع وزارة التربية والتعليم بروتوكول تعاون لمواجهة الأمر فى المدارس، استعدادا لبدء الدراسة فى 22 فبراير الماضى.
 
ثم أجلت وزارة التعليم الدراسة لأسبوعين آخرين، بقرار من رئيس الوزراء، ويذكر المتحدث الإعلامى باسم الوزارة أحمد حلمى، أن قرار التأجيل يعود لأسباب قومية وليس لأسباب أمنية أو صحية فقط.
 
فى الوقت نفسه لم تؤجل الدراسة فى المدارس الدولية، أو المدارس التى تتبع النظام الأمريكى أو الإنجليزى، ولجأت الوزارة إلى الإعلان عن إعادة توزيع المقررات الدراسية، وحذف بعض الأجزاء منها سواء لصفوف النقل أو الشهادات، لتناسب المدة المتبقية من العام الدراسى، بحسب محمد سعد رئيس الإدارة المركزية للتعليم الثانوى، الذى أكد أن امتحانات الثانوية العامة ستعقد فى موعدها المحدد فى 7 يونيو، رغم التأجيلات.
 
ويقول عبدالناصر إسماعيل، ممثل اتحاد المعلمين المصريين: لدينا خطة دراسية تقتضى أن تستمر الدراسة 24 أسبوعا بمعدل 100 يوم فى الفصل الدراسى الاول، و100 أخرى فى الفصل الدراسى الثانى، ودغدغة مشاعر أولياء الأمور والطلاب بحذف بعض الأجزاء، لا يجب أن يجعلنا نغض الطرف عن التأثير السلبى لحذف بعض أجزاء من المقررات، خاصة فى المرحلة الابتدائية، حيث لن تتاح فرصة لتدريس هذه الأجزاء فى العام التالى لهؤلاء التلاميذ.
ويكمل: إذا كنا نطالب بزيادة أيام العام الدراسى، فكيف نقبل التقليل من هذا القليل أصلا.
 
ويتساءل عبدالناصر: لماذا نتحجج بالمشكلات الأمنية، رغم أن مخاطر الفصل الدراسى الأول، كانت أكبر من مخاطر الفصل الدراسى الثانى، ومع هذا بدأ فى موعده، خاصة أن أولياء الأمور فى المدارس الحكومية وفى الأحياء الشعبية هم من يقومون بتأمينالمدارس، فلماذا كان الخوف من استئناف الدراسة، أم أن التضحية بالتعليم أصبحت الأساس فى مصر على حساب الأوضاع الأمنية والسياسية.
 
ويؤكد عبدالناصر أن الأسباب التى أعلنت من قبل الوزارة غير مقنعة، وهناك أسباب أخرى ربما تكون سياسية وراء ذلك، أو خوفا من تهديدات المعلمين بالإضراب، بسبب عدم تطبيق الحد الأدنى، وفرض شروط على علاوة الأعباء الإضافية.
 
ويتساءل محمد زهران نقيب معلمى المطرية قائلا: إذا كانت هناك أزمات أمنية أو صحية بسبب أنفلونزا الطيور فأين خطة الوزارة لمواجهة هذه الأزمات؟ فى الوقت الذى توجد فيه إدارات فى الوزارة والمديريات التعليمية لإدارة الأزمات، ولكنها لم تضع الخطط الاستباقية لمواجهة هذه الأزمات، مثل الأوبئة والزلازل وغيرهما، فمازالت الوزارة تعمل بطريقة رد الفعل للأحداث دائما.
 
وطرح زهران الكثير من البدائل التى كان يمكن أن تستثمرها الوزارة، لتعوض الطلاب عنتوقف العام الدراسى فى المدارس مثل استئجار بعض الساعات من القنوات الفضائية واسعة الانتشار أو القنوات التعليمية، والاستعانة بكبار المعلمين لشرح المناهج من خلال هذه القنوات طوال فترة التوقف عن الدراسة، مشيرا إلى أن الوزارة فضلت أن تلجأ إلى الحل الأسهل بحذف بعض أجزاء من المناهج، بصرف النظر عن الأضرار التى ستلحق بالطلاب من جراء هذا الحذف.
 
ويرى زهران أن طلاب المدارس الحكومية هم من وقعوا ضحية ما وصفه بفشل مسئولى وزارة التعليم فى إدارة الأزمة، فى الوقت الذى تقع فيه هذه المدارس داخل الكتل السكنية، ويحميها أولياء الأمور.
 
