كيف تصنع إرهابيا جامعيا؟!
هيام هداية وكاريكاتير ياسمين مأمون
خطوات قليلة تفصلنى عن الحرم الجامعى وخطوات أقل للدخول إلى دائرة الاستقطاب الدينى غير المعلن، فهناك من يقف على أبواب الجامعة يتعهد بالإجابة عن جميع تساؤلاتى وهناك من يتيح لى فرصة استكمال أوراقى للالتحاق بالمدينة الجامعية وهناك من يأخذ بيدى للدخول إلى مسجد الجامعة ومنه إلى الدرس الدينى ومنه إلى الدفاع عمن صليت لأجله ولنصرة دينه ومنه ... ومنه... ومنه...
لتبدأ القصة وتبدأ معها رحلة صناعة جامعى إخوانى بدأ بطاعة الله وانتهى بإلقاء زجاجة مولوتوف على مبنى جامعته، ليتحول الدرس الدينى إلى درس لشرح صناعة قنبلة يدوية وتتحول عبادة الصلاة إلى دعاء على من يخالفونهم الرأى والدرس العلمى إلى درس لطريقة تكفين الموتى.
تبدأ رحلة تجنيد الطالب الجامعى وفق آليات يباشرها المسئول عن قسم الطلبة داخل الجماعة وأولى مبادئها تقوم وفق التركيز على شريحة معينة من طلاب الأقاليم والمحافظات لسهولة استدراجهم والتأثير عليهم بما يعد خامة جيدة التشكيل، وخاصة فى هذه المرحلة العمرية التى يكون فيها الطالب بين مرحلة المراهقة والشباب وبين الإحساس بعدم الاستقرار والدخول إلى مجتمع جديد يشعر معه بحالة من التردد والانعزال وهذا بالطبع بخلاف الطالب القاهرى والذى يكون أكثر استقرارا وثقة بالنفس.
بعد أن تم تحديد تلك الشريحة من الطلبة وضرب الشباك حولها يقوم طلبة الإخوان الذين يتلقون التعليمات من مسئول الطلبة، وهو عضو فى مكتب الإرشاد ويتلقى هو الآخر التعليمات من جماعة الإخوان ويبلغ الطلبة بتنفيذها، فى جموع الطلبة حيث قسم الشباب والفتيات بالجماعة، الذى يقوم على استقطاب هؤلاء الطلبة واستدعائهم للمساجد للحديث فى الفقه والسيرة، وبالطبع تكون لهم سمات خاصة من مظهرهم الذى يعكس بساطة فى الشكل ولباقة فى الحديث، ويتم اللعب على وتر الالتزام والصلاة والعبادات كبداية لإشعال حماسهم. وبالطبع ليس هناك من يكره الالتزام أو يرفض نصيحة من يقوده نحو الطريق إلى الله فيبدأ طلاب الإخوان فى الحديث حول أهمية الالتزام فى الملابس ومحاولة عدم الاختلاط مع الجنس الآخر إلا للضرورة - وهذا تحديدًا ما اختلف فى الفترات اللاحقة - وأهمية صلاة الجماعة فى وقتها حتى ولو أدى ذلك إلى التأخر عن المحاضرة ودعوتهم لحضور الدروس العلمية والدينية من خلال الحرص على إقامة بعض الشعائر الإسلامية التى يتجاهلها بعض الطلبة والحديث بأن هناك من يتربص بهذه الأمة ودينها وفى النهاية التأكيد على أن الإسلام لا يفرق بين سياسة وعبادة، وأنه على شباب الجامعة أن يساهموا فى الحياة السياسية.
أما عن شهادة أحد المنشقين من شباب الإخوان فيتحدث إسلام الكتاتنى شارحا».
قسم الطلبة هو مفرخة القيادات الطلابية الإخوانية ومن ضمن اللجان بالقسم هى لجنة الجامعة والتى كانت تضم جميع الطلاب الإخوان ما بين إخوانى ومحب ومنتسب ومتعاطف ويتم فصل كل منهم عن الآخر حيث كانت التكليفات الى الإخوانى ويتدرج بها إلى الأقرب منهم إلى الإخوان وهكذا ويتم تكليفهم بتوفير جميع الخدمات إلى الطالب الجامعى من ملازم دراسية إلى سكنجامعى إلى نصيحته بالحسنى إلى التدين والالتزام وكل ذلك عبرحديث باسم يختلف تماما عن زملائهم من الجماعة الإسلامية الذين كانوا يقتحمون قاعة المحاضرات قبل بدئها ويصيحون فى الطلبة بضرورة الفصل بين الطلبة الفتيات والشباب بشدة بشكل يثير الاستياء.
وبشكل عام تعد السبعينيات العصر الذهبى للنشاط الإخوانى بالجامعات وفى الشارع بشكل عام لأنه كان هناك اتجاه عام للتدين بالشارع المصرى وهى نفس الفترة التى برز فيها نجوم الإخوان الآن من عبد المنعم أبوالفتوح وأبوالعلا ماضى وعصام العريان، ولكن كان التيار الإسلامى بالجامعة وقتها تحت مظلة الجماعة الإسلامية حتى انقسمت الجماعة الإسلامية فى 1979 إلى جماعة إسلامية مستقلة وإلى جماعة إسلامية إخوان والتى كان على رأسها أبو الفتوح.
أما عن خطاب طلبة الإخوان فى هذه المراحل فكان أيام السادات خطاب المظلومية لما حدث معهم أيام عبد الناصر حتى انخرطوا فى العمل الطلابى ومارسوا نشاطهم بحرية كبيرة، وكما قلت فكان خطابهم بعد انفصال الجماعة الإسلامية عنهم يتسم بالبساطة والهدوء مع التركيز فى حديثهم باستغلال المناسبات المختلفة وأذكر أنه فى 2002 لم نلحظ أى حديث للإخوان بالجامعة عن الوضع الداخلى لمصر رغم انتشار الفساد والاستبداد والجهل والفقر والظلم، بينما كان حديثهم وقتها ينصب على نصرة القدس والدعاء للمسلمين المضطهدين فى العالم.
أما عن الموقف الطلابى الإخوانى الآن فيقول الكتاتنى إنه ضعيف جدًا ولا يدعمه سوى بعض القوى الثورية حتى خطاب المظلومية التى كانت تتحدث به الجماعة دائما ولا سيما حول فترة الستينيات لا أعتقد أنه قد يجدى الآن.
ويضيف الباحث فى شئون التيارات الإسلامية والمنشق الإخوانى أحمد بان أن الجامعة حقل مثالى لتجنيد الطلبة والتأثير فيهم من قبل جماعة الإخوان وهى الذراع الضاربة الآن للإخوان فضلا عن استغلالحالة اليأس لدى قطاعات من الشباب تشعر بأنها قامت بثورة ولم تجن شيئًا حتى الآن ولم يتغير شكل الدولة والذى يلعب عليه الإخوان الآن هو اليأس الذى لا تبخل الحكومة فى الاستثمار فى صناعته.