عايز بنت مايكونش لها صفحة على «الفيس بوك»!!

مني صلاح الدين وكاريكاتير احمد جعيصة
صور فى مرحلة الطفولة فى إحدى الدول العربية، صور على كورنيش النيل لفتاة دلوعة، صور على الشاطئ فى المعمورة مع الأهل، صورة عيد ميلاد مع الأصدقاء، وأخيرا صورة فى رحلة مع الأصدقاء بجانب شاب يضع يده على كتفها.. كانت هذه الصور كافية ليقرر حسن محمد عبدالخالق، الشهير بـ«اسو»، 62 سنة، أن يقطع علاقته بالفتاة التى تعرف عليها فى لقاء عائلى، بعد أن أبدى إعجابه بها، وطلب منها أن يتواصلا عبر فيسبوك.
يملأ حسن شعور بالمرارة، على ضياع الصورة التى رسمها لفتاته، بعد أن رأى صورها على صفحتها،على ليرى الصور مشاهد لم يتوقعها لخريجة الهندسة، الهادئة المحجبة.
يقول حسن: المفاجأة صدمتنى، وجدت فتاة أخرى غير تلك التى رأيتها فى ذلك اليوم، وقابلتها مرتين بعد ذلك عند أقاربى، اكتشفت أنها متحررة تضع صورها على الصفحة بدون حجاب، بل بملابس المنزل أحيانا، وتتحدث عن تفاصيل حياتها الخاصة، مع الأصدقاء، كما لفت انتباهى صور أخرى لها مع شاب وهويضع يده على خصرها مرة، وأخرى يجلس ملتصقا بها، وعندما سألتها من هذا الشاب قالت لى بعيون يملؤها التعجب « ده صاحبى الأنتيم، هو أنت من الشباب المعقد ولا إيه،ولا تكون موضه قديمة، خللى بالك، أنا بحب الشاب الروش».
ويكمل: وبعد تفكير عميق، أخذت قرارا حاسما، بأن أبحث عن شريكة حياة ليس لها صفحة على الفيسبوك.
∎عروسة الفيسبوك
«أنا نفسى حد يفّهم بنات اليومين دول إننا بنعيش فى مجتمع شرقى له عادات وتقاليد وقيم من مئات السنين» عبارة قالها «هشام عبده -35 سنة» مدرس ثانوى بعد أن قام بفسخ خطوبته من «منة الله» التى تصغره بعشر سنوات، واضطر إلى التنازل عن الشبكة والهدايا التى وفر ثمنها من عائد الدروس الخصوصية حتى يتخلص من الخطبة.
هشام لم يستمع إلى نصائح أصدقائه وإخواته البنات، عندما نصحوه كثيرا بالتمهل عندما ينوى الارتباط من بقناة قاهرية، فهو من المنصورة ويعمل فى القاهرة، على اعتبار أن الفتاة القاهرية لها متطلبات كثيرة، على عكس فتيات الريف، لينتهى الأمر بأن تقدم هشام لفتاة زميلة له فى المدرسة تبلغ ثلاثين عاما، أعجب بجمالها وإتقانها للغة الإنجليزية، وأخيرا تمت الخطبة.
يتذكر هشام ماحدث فى اليوم التالى للحفل، حيث فوجئ بأن الجميع يحدثونه عن أدق ماحدث فى الخطبة، بعدما شاهدوا الصور على فيسبوك، بعد أن وضعتها خطيبته على صفحتها ونشرتها على الأصدقاء، ليبدأ الزملاء فى كتابة تعليقاتهم، التى رأى أن بعضها سخيف.
يقول هشام: شعرت أن هذا (الفيس) قد انتهك جزءا مهما من حياتى الشخصية، بعد أن رأى الجميع صورا لى ولعائلتى، بدون إذن منى.
غضب هشام من خطيبته وعاتبها على وضعها لصور الحفل، فتعللت بأنها وضعتها حتى تخرس ألسنة من كانوا يعايرونها بعدم الجواز.
شعر هشام بعد هذا الحوار، بمقدار الاختلاف الجوهرى فى المفاهيم والأفكار بينه وبين خطيبته، خاصة بعد قرأ تعليقات أصدقائها وزملائها وزميلاتها، على صفحتها واعتبرها تدخلا فى حياتهما الخاصة.
∎هذه الصور برايفت
طارق فكرى، 29 سنة، موظف فى إحدى شركات التأمين، فكر أثناء رحلته للبحث عن عروسة، أن يتقدم بطلب عبر موقع «TU» الذى يساعد راغبى الزواج فى التوصل لشريك العمر، للبحث عن عروسة، وملأ طلبات فى استمارة بالشروط التى يرغب أن تتوافر فى شريكة العمر، ولاحظ طارق أن هناك عددا ضخما من الفتيات المشاركات فى الموقع وأنهن ينشرن صورا أقرب إلى العرى منها إلى الحشمة، على حد تعبيره.
يقول طارق: بعد أيام من متابعة الموقع شعرت أن الكثير من البنات لا يردن الزواج والارتباط بشكل حقيقى، بل إن سعادتهن الحقيقية فى أن يشعرن بأن هناك عددا كبيرا من الشباب يتواصلون معهن، على صفحات الفيس، يعنى البنات عايزين يقضوها صحوبية وبس.
أما زاهر حلمى، 33 سنة، صاحب كافيه نت فى شبرا، فيقول :'' زمان كان العريس بيسأل عن البنت اللى من عائلة محافظة، الآن بيبحث عن البنت المحافظة على الفيسبوك!!»
زاهر يرى أن معظم البنات الآن ينشرن أخبارهن وصورهن على مواقع التواصل الاجتماعى، كتقليد لبعضهن، دون أن يسألن ماإذا كان هذا مقبولا فى مجتمعنا أم لا، فالكثير من الشباب يرون أن نشر هذه الصور ينتقص كثيرا من حياء وخصوصية الفتاة، بالرغم من دعاوى التقدم ومسايرة العصر التى تفرض على الجميع استخدام التقنيات الحديثة.
يقول زاهر: إن أول ما سيتفق فيه مع خطيبته فى المستقبل أن تجعل صورها على فيس بوك برايفت، وليست للنشر على الأصدقاء.
∎البنات: عايزين شاب روش
فاطمة عودة، 24 سنة، تنقلت فى أكثر من عمل، تعرفت خلالها على الكثير من الزملاء، لكنها لم تلتق بعد بالشخص الذى تقتنع به، ولم تتعجل فى قبول أول من تقدموا لخطبتها، لأنها تريد أن تتزوج بمن يقبلها كما هى، ويتقبل أن تضع صورها مع زملاء الجامعة والعمل على الفيسبوك، فهى مقتنعة بأن على الإنسان ألا يخجل من أى لحظة عاشها.
ترى فاطمة أن من حق الفتاة مثل الشاب، أن تضع صورها الخاصة على الفيسبوك، لأن العالم كله أصبح يوثق يومياته عن طريق الصور، كبديل للمذكرات التى كان يكتبها المراهقون فى الماضى، ومن خلال الصور يمكننا أن نعرف شخصياتنا على حقيقتها.
تقول فاطمة: زى مافيه شباب عايز بنت محافظة، فيه بنات عايزين شباب روش، وكتير من صديقاتى المتزوجات بينشروا صورهم على الفيس بوك فى كل الأماكن، وأحيانا مع الزوج والأولاد، ومابيحصلش مشاكل.
الموضوع ليس له علاقة بالفيسبوك فى حد ذاته، هذه مشاعرالتناقض التى يعانى منها الرجل الشرقى، قبل وبعد الفيس بوك، فهو الذى يذهب للفتاة غير المحجبة التى تعمل فى عمل شريف، ليطلب منها أن تتحجب وتترك العمل، قبل أن يتزوجها، رغم وجود الفتيات المحجبات اللاتى لا يعملن أمامه، ويمكنه أن يختار من بينهن ما تناسبه.
هكذا تعلق ماهيتاب إبراهيم، 23 سنة، التى تعمل فى مجال ترميم الآثار، على موقف تعرضت له، أيضا بسبب صورها على فيسبوك، عندما انتقد أحد من تقدموا لخطبتها صورة لها على صفحتها على الفيسبوك، من بين صور ألبومها الشخصى.
وردت ماهيتاب على العريس وقتها بسؤال: ليه ما تقدمتش لواحدة حاطة بدل صورتها وردة أو أى شعار تانى، وما عندهاش صور على الألبوم، وجيت لى أنا، ورغم أنه أجابها وقتها بأن السبب هو شعوره بميل عاطفى نحوها، فقد اكتشفت السبب فيما بعد.
ترى ماهيتاب أن الشاب الذى يريد فتاة محافظة، ولا يختار الفتاة التى لا تضع لها صورا على الفيس، قد جرب أن يقترب من إحداهن لكنه لم يفهم شيئا عن شخصية تلك الفتاة، التى لا تظهر على صفحتها إلا بعض المقولات المتداولة، أو الفيديوهات، وهو يخاف من أن يخدع فيها أو يصدم بالمجهول، فيأمن للصريحة التلقائية، ولكنه يريد بعد ذلك أن يشكلها على طريقته، لأنه لا يملك الشجاعة الكافية لأن يقبلها كما هى دون تغيير.