∎نظرة قاصرة
 
ويلفت العميد السابق لتربية عين شمس محمد المفتى، الانتباه إلى ما أعلنته الوزارة من حذف لبعض أجزاء من المناهج، متسائلا عمن يستطيع أن يحدد هذه الأجزاء المحذوفة، التى وصفها بعض المستشارين بأنها من قبيل المكرر والحشو، ولماذا لم يتم حذفها منذ بداية العام الدراسى إذا كانت كذلك؟
 
واعتبر المفتى فرحة بعض الطلاب وأولياء الأمور بتأجيل الدراسة، من قبيل النظرة القاصرة، لأن ما يهم الكثير من أولياء الأمور لا يهمهم سوى أن ينجح أبناؤهم فى الامتحان، بصرف النظر عن التعليم الجيد الذى كان يجب أن يحصدوه فى هذا العام.
 
∎بناء المناهج
 
ويشير د.محمد الطيب، أستاذ الصحة النفسية بجامعة طنطا وعضو المجلس القومى للتعليم، إلى أن مشكلة وزارة التربية والتعليم الحقيقية التى كشفت عنها الأيام الماضية، هى غياب الرؤية، التى يرجعها إلى أن المسئولين فيها من غير المتخصصين، وهو مادفعهم إلى حذف أجزاء من المناهج، فى حين يعرف المتخصصون التربويون أن أى منهج هو وحدة متماسكة، لا يمكن أن يستقطع أى جزء منها، لأن هذا المنهج يتم البناء عليه فى المقررات التالية، خاصة أنه يشرف على وضعها وتطويرها، مراكز متخصصة فى المناهج.
 
ويرى الطيب أن من بين الحلول التى يمكن أن تطرح لمعالجة تأجيل الدراسة، هو مد العام الدراسى، حتى يتم تعويض فترة غلق المدارس وشرح ما فات من المقررات بدلا من الحذف.
 
∎وقف حال
 
ويؤكد مختار حسن، مدرس أول اللغة العربية بمدرسة الحوياتى الثانوية للبنات، أن ما سيتم تدريسه داخل الفصول بالفعل، هو ما سيأتى منه امتحانات آخر العام لسنوات النقل، بصرف النظر عن الالتزام فقط بالمحذوفات التى أعلنتها الوزارة، لكن المشكلة ستكون فى الشهادات العامة، خاصة الثانوية العامة، التى لن تزيد أيام الدراسة فى الفصل الدراسى الثانى فيها، أكثر من 30 يوما، بعد استقطاع الأعياد والانتخابات الرئاسية المرتقبة، فالمحذوفات أقل من الأيام المستقطعة بكثير.
 
من ناحية أخرى، يرى مختار أن طول الفترة الزمنية التى قضاها طلاب المرحلة الابتدائية بعيدا عن المدرسة، والتى تقارب الشهرين، ستؤثر على تحصيلهم بالسلب، ولذا لجأ بعض أولياء الأمور إلىالدروس الخصوصية طوال الفترة الماضية، ليعوضوا أبناءهم عن فترة الاستقطاع بعد توقف المجموعات المدرسية، فى حين تسبب تأجيل الدراسة فى وقف حال بعض المدرسين المعتمدين على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية.
 
وتقول هالة محمد - والدة محمود بالصف الخامس الابتدائى ومها فى الثانى الإعدادى: نشعر أن أولادنا تائهون، ابنتى فى مدرسة خاصة، ولم تستفد شيئا رغم أنهم زادوا المصروفات، وكان يجب أن أتصرف وألجأ إلى الدروس الخصوصية فى كل المناهج، نحن وطلاب مدارس الحكومة من دفع الثمن، فنحن ندفع ثمن غياب خدمات الأمن والصحة ولا نشعر بالاستقرار فى التعليم منذ يناير 2011.
 
ويتحسر محسن سليمان، والد مروة بإحدى مدارس اللغات الخاصة، على المصروفات التى دفعها للمدرسة، ولم تستفد منها مروة لمدة شهر كامل، ويرى أنه كان من الأولى لمن أصدر قرار تأجيل الدراسة أن يطلب من المدارس الخاصة إعادة جزء من المصروفات الدراسية لأولياء الأمور